بقلم : عماد الدين حسين
إلى رجال الشرطة جنودا وأمناء وضباطا: كان الله فى عونكم، لأننى أعلم تماما حجم الضغط النفسى والجسدى الملقى على عاتقكم فى هذه الأيام الصعبة.
السطور التالية هى تمنيات مواطن مصرى بأن تمر الأزمة الأخيرة على خير وفورا، أو فى أقرب وقت ممكن، ومن دون خسارة، أو بأقل الخسائر الممكنة.
أنتم الموجودون فى الشوارع والميادين ليل نهار، أنتم المنوط بكم تحقيق الأمن والاستقرار، وهى مهمة نبيلة جدا، وكل ما أرجوه وأنتم تؤدون هذه المهمة، أن يكون ذلك على أتم وجه، حتى لا يتسبب سوء تصرف أو سلوك خاطئ أو مزاج منحرف لشخص أو مجموعة أشخاص قليلة فى الإساءة إلى كل رجال الشرطة، كما حدث يوم 28 يناير 2011.
يوم الجمعة قبل الماضى، كان السلوك العام لرجال الشرطة فى الشوارع والميادين، بكل الأماكن التى شهدت مظاهرات بالقاهرة والمحافظات نموذجا للتعامل المتحضر والراقى إلى حد كبير، وهو ما أكده بيان النائب العام المستشار حمادة الصاوى، يوم الخميس الماضى. والحمد لله لم تقع أى إصابات تذكر. فى حين أن بعض المتربصين والكارهين راهن على حمام دم، أو حتى مجرد قتيل واحد، كى تشتعل الأحداث وتستمر دوامة الدم.
كل ما أرجوه أن يستمر هذا التعامل دائما سواء كانت هناك مظاهرات أو مجرد تعامل عادى. لا أعتقد أن هناك عاقلا يقبل بالفوضى أو العنف أو التخريب، وبالتالى، فإن أى متظاهر يلجأ إلى ذلك، فالمفترض أن يتم التعامل معه بكل قوة فى إطار القانون. والأمر نفسه لكل من يحرض على التخريب أو الإرهاب.
فى المقابل فإن ما أود التركيز عليه هو الرسالة التى يفترض أن تصل من الشرطة إلى المواطنين، فى الشوارع والميادين هذه الأيام، وجوهرها «إننا معكم ومهمتنا هى حفظ الأمن والاستقرار، لكى تعيشوا بأمان».
على أرض الواقع بدأت الشرطة تفتيش بعض المارة فى الشوارع والميادين للتأكد من سلامة مواقفهم القانونية. هو أمر قانونى تماما ولا يمكن أن يرفضه إلا خائف من القانون، لكن المهم هو كيف يتم هذا التعامل؟!!.
غالبية رجال الشرطة يتعاملون برقى وتحضر، لكن هناك قلة تسىء إلى المجموع، وكلماتى التالية موجهة لهذه القلة.
حينما يتم توقيف أو سؤال مواطن أو شاب فى أى شارع أو ميدان فالمفترض أنه برىء، وهدف السؤال هو التحقق، وفى معظم الأحيان يتم ترك هذا المواطن يواصل طريقه إلا إذا كان مخالفا.
المشكلة تكمن فى أن قلة من رجال الشرطة تتعامل بسادية مع المواطنين فى طريقة السؤال، وطريقة تفتيش الهواتف المحمولة التى لا أعرف مدى قانونيتها.
ما دفعنى للكتابة اليوم هى حالة أعرفها جيدا لشاب تم معاملته بقسوة فى ميدان التحرير، فى منتصف الأسبوع الماضى. هو شاب صغير السن لم يتجاوز الـ18 عاما و«ليس له فى الثور ولا فى الطحين»!!، ولا يعرف أساسا ما يحدث فى الشارع من مظاهرات أو غيرها. والنتيجة أن البلد بأكملها خسرت هذا الشاب، الذى تعرض لإهانة بالغة، وأغلب الظن أنه لن ينساها هو وأسرته أو أصدقاؤه. وهذا هو مربط الفرس الذى دعانى للكتابة عن هذا الموضوع. الأمر ليس شخصيا أو متعلقا بحالة هنا أو هناك. لأن أمين شرطة أو ضابط غير مؤهل نفسيا للتعامل مع الناس، كفيل بأن يحول بعض الأبرياء إلى كارهين وحاقدين على الشرطة والحكومة والنظام والمجتمع بأكمله.
مرة ثانية أعرف حجم الضغوط الملقاة على عاتق رجال الشرطة فى مثل تلك الأحداث، لكن ابتسامة واحدة قد تكفى لتعزيز ثقة شاب أو مواطن فى نفسه وشرطته وحكومته وبلده والعكس صحيح.
لو أن هذا الجندى أو الأمين اوالضابط، لا يستطيع الابتسامة، فلتكن ملامح وجهه حيادية، ولا يقوم بإهانة وتهديد من يسأله أو يفتشه.
كل التوفيق لرجال الشرطة فى مهمتهم لتحقيق الأمن والاستقرار فى هذا البلد.
وكان الله فى عون كل جندى أو أمين شرطة أو ضابط يؤدى مهمته بشرف واحترام وإنسانية هذه الأيام.
مرة أخرى أعرف أن غالبية رجال الشرطة أسوياء، كما أن الغالبية العظمى من المواطنين أبرياء، وبالتالى فعلينا أن نحافظ على العلاقة الطيبة بين الطرفين، والهدف الجوهرى العاجل هذه الأيام ألا نقدم بعض المواطنين الأبرياء، إلى صفوف المتطرفين والمحرضين والإرهابيين والظلاميين.