توقيت القاهرة المحلي 09:28:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقول المتظاهرين ضد كورونا

  مصر اليوم -

عقول المتظاهرين ضد كورونا

بقلم: عماد الدين حسين

كيف يمكن فهم ثقافة ووعى ودوافع بعض المصريين الذين تظاهروا قبل ايام فى شوارع الإسكندرية للدعاء على فيروس كورونا كى يختفى؟!!. وربما السؤال الأوسع هو: كيف يمكن تفسير سلوك وممارسات وطقوس العديد من المسلمين السنة والشيعة وبعض الإخوة المسيحيين، ورفضهم الالتزام بعدم المشاركة فى تجمعات كبيرة، كى لا يساهموا فى نقل الفيروس؟!.
من سوء الحظ أن أغلب من شاركوا فى المظاهرة قليلة العدد مقتنع فعلا، بأنه حينما يسب ويلعن ويهتف ضد الفيروس فربما يختفى فعلا، غير مدركين أن التظاهر الجماعى، سوف ينقل الفيروس إليهم ولا يقتله!.
هؤلاء ربما يعرفون أنه تم تعطيل كل الشعائر الدينية فى الإسلام والمسيحية والهيودية وسائر الأديان الوضعية.
ولو كانت الأدعية والتجمعات الدينية وحدها تمنع الوباء، ما تم إغلاق الحرم المكى والمدنية المنورة، وتعليق صلاة الجمعة فى غالبية البلدان الإسلامية بل والصلوات العادية صارت ممنوعة، لسبب بسيط أنه يكفى وجود شخص واحد مصاب بالفيروس لكى ينقل المرض لكل المصلين.
لو كان الأمر كذلك ما تم تعليق الصلوات فى الفاتيكان، وما قامت الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر بإغلاق الكنائس. وكذلك العديد من المعابد الدينية فى إسرائيل، ودول أخرى.
ما فعله مئات المتظاهرين المغرر بهم فى الإسكندرية لم يكن استثناء بالنسبة للمسلمين السنة، بل رأينا انعدام وعى فى نفس النقطة بالنسبة لغالبية الأديان والمذاهب.
بعض الإخوة الشيعة ظلوا أياما طويلة يرفضون عدم الذهاب إلى المراقد الشيعية خصوصا فى العراق، أو قم الإيرانية، بل إن المسئولين فى الدولتين رفضوا إغلاقها ظنا أن ذلك حرام أو ربما مكرر، وأغلب الظن حتى لا يسخروا قواعدهم الشعبية التى قام بعضها بلعق هذه المراقد!!.
ولم يوقفوا هذه الزيارات لأيام حتى بعد أن صارت إيران عموما وقم خصوصا بؤرة لانتشار الفيروس، وكانت المشكلة الكبرى أن إيران لم تختم جوازات سفرهم، وهم لم يبلغوا بلدانهم بذهابهم إلى إيران والنتيجة، أن دولا خليجية اتهمت إيران علنا بأنها نقلت الفيروس عامدة متعمدة إليهم. والأسوأ أن هؤلاء المواطنين لا يدركون أنهم ارتكبوا خطأ كبيرا فى حق أنفسهم وحق بلدانهم.
بعض الإخوة المسيحيين تجادلوا بشأن الإجابة على سؤال: هل يستمرون فى شعيرة «التناول» طبقا لما هو وارد فى المسيحية أم يوقفونها حتى لا تنتقل العدوى بينهم أثناء ممارسة هذا الطقس؟!.
الجدل بين هؤلاء يشبه تماما الجدل بين السنة والشيعة بشأن العديد من الموضوعات الخلافية. الأمر نفسه تكرر بين بعض أنصار الطرق الصوفية. فقد رأينا هؤلاء يرفضون تماما وقف الاحتفال بالموالد. وسمعنا قيادة صوفية كبيرة تقول إن وقف الموالد يعنى إغضاب «أولياء الله الصالحين»، خصوصا مولد السيدة زينب. وحينما جد الجد، وقررت أجهزة الأمن وقف الاحتفال بالموالد، سمعنا قادة هذه الطرق الصوفية يشيدون بالقرار الأمنى ويعتبرونه خطوة حكيمة للحفاظ على أرواح المسلمين!.
هذا الفرق فى الشكليات والطقوس الدينية لم يكن حكرا على المذاهب الإسلامية فقط، بل تكررت أيضا فى العديد من الأديان الوضعية فى العالم بأكمله، لكن الفارق أن معظم أتباع هذه الأديان استجابوا لطلب حكوماتهم فورا، وتوقفوا عن الذهاب إلى دور العبادة، وربما السبب فى ذلك يعود إلى أن المتطرفين فى هذه البلدان الأخرى ليس كبيرا مثلما هو موجود فى منطقتنا العربية والإسلامية. وربما المفاجأة الوحيدة كانت فى تصرف قيادة «داعش» التى أخذت بالأسباب ونصحت أتباعها بعدم الذهاب إلى أوروبا باعتبارها «أرض الوباء»!!.
ما الذى ينبغى أن نستفيده ونستخلصه من هذه السلوكيات فى بلداننا العربية والإسلامية؟!
فى ظنى أن غالبية القوى والتنظيمات الدينية المتطرفة والمعتدلة فى الوطن العربى، تحتاج إلى إعادة النظر فى أفكارها ومبادئها، لأن معظمها باختصار تخاصم العقل والمنطق. هى تركز على الشكل والطقوس، وتهمل الجوهر والمضمون.
تركز على طريقة تقبيل المراقد والأحجار، وتنسى تماما صلب الدين الإسلامى المتمثل فى العدل والرحمة والإنسانية والتكافل. غالبية تنظيماتنا وفصائلنا الدينية غارقة فى الماضى السحيق، وحتى حينما تغرق فى هذا الماضى، فإنها لا تختار الأفضل، بل الشكلى والطقسى.
الخطورة أن هذه التنظيمات لديها أتباع كثيرون، وبالتالى تقوم بعمليات غسيل أدمغة لهم وتحولهم إلى نوعيات من تلك التى رأيناها قبل أيام فى شوارع الإسكندرية وهم يهتفون ضد فيروس كورونا. معتقدين أنهم سوف يقضون عليه، بهذه الطريقة!
سامحهم الله فقد أساءوا للإسلام وللمسلمين فى كل العالم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقول المتظاهرين ضد كورونا عقول المتظاهرين ضد كورونا



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon