توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية أسياخ الكفتة في ليمان طره!

  مصر اليوم -

حكاية أسياخ الكفتة في ليمان طره

بقلم: عماد الدين حسين

يوم الإثنين الماضى نظمت وزارة الداخلية المنتدى الثالث للسجون المصرية فى مجمع سجون طره، وشارك فيه عدد كبير من الإعلاميين المصريين، ضم غالبية رؤساء التحرير وكبار الكُتاب ومقدمى البرامج الفضائية الكبرى. قبل انعقاد المنتدى، نظمت إدارة السجن جولة ميدانية للإعلاميين فى العديد من أقسام مجمع السجون.

خلال الجولة كان هناك ركن يقف فيه شخص يقوم بعمل «الكفتة المشوية» فى شواية تبدو جديدة تماما. وبجواره كان هناك شخص يبيع فواكه متنوعة، وخلفهما ما يشبه «الكانتين» الذى يبيع السلع المختلفة التى يمكن أن تجدها فى أى بقالة أو سوبر ماركت.
فى هذه اللحظة كان يقف بجوارى الزميلان محمد على خير، ونشأت الديهى. سألنا بعض المرافقين عن حكاية الكفتة فكانت الإجابة التالية:

الأكل فى السجون نوعان: النوع الرئيسى وهو الوجبات المقررة للجميع طبقا لتعليمات معهد التغذية القومى، ولائحة السجون. وحينما دخلنا مطبخ سجن عنبر مزرعة طره، وجدنا جدول الوجبات الثلاث معلقا على الحائط بعنوان فرعى يقول: «مادة ٢ من قرار ٦٩١ لسنة ١٩٩٨ مقرر المسجون العادى بالجرام، والمعدلة بالقرار ٤٦٨ لسنة ٢٠١٧».

فى هذا الجدول يسمح للمسجون أن يتناول فى وجبة الإفطار عدد واحد رغيف وخمسين جراما من الحلاوة الطحينية وخمسين جراما من الفول فى يوم السبت، وفى الأحد نفس الأمر، لكن هناك أربعين جراما من الجبنة البيضاء بدلا من الفول، وفى يوم الثلاثاء هناك بيضتان مسلوقتان بدلا من الفول، وهكذا لبقية الأيام أى هناك صنفان فى الإفطار كل يوم، ويمكن الاستعاضة عن الحلاوة الطحينية بصنف بسكويت عجوة كما هو موضح فى خانة الملاحظات أسفل الجدول.

فى وجبة الغداء هناك أصناف ثابتة هى ١٠٠ جرام أرز و١٥٠ جراما خضار مطبوخ و٣٠ جراما زيت و١٫٥ جرام بصل و٥ جرامات توابل ورغيف واحد.

يوم الأحد مثلا هناك ٧٥ جراما من الفاصوليا و١٥٠ جراما من الفاكهة. وفى هذين اليومين لا توجد لحوم. وفى يوم الإثنين هناك ١٥٠ جراما من اللحوم، و١٥٠ جراما من الفاكهة ومثلها يوم الخميس أى إن اللحوم متوافرة يومين فقط، ويمكن الاستعاضة عنها بالفراخ. والخضار المطبوخ متوافر ثلاثة أيام والفول والعدس والفاصوليا متوافر يوما واحد فقط، والصلصة أربعة أيام والفاكهة خمسة أيام.

ووجبة العشاء أخف إلى حد كبير مقارنة بالغداء. وقد رأيت بعينى ومعى الزملاء تجهيز اللحوم لوجبة الغداء خلال الزيارة، وكنت أتمنى أن أرى تناول المساجين للأكل على أرض الواقع.

ما سبق هو نوعية الطعام التى يتلقاها جميع نزلاء السجون الغنى والفقير، الوزير السابق والخفير الحالى، الرأسمالى والاشتراكى، الإخوانى والداعشى، الجنائى والسياسى.

النوع الثانى من الأكل هو «الكانتين» الخاص لمن لا يريد أن يتناول الأكل المقنن رسميا. من حق كل سجين أن يضع أهله وأقاربه مبالغ مالية محددة فى هذا الكانتين. هو لا يحصل على الأموال مباشرة فى يديه، بل يحصل عليها عبارة عن بونات، ويقوم كل سجين عبر هذه البونات بشراء ما يلزمه من نوعيات الأكل والفاكهة والمشروبات المتاحة فى هذا الكانتين.

ومن بين هذه المأكولات الكفتة والمشويات، التى يشتريها النزلاء بفلوسهم الخاصة المودعة فى الكانتين.

من الذى يشترى هذه النوعية المتميزة من الأكل؟!.

ببساطة كل من معه نقود يستطيع أن يفعل ذلك. سواء كان سياسيا أو زعيم جماعة دينية أو تاجر مخدرات، وبالتالى فالأمر ليس خاصا بالسياسة. وقد سمعت قصصا فى الماضى والحاضر عن مساجين فى قضايا سياسية متنوعة لا يأكلون إلا من الكانتين، ولن أذكر أسماء محددة، حتى لا يبدو الأمر تشهيرا بأشخاص.

حينما انتهت الجولة كان البعض يختزل الجولة كلها فى الكفتة وأسياخها الجديدة والباربكيو، وهذا أمر طبيعى فى المناكفة السياسية، خصوصا أن هؤلاء اعتقدوا أن المشهد برمته مصنوع من أجل الدعاية. وربما لم يكن اخراج مشهد الكفتة جيدا،خصوصا ان كثيرين فهموا ان مصلحة السجون ارادت تصوير الامر، وكأن جميع المساجين يتناولون الكفتة المشوية!!. للاسف لم يفكر أحد فى معرفة الحقيقة، وأن الكفتة للبيع لمن يملك المال فقط، مثلها مثل سلع كثيرة ينتجها المساجين وتحقق عائدات جيدة مثل الأثاث والمنتجات الحيوانية والزراعية.

موضوع الكفتة وأسياخها الجديدة قد يصلح مادة للجدل والمناكفة على وسائل التواصل الاجتماعى. لكن السؤال الذى يفترض أن يشغل الناس أكثر، هو حال المساجين، وكيف تتم معاملتهم، وليس فقط هل يتناولون الكفتة المشوية أم الفول المدمس؟! وهو سؤال أرجو أن أعود إليه لاحقا إن شاء الله من زوايا مختلفة تحاول أن تناقش الأمر بهدوء وموضوعية.

وقد يهمك أيضًا:

هذا النظام الطائفى المتجذر

الصحافة الجيدة.. وماذا سنقول للأجيال الجديدة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية أسياخ الكفتة في ليمان طره حكاية أسياخ الكفتة في ليمان طره



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon