بقلم: عماد الدين حسين
«لا السعودية، ولا العالم سوف يعودان لما كان عليه قبل أزمة كورونا».
قائل هذه العبارة هو وزير المالية السعودى محمد الجدعان فى حوار مع قناة العربية مساء يوم السبت الماضى «٢ مايو».
قال أيضا: المملكة سوف تتخذ إجراءات صارمة جدا وقد تكون مؤلمة جدا أيضا، وجميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع الأزمة، ويجب أن تنخفض مصروفات الميزانية بشدة والحد من النفقات».
الوزير قال إن أثار الفيروس الحقيقية ستظهر فى الربع الثانى للموازنة وما بعده، وأننا سننظر فى تخفيض النفقات من المشاريع سواء الكبرى أو بعض «برامج تحقيق الرؤية» وكذلك مشاريع السفر والانتدابات، وننوى اقتراض ٢٢٠ مليار ريال لسد العجز فى الموازنة، بسبب تراجع الإيرادات كثيرا خصوصا انخفاض سعر برميل النفط إلى ٢٠ دولارا بعد أن كان سعره ٦٠ دولارا فى بداية العام.
وتوقع الوزير استمرار الصدمة الاقتصادية وبالتالى التخطيط لما هو أسوأ، رغم قوله إن حكومته اتخذت العديد من الإجراءات السريعة وحزم التحفيز للتقليل من آثار الأزمة.
هذا هو أهم ما جاء فى كلام وزير المالية السعودى، وحاولت أن أنقل فقرات كاملة منه، لأن قائله ليس شخصا عاديا، وليس وزيرا فى دولة فقيرة، بل فى السعودية أغنى دولة عربية والتى تأتى فى مقدمة دول العالم تصديرا للنفط.
وبالتالى حينما تقول السعودية هذا الكلام، فعلينا أن ندرك أن الأزمة كبيرة وباقية وقد تتمدد لفترات طويلة.
السؤال: هل ذلك ينطبق على السعودية فقط؟!
الإجابة بالقطع هى لا، بل ربما يكن السؤال هو: إذا كانت السعودية تقول هذا الكلام، فماذا يكون حال بقية الدول؟!.
فى نفس اليوم الذى تحدث فيه وزير المالية السعودى، كانت الحكومة الجزائرية تتخذ حزمة من الإجراءات التقشفية أهمها خفض الإنفاق العام إلى ٥٠٪ بدلا من النسبة المقررة سابقا وهى ٣٠٪.
وفى نفس اليوم كشفت شبكة بلومبيرج عن أن أكبر شركة طاقة فى إسرائيل وهى ديليك ربما لن تكن قادرة على الاستمرار، بعد أن تراجع سهمها فى البورصة بنسبة ٧٠٪ وارتفعت ديونها إلى ٢٫٨ مليار دولار وخفضت نفقاتها بنسبة ٥٠٪.
وأحد كبار المستشارين فى البيت الأبيض، قال قبل أيام إن الأزمة التى يواجهها الاقتصاد الأمريكى أسوأ من تلك التى حدثت أيام الكساد الكبير عام ١٩٢٩.
فى نفس اليوم أصدر مجلس النواب المصرى قانونا بصفة مبدئية بفرض رسوما لتنمية مواد الدولة ويتضمن زيادة الرسوم المفروضة على بعض البنود خصوصا البنزين والسولار وعقود وشراء اللاعبين والأجهزة الفنية والشركات الرياضية والتبغ وأغذية الكلاب والقطط وأجهزة التليفون المحمول وجميع الإكسسوارات الخاصة به، وكل صحيفة من صور المحررات الرسمية من الشهر العقارى.
فى نفس اليوم أيضا وداخل مجلس النواب قالت وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد إنه لو استمرت الأزمة كما هى حتى منتصف العام المالى المقبل فسوف تنخفض الاستثمارات بنسبة ٣٠٪، وإذا استمرت حتى ديسمبر المقبل فسوف ينخفض معدل النمو المتوقع إلى ٢٪.
النماذج السابقة من السعودية والجزائر وإسرائيل ومصر، تكاد تكون متكررة، وربما بصورة أكبر وأسوأ فى غالبية بلدان العالم، بما فيها بلدان مصنفة قوية وكبرى، والسبب أن الضربة كانت قوية ومفاجئة للجميع.
ورأينا العديد من الشركات الكبرى فى دول متقدمة وغنية خصوصا فى الطيران والسياحة تعلن إفلاسها مثلما حدث فى شركة طيران فيرجن فى أستراليا.
إذا الجميع سوف يتأثر الآن أو غدا، لكن الفارق سيكون فى الدرجة ويتوقف على مدى استعداد كل دولة للتعامل مع الآثار المتوقفة، وهل لديها رؤية واضحة وسياسات محددة للمواجهة أم ستترك الأمور للصدف والعشوائية؟!.