توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرافضون لارتداء الكمامة!

  مصر اليوم -

الرافضون لارتداء الكمامة

بقلم: عماد الدين حسين

قبل ثلاثة أسابيع، حضر نجار إلى منزلى من أجل بعض الإصلاحات العاجلة.
لم يكن مرتديا الكمامة. سألته: لماذا لا ترتديها؟!.. فقال: إنها تضايقنى و«تكبس على نفسى» وتجعلنى أشعر بالاختناق».
فى اليوم نفسه، اضطررت للتعامل مع سائق سيارة نقل صغيرة، ولم يكن ايضا يرتدى الكمامة. سألته عن السبب: فقال: «يا بيه ربنا هو الحارس والحافظ». قلت له ولكن ربنا طلب منا أن نأخذ بالأسباب، فرد على قائلا: «خليها على الله». جادلته كثيرا حتى أفهم منطقه، وسر ثقته المطلقة فى عدم الإصابة وهو لا يرتدى الكمامة، فلم أصل معه إلى نتيجة. منطقه الوحيد أن الله سوف يحميه طالما أنه متوكل عليه. قلت له ولكن الله قال لنا: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، فأصر على منطقه بطريقة أولاد البلد البسطاء مع بعض الفكاهة والفهلوة.
وحينما قلت له إن الله ينجى الكافر الذى يجيد السباحة ولا ينجى المؤمن الذى لا يجيدها، استغرب من كلامى، وأصر على موقفه.
مع هذا السائق كان هناك اثنان من الحمالين. الأول يزيد عمره عن ستين عاما ويضع على ذقنه كمامة قماشية سوداء. لكنها بعيدة تماما عن أنفه، والثانى شاب عشرينى لا يرتديها مطلقا. ومن الواضح أن الاثنين يؤمنان بنفس شعار سائق النقل وهو «خليها على الله»!
هذان النموذجان النجار وسائق النقل منتشران بكثافة فى الأرياف والمناطق الشعبية.
ومن خلال متابعة دقيقة للعديد من شوارع القاهرة الكبرى وبعض المحافظات التى زرتها أخيرا فى إطار العمل، فإن غالبية سائقى الميكروباصات يؤمنون بنفس الفكرة.
يوميا وخلال ذهابى للعمل، أتأمل كثيرا سلوك هذه الفئة. تقريبا نحو ٧٥٪ من السائقين يرتدون الكمامة، لكن ليس على أنوفهم، ولكن على ذقونهم فقط، والسبب الأساسى هو الخوف من الغرامة التى فرضتها الحكومة على كل من لا يرتديها فى وسائل المواصلات العامة والجماعية، وهى أربعة آلاف جنيه.
لكن غالبية الركاب فى الميكروباصات يرتدونها بطريقة صحيحة على أنوفهم.
فى الأيام الأولى لتطبيق ضرورة ارتداء الكمامة، كانت النسبة الغالبة من سائقى التاكسيات فى القاهرة الكبرى يرتدونها بطريقة صحيحة. بعدها بدأوا يتصرفون بطريقة النجار رافعين شعار «خليها على الله».
قبل أيام ركبت مع أحدهم، وحاولت إقناعه بأن يرتديها، لمصلحته الشخصية، لكنه لم يكن مقتنعا.
قلت له: ماذا ــ لا قدر الله ــ لو أصبت بفيروس كورونا، واضطررت للبحث عن سرير فى مستشفى عزل وهو أمر شبه مستحيل هذه الأيام، وماذا ستفعل أسرتك إذا توقف عملك، خصوصا أن عائد التاكسى هو مصدر الإنفاق الرئيسى على أسرتك؟!
الرجل اقتنع قليلا، وقام بوضع الكمامة، على فمه، وليس على أنفه!
بالامس تحدثت عن الذين يدركون اهمية الكمامة ويصرون على ارتدائها، لكن للأسف فإن ثقافة الكمامة وأهميتها لم تصل إلى بعض القطاعات فى الشارع المصرى، خصوصا المناطق الشعبية والريفية. بعض هؤلاء لا يصدق أن هناك فيروسا شرسا قاتلا اسمه كورونا أو «كوفيد ١٩»، وبعضهم يصدق أنها مؤامرة أمريكية أو صينية أو روسية أو إسرائيلية أو مؤامرة والسلام.
وفى منطقة شعبية بالجيزة وفى أول أيام الفتح، ورفع حظر التجول فإن اثنين فقط من المصلين ارتدوا كمامة وأخذوا سجادة خاصة بهم إلى المسجد.
وشاهدنا أغرب ما يمكن تخيله حينما لجأ بعض المواطنين إلى تدوير كمامة واحدة فيما بينهم، على أبواب المصالح الحكومية والبنوك. ولا أعرف هل يضحكون على انفسهم ام على المجتمع؟!!
إقتناع هؤلاء بأهمية الكمامة، وأنها يمكن أن تقاوم الفيروس وتقلل الإصابة به بنسبة تصل إلى ٨٠٪ كما يقول بعض العلماء، أمر ليس سهلا، لأنها ثقافة متأصلة وراسخة ونتيجة تراكمات لعقود طويلة.
لا أحد منهم يدرك خطورة المرض والفيروس إلا إذا أصيب به، أو أحد أقاربه الأعزاء، وحينما يحدث ذلك، يكون الوقت قد فات.
المجتمع بكل فئاته الفاعلة خصوصا وسائل الإعلام ورجال الدين الإسلامى والمسيحى وجميعات ومؤسسات المجتمع المدنى وأجهزة الدولة المختلفة، مطالب ببذل المزيد من الجهد لإقناع هذه الفئات ليس فقط بأهمية ارتداء الكمامة، لكن بالتصالح مع العلم وهجر الخرافة والتوكل على الله حق توكله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرافضون لارتداء الكمامة الرافضون لارتداء الكمامة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon