توقيت القاهرة المحلي 08:55:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اختلف مع النظام.. لكن لا تشمت فى البلد!

  مصر اليوم -

اختلف مع النظام لكن لا تشمت فى البلد

بقلم: عماد الدين حسين

سؤال نظرى جدا: هل إذا فشلت المفاوضات المصرية الإثيوبية بشأن سد النهضة، سيكون معارضو الحكومة والنظام سعداء، حتى يقنعوا أنفسهم وغيرهم، بأن وجهة نظرهم كانت صحيحة منذ البداية؟!
أطرح هذا السؤال، لأننى فى الأسابيع الأخيرة لاحظت من خلال متابعة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعى بالاساس، أن جزءا لا بأس به من المعارضين للنظام سعداء بتعثر المفاوضات مع إثيوبيا والسودان، وبعضهم من طريقة كلامه وتعليقاته لا يتمنى الخير لبلده حتى لا يتحقق على يد هذا النظام الحالى!!
سؤالى لا أطرحه بصيغة الاستنكار، ولكن بصيغة الاستفهام، وأكره التعميم لأننى أعرف أيضا معارضين للنظام، لكنهم لم يصلوا إلى هذه الحالة المرضية من تمنى السوء والشر لبلدهم، خوفا أن لا يأتى الخير على يد الحكومة!!
من خلال متابعاتى لمواقع التواصل الاجتماعى، فإن عددا كبيرا من هؤلاء المعارضين، لا يبحث إلا عما يسىء للحكومة فى مفاوضات سد النهضة.
فى كل البيانات التى صدرت عن وزارتى الخارجية والرى أو أى جهة مصرية بشأن المفاوضات، فإن هذا الفريق لا يبحث إلا عن كلمة هنا أو هناك، ليثبت أن موقف الحكومة ضعيف، أو أنها تنازلت!
هذا الفريق لم يلتفت مثلا طوال المفاوضات منذ انتقالها إلى واشنطن، إلى أن إثيوبيا مثلا قبلت بالعديد من المواقف المصرية الجوهرية، خصوصا فكرة أن يكون ملء السد طبقا لإيراد النهر، وليس بعدد سنوات معين، أو أن إثيوبيا وافقت على تعريف محدد لحالة الجفاف والجفاف الممتد، وأن الملء سيكون متوافقا مع هذا التعريف. أو أن معارضة إثيوبيا للاتفاق الذى وقّعته مصر بالأحرف الأولى، يعنى أن مصر لم تتنازل طوال المفاوضات.
هذه نقاط فى غاية الأهمية نجح الفريق المصرى فى الوصول إليها، لكنها للأسف لم تجد أى ترحيب من المعارضين.
قد يسألنى البعض ساخرا: وهل معنى كلامك أنك ترى أن الحكومة المصرية كانت «كاملة الأوصاف» خلال كل مراحل التفاوض؟!
إجابتى الواضحة التى عبّرت عنها هنا أكثر من مرة هى لا، كانت هناك ثغرات قاتلة، وقلت بوضوح إننا كان ينبغى علينا إشهار «العين الحمرا» لإثيوبيا، بصورة واضحة حتى لا نصل إلى هذا المأزق.
لكن هناك فارقا كبيرا بين أن أعارض بعض الأفكار وطرق الحل، وبين أن أتمنى أن يكون كل شىء «ضلمة» حتى أثبت بأن الحكومة «غلطانة ومفرطة»!
أنصار هذا الفريق يتعاملون مع المشكلة باعتبارها خناقة بين شخصين أو عائلتين، وينسون تماما أن أحد الأسباب الأساسية لضعف موقفنا التفاوضى، يرجع بالأساس إلى أننا فقدنا العديد من أوراق الضغط بصورة تدريجية منذ سنوات، وليس فقط هذه الأيام والشهور.
خلافاتنا مع إثيوبيا بشأن مياه النيل قديمة جدا، حتى قبل أن يكون هناك تفكير لديهم بشأن السد، وهم يخططون مع بعض دول الحوض منذ سنوات طويلة من أجل هدفين أساسيين الأول ألا يكون لمصر حق الفيتو المسبق على بناء السدود، والثانى نسف فكرة أن تحصل مصر على حصتها التاريخية أى ٥٥.٥ مليار متر مكعب، ويرفعون بدلا من ذك مبدأ التوزيع العادل والمنصف الذى يعنى من وجهة نظرهم إعادة تقسيم مياه النيل بصورة مختلفة.
إذن المشكلة ليس سببها هذه الحكومة أو هذا النظام فقط، هى لم تنشأ الآن، والموضوعية تحتم على كل من يتصدى لهذه المشكلة أن يعرف تفاصيلها وخلفياتها بدلا من الإفتاء بغير علم.
مرة أخرى كلامى بأكمله لا يعفى الحكومات المصرية الأخيرة من ارتكاب العديد من الأخطاء، فى ملف التفاوض، لكن لا يعنى ذلك أن يفرح البعض لوجود تعثر أو يصطاد كلمة أو تعبير من مسئول إثيوبى غامض، كى يشكك فى موقف بلاده وحكومته.
أتمنى أن أكون مغاليا فى هواجسى، لكن للأسف فتلك لم تكن المرة الأولى. نتذكر جميعا أن بعض المعارضين أعلنوا بوضوح أنهم فرحوا فى هزيمة بلدهم أمام إسرائيل فى ٥ يونيو ١٩٦٧. وبرروا موقفهم وقتها بأن جمال عبدالناصر سجنهم وعذبهم، وبعضهم للأسف قال إنه سجد لله شكرا على هذه الهزيمة حتى لا ننتصر باستخدام «السلاح الشيوعى الكافر»!
مرة أخرى من حق أى شخص أن يعارض الحكومة والنظام فى أى قضية يشاء، وخصوصا أن الأخطاء كثيرة، لكن عليه أن يفرق بوضوح بين خلافه مع النظام، وشماتته فى مشكلة أو أزمة تقع فيها البلد بأكملها مثل أزمة مياه النيل التى تحتاج تكاتفا وطنيا على أعلى مستوى.
أن تعارض الحكومة والنظام فهذا حق كامل لك، أما أن تشمت فى بلدك، فلا أعرف كيف يمكن توصيف ذلك؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختلف مع النظام لكن لا تشمت فى البلد اختلف مع النظام لكن لا تشمت فى البلد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon