بقلم: عماد الدين حسين
هل هناك مفاجآت فى التعديل الوزارى الجديد الذى وافق عليه مجلس النواب ظهر أمس، وتضمن تعيين عشرة وزراء جدد أو أضيفت لهم حقائب جديدة، إضافة لتعيين ١١ نائبا للوزراء.
فى تقديرى المفاجآت ليست كثيرة، خصوصا التى قورنت بتوقعات سادت قبل نحو شهر بأنه ستكون هناك حكومة جديدة، ورغم عدم وجود مفاجآت كبيرة، فإن هناك مجموعة من الملاحظات أبرزها الآتى:
خروج وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى الدكتورة سحر نصر، بل وإلغاء الوزارة من الأساس، وإلحاقها بمجلس الوزراء على أن يتولاها د. مصطفى مدبولى بنفسه، هذا التطور يشير إما إلى إيلاء أهمية كبرى للاستثمار فى المرحلة المقبلة، بحيث يشرف عليه رئيس الوزراء بنفسه، أو أن الدكتورة سحر نصر لم تتمكن من تحقيق إنجازات كافية تبرر استمرارها. قضية تنشيط الاستثمار ليست متعلقة بشخص الوزير أو وجود وزارة أو هيئة أو إدارة عليا. هى تتطلب أساسا رؤية ومناخا وبيئة وسياسات وإرادة دولة، حتى يمكن كسر هذه الحالة الصعبة منذ عشرات السنين.
الملاحظة الثانية هى إدماج وزارة السياحة فى وزارة الآثار، وهى مفاجأة، خصوصا أن الدكتورة رانيا المشاط كانت الأفضل أداء وتمكنت من تحقيق طفرة حقيقية أعادت فيها السياحة إلى معدلات ٢٠١٠.
وبالتالى يمكن فهم هذا التغيير فى ضوء عاملين، الأول الاستفادة من خبرة المشاط لتحقيق طفرة مماثلة فى وزارة التعاون الدولى التى كانت ملحقة بوزارة التخطيط، علما بأن «التعاون الدولى» أقرب إلى مجال عمل المشاط التى سبق لها تولى مناصب مهمة فى البنك المركزى ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد، ويمكن فهم الدمج لربط السياحة بالآثار، مع الاستعداد المكثف لافتتاح المتحف المصرى الكبير فى أواخر العام المقبل، والذى تراهن عليه مصر لجذب المزيد من السائحين.
الملاحظة الثالثة هى فصل ملف الإصلاح الإدارى عن وزارة التخطيط، وإضافة ملف التنمية الاقتصادية إليها. والملفت للنظر أن ملف الإصلاح الإدارى صار فى عهدة رئيس الوزراء أيضا، فى حين أن هذا الملف يفترص أن يحتل مكان الصدارة فى المرحلة المقبلة، وربما كان يتطلب وزيرا بمفرده حتى يتمكن من تحقيق اختراق كبير فيه نظرا لصعوبته وتشابكه.
الملاحظة الرابعة هى عودة وزارة الإعلام حتى لو كانت وزارة دولة، المفارقة أن غالبية صلاحيات الوزير والوزارة قد ذهبت إلى رئيس المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام، بل إن آخر ١٣ موظفا كانوا على ذمة الوزارة، تم توزيعهم قبل أسابيع على هذه الهيئات، وبالتالى فالسؤال الجوهرى هو: ماذا سيفعل الوزير الجديد الصديق العزيز أسامة هيكل؟!.
أظن أن مهمته الجوهرية ستكون الدفاع عن وجهة نظر الدولة، خصوصا فى القضايا الكبرى، إلى أن يحسم النقاش حول كيفية إعادة بعض الصلاحيات إلى وزارته، علما أن ذلك قد يتطلب تعديلا دستوريا، وهو أمر شبه مستبعد، لكن فى كل الأحوال فأسامة هيكل ليس بعيدا عن الإعلام، فهو تولى المنصب عقب ثورة يناير، كما أنه مارس العمل الصحفى من أول درجة محرر إلى رئيس تحرير، ونتمنى أن يساعد فى إعادة الدماء العفية لشرايين الإعلام المتيبسة، باعتبار أن الإعلام المصرى إحدى أهم أدوات القوة الناعمة للدولة المصرية.
الملاحظة الخامسة هى أن اختيار عمر مروان وزيرا للعدل ليس مستغربا، فالرجل كان همزة الوصل بين البرلمان والحكومة فى منصبه الأخير، وزير دولة للشئون النيابية، ثم إنه من وجهة نظر الحكومة قد حقق إنجازا مهما فى عرض ملف حقوق الإنسان أمام الأمم المتحدة فى جنيف قبل أسابيع قليلة.
والملاحظة السادسة هى أن اختيار نيفين القباج وزيرة للتضامن الاجتماعى كان متوقعا بنسبة ٩٥٪ تقريبا، وقابلتها وقدمت لها التهنئة مع منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، وكان الله فى عونها لأن الوزيرة السابقة د. غادة والى حققت إنجازات كثيرة فى هذه الوزارة على مختلف الأصعدة.
والملاحظة السابعة أن اختيار د. نيفين جامع كوزيرة للصناعة، لم يكن مفاجئا وكان معروفا فى أوساط كثير من الإعلاميين منذ أكثر من شهر.
والملاحظة الثامنة أن اختيار محمد القصير وزيرا للزراعة ليس مفاجئا أيضا، باعتبار أنه كان يرأس بنك التنمية والائتمان الزراعى، والملاحظة هنا هى كثرة تغيير وزارة الزراعة فى السنوات الأخيرة مما يشير إلى عدم توفيق معظمهم فى أداء عملهم.
كل التمنيات الطيبة للوزراء الجدد وكذلك لنواب الوزراء الجدد، الذين نأمل أن يكونوا كوادر حقيقية قادرة على تولى مسئوليات أعلى فى المرحلة المقبلة، وكل الشكر والتقدير للوزراء المغادرين، وختاما فإن الأهم دائما ليس أشخاص الوزراء أو أسماءهم، المهم أولا وأخيرا السياسات ثم السياسات ثم السياسات، وبعدها تأتى الأسماء.