بقلم: عماد الدين حسين
عصر يوم الأربعاء الماضى، كنت أقف فى الساحة الكبرى فى مدخل معبد الكرنك بالأقصر. الممر الرئيسى وسط المعبد كان يمتلئ بالسائحين. كان المشهد جميلا ومبهرا، ومبشرا.
زيارتى للأقصر استغرقت فقط ثمانى ساعات، من الثانية عشرة ظهرا حتى الثامنة مساء، برفقة الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية ومجموعة من الزملاء الصحفيين، للاطلاع على تجربة «الهوية البصرية لمدينة الأقصر» التى تنفذها الجامعة الألمانية بالتعاون مع المحافظة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
حينا كنا نشاهد «الهوية البصرية» فى مدخل معبد الكرنك أو داخل معبد الاقصر، رأينا السائحين من كل الجنسيات تقريبا، كان هناك آسيويون من الصين وكوريا والهند، وجنسيات أوروبية متعددة، وقليل من الأشقاء العرب. نفس المشهد كان موجودا فى الشوارع التى مررنا بها.
طبعا مصر شهدت عام ٢٠١٠، أفضل أداء على المستوى السياحى، وكل الأرقام لا تزال تقيس على هذا العام. الآن غالبية المؤشرات تقول إننا عدنا لنفس المستوى. وربما نستعد لتجاوزه. التقديرات تقول الآن إن نسبة الأشغال فى المراكب النيلية أو «الدهبيات» تزيد عن ٨٠٪، بل ومحجوزة حتى أوائل عام ٢٠٢١، وفى الفنادق تزيد عن ٧٠٪، رغم أن الموسم السياحى الحقيقى لم يبدأ بعد، ويفترض أن تكون ذروته فيما يتعلق بالأقصر وأسوان، هو نهاية ديسمبر وأعياد الميلاد، وطوال شهر يناير.
وعرفت من المسئولين أن هناك ٣٥ فندقا كبيرا منها، سبعة مصنفة خمسة نجوم، تكاد تكون كاملة العدد الآن.
أحد كبار المسئولين حكى لى أن وفدا أجنبيا مهما زار مصر، وكانوا يريدون زيارة الأقصر، ونظرا لكثرة الاشغال لم يجدوا إلا كبائن داخل «دهبية» بلغ سعر الواحدة منها ٢٥٠٠ دولار فى الليلة.
فى هذه الزيارة السريعة قابلنا المحافظ المستشار محمد مصطفى الهم، الذى تم تجديد الثقة فيه محافظا، فى نفس موعد اللقاء معه. هو قال إنه سيكون هناك أكبر متحف أثرى موجود فى العالم بالمدينة طوله ٢٧٠٠ متر، ورأيه أن هناك نهضة حقيقية تشهدها الأقصر، وميزانية المحافظة زادت فى السنوات الأخيرة، وانعكس ذلك على العديد من المنشآت والبنية التحتية، خصوصا المستشفيات العامة والخاصة والتخصصية. المحافظ قال أيضا إن زيارة كبار المسئولين الأجانب بدأت تتزايد فى الفترة الأخيرة، ومنهم مسئول صينى رفيع المستوى، وتم توقيع خمس اتفاقيات تآخى مع مدن صينية، كما زارها العديد من السفراء، إضافة إلى الزيارة المرتقبة للرئيس المجرى.
سفير عربى كبير قال للمحافظ له إن زوجته الأوروبية، أخبرته بعد زيارة الأقصر أنها عرفت الآن لماذا يحب العالم مصر وينبهر بها.
جانب آخر من الصورة استمعت إليه من محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بالصعيد، الذى تحدث، وضرورة تنويع مصادر السياحة. هو قال إنه رغم الضربة الشديدة التى تعرضت لها السياحة المصرية بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، وبعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فى أكتوبر 2015، إلا أنها جعلتنا نتنبه لأهمية عدم الاعتماد على سياح دولة واحدة، حيث كان السائحون الإنجليز يشكلون ٤٠٪ من زائرى الأقصر، والروس أكثر من 50% من زوار شرم الشيخ والغردقة. الآن اختلف الوضع. وهو يرى ضرورة أن يتم الترويج للأقصر كوجهة منفردة مع مقاصد أخرى مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم والقاهرة.
هو اقترح أيضا أن يتم سرعة إنجاز «الابلكيشن» الخاص بالأقصر، بحيث إنه عندما يهبط السائح فى المطار يفتحه، ليعرف كل شىء عن المدينة من أول درجة الحرارة، حتى أفضل المطاعم والفنادق والمحلات وكل شىء. قال لى أيضا إنه علينا أن نضع أمامنا هدف أساسى وهو أن ينفق السائح يوميا بمعدل ١٠٠ دولار بدلا من ٤٠ أو خمسين شاملة أجرة الفندق.
فى هذا اليوم استمعت إلى أفكار مهمة من ثروت عجمى رئيس غرفة السياحة، ومن اللواء عماد أبوالعزايم سكرتير عام المحافظة ومن العديد من المسئولين التنفيذيين والخبراء وممثل الهيئة الهندسية، وبعض المواطنين.
جميعهم يتفقون على أن هناك نقطة ضوء إيجابية موجودة فى الأقصر الآن، لكن هناك حاجة إلى المزيد، خصوصا زيادة وعى المواطنين بأهمية احترام السائح والسياحة.
حينما غادرنا المدينة ودخلت إلى الطائرة المتجهة للقاهرة، كانت ممتلئة عن آخرها. تفحصت الوجوه، ولم يكن هناك إلا عشرة مصريين تقريبا والباقى سائحون أجانب. علينا أن نحيى كل من بذل جهدا لنصل إلى هذه الحالة، وأن نتنبه دائما لكل من يحاول التخريب وما أكثرهم!!!