بقلم: عماد الدين حسين
«س. ى» لديه سيارة فان صغيرة اتفق مع مجموعة من الأسر فى بداية العام الدراسى على نقل أولادهم الصغار فى المرحلة الابتدائية من البيت للمدرسة والعكس يوميا ،بمقابل يتراوح ما بين ٥٠٠ و٧٥٠ جنيها للتلميذ شهريا.
حينما توقفت الدراسة بسبب فيروس كورونا، انقطع رزق ومصدر دخله الرئيسى، فماذا يفعل هذا الرجل؟!.
هو يواجه مشكلة كبيرة فى تحصيل مصدر دخله، خصوصا أنه يدفع أقساطا منتظمة للسيارة. هو يقول إنه حتى لو فكر فى تغيير النشاط، وتحويل السيارة إلى أجرة على أحد الخطوط داخل القاهرة، فإن ذلك يحتاج وقتا ورسوما.
ورغم ذلك تظل مشكلة هذا السائق أقل حدة من آخرين. فهو فى النهاية يملك مصدر رزقه الأساسى وهو السيارة، لكن هناك فئات أخرى كثيرة ستدفع الثمن الأكبر لهذه المشكلة الكبرى التى لا تعانى منها مصر فقط، ولكن معظم بلدان العالم.
العمالة اليومية التى تعمل يوما بيوم، هى الأكثر تضررا، خصوصا تلك التى لا تملك تأمينات اجتماعية.
فى المقدمة يأتى سائقو التاكسيات والميكروباصات والأوبر وكريم والتكاتك وكل العمالة فى مجالات الترفيه خصوصا السينما والمسرح والنوادى وعمال الدليفرى و«الشيالين» والباعة السريحة وعمال التراحيل والعاملون فى المولات الكبرى والمتاجر الصغيرة وغالبية العاملين باليومية فى قطاع المقاولات.
هناك تقديرات تقول إن عدد هؤلاء فى مصر يمكن أن يصل إلى ربع العمالة الشاملة والتى تقترب من ٣٠ مليون شخص، ولنفترض أنهم أقل من ذلك بكثير أى أربعة أو خمسة ملايين شخص وليسوا ٧.٥ مليون، فمعنى ذلك أنهم مسئولون عن أكثر من نحو ١٥ــ٢٠ مليون شخص باعتبار أن كل رب أسرة مسئول عن ثلاثة أو أربعة أشخاص، فى المتوسط. السؤال: ماذا سنفعل مع هؤلاء الذين صاروا متعطلين عن العمل قسريا بفعل تداعيات كورونا، وربما يزيد العدد إذا تم تعليق كل النشاط الاقتصادى وفرض حظر التجول فى حالة شراسة الفيروس لا قدر الله؟!.
بعض الزملاء الإعلاميين والخبراء الاقتصاديين تحدثوا فى هذا الموضوع، وتساءلوا عن مدى وجود خطة محددة للتعامل مع هذه المشكلة إذا استمر الأمر على حاله.
الحكومة أعلنت الأسبوع الماضى عن رصد مائة مليار جنيه للتعامل مع تداعيات كورونا على الاقتصاد المصرى، فهل سيكون هناك نصيب لهذه الفئات فى مثل هذه الخطة؟!.
الرئيس عبدالفتاح السيسى اجتمع مع محافظ البنك المركزى طارق عامر، ووزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج، يوم السبت الماضى لبحث هذه المشكلة.
والحكومة أعلنت قبل أيام أنه سيتم صرف ٥٠٠ جنيه لنحو ٣٠٠ ألف عامل يومية.
هذه بداية جيدة من الحكومة. لكن لم أفهم، هل ذلك سيكون لمرة واحدة أو يستمر حتى تنتهى الأزمة؟.
والسؤال الآخر هل لدينا حصر كامل لهذه الفئات وكل ما يتعلق بهم من بيانات خصوصا فى جانبها الاجتماعى، ولماذا فقط ٣٠٠ ألف أسرة؟!.
الإعلامى محمد على خير قال إنه لو ظل هؤلاء فى بيوتهم ليوم واحد من دون عمل لماتوا جوعا، وبالتالى فالمطلوب مبادرات تساعدهم على مواجهة هذه الظروف الصعبة.
فى تقديرى أن الحكومة تصرفت بصورة صحيحة جدا فى معظم الملفات المرتبطة بكورونا من بداية الأزمة. هى تحركت بسرعة خصوصا فى قرارات البنك المركزى ودعم المصدرين والسياحة والمستثمرين، رئيس الحكومة قال: «إن حياة المصريين أغلى من أى خسائر اقتصادية»، هذا كلام جميل جدا، مطلوب ترجمته إلى قرارات مستمرة، فيما يتعلق بهذه الفئات الفقيرة جدا، وأن نحض القادرين على مبادرات لدعمهم، وأن نفكر فى بقية القطاعات التى تحتاج الدعم وأن ندرس ماذا فعل العالم من حولنا فى نفس المشكلة، وهل هناك حلول أخرى يمكن أن تفيدنا؟.
والسؤال الاهم اذا كنا نريد دعم ومساعدة العمالة الاكثر تضررا ،اليس مهما ايضا ان ندعم الشركات عموما والصغيرة خصوصا،لانها لو افلست ستكون النتيجة الفورية هي جلوس العاملين فيها داخل منازلهم؟!.