بقلم - عماد الدين حسين
اليوم ينعقد المنتدى الثالث «إفريقيا ٢٠١٨»، ولمدة يومين فى مدينة شرم الشيخ وتنظمه وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، بالتعاون مع الوكالة الإقليمية للاستثمار. المؤتمر يشارك فيه أكثر من ٣٠٠٠ شخصية إفريقية ودولية بينهم زعماء ورؤساء ووزراء أفارقة، ويفتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الانفتاح المصرى على إفريقيا أو عودة مصر لقارتها السمراء بدأ يتسارع فى السنوات الأخيرة، وهو أمر محمود، فى محاولة لاستعادة دور كان رائدا، لكنه للأسف تراجع بصورة فادحة، لأسباب يطول شرحها.
أحد مظاهر هذه العودة هو مؤتمر الكوميسا.
السؤال: ما هى الكوميسا؟.
هى اختصار لـ«السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا» وتضم ٢١ دولة منها مصر وكينيا وجيبوتى ومدغشقر ومالاوى وإثيوبيا وأوغندا وإريتريا والكونغو الديمقراطية وسيشيل وإسواتينى (سوازيلاند سابقا) وموريشيوس والسودان وزامبيا وزيمبابوى ورواندا وبورندى وليبيا وجزر القمر، ومقر المنظمة الرئيسية فى لوساكا عاصمة زامبيا.
إذا هى منطقة تجارة حرة تفضيلية تمتد من ليبيا إلى زيمبابوى وتأسست فى ٨ ديسمبر عام ١٩٩٤ بديلا عن منطقة تجارة حرة أنشئت عام ١٩٨١. التأسيس كان بتسع دول، ثم توسعت أكثر عام ٢٠٠٠، ثم انضمت إليها رواندا وبورندى عام ٢٠٠٤، وليبيا وجزر القمر عام ٢٠٠٦.
مصر انضمت للاتفاقية فى ٢٩ يونية عام ١٩٩٨، وتم البدء فى تطبيق الإعفاءات الجمركية اعتبارا من ١٧ فبراير ١٩٩٩، على أساس مبدأ المعاملة بالمثل للسلع التى يصاحبها شهادة منشأ معتمدة من الجهات المعنية بكل دولة.
سوق الكوميسا تضم أكثر من ٤٠٠ مليون مليون نسمة، وبالتالى فهى تعتبر متنفسا للعديد من المنتجات المصرية حيث يمكن لهذه السلع النفاذ لأسواق الدول الأعضاء، من دون رسوم جمركية، إضافة إلى استيراد العديد من المواد الخام اللازمة للصناعة بإعفاءات جمركية مثل النحاس والتبغ والبن والشاى والجلود واللحوم والسمسم، إضافة إلى الاستفادة من المساعدات المالية التى يقدمها بنك التنمية الإفريقى، وغيره من المؤسسات المالية الدولية فى مجال تنمية الصادرات فى إفريقيا.
ما سبق كان عن الماضى، والسؤال هو: إلى أى حد تفاعلنا مع الكوميسا واستفدنا منها؟!
الإجابة جزئيا يقدمها أحدث تقرير صادر عن الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة للكوميسا، وفيه أن إجمالى استثمارات الشركات المصرية فى الكوميسا بلغ ٤٫٣٧ مليار دولار، استحوذت إثيوبيا والسودان على ٦٠٪ منها بنحو ٢٫٧ مليار دولار.
هذا التقرير جرى إعداده مع مؤسسة فاينانشيال تايمز تحت عنوان «من مصر إلى الكوميسا»، ويظهر أن ٤ محافظات مصرية هى القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية تشكل مصدر الاستثمارات الرئيسية المصرية فى هذا التجمع.
فى التقرير نقرأ أنه من بين الـ٢١ دولة الأعضاء، فإن الاستثمارات المصرية تركزت فى ثمانى دول، يأتى فى مقدمتها السودان بـ١٫٨ مليار دولار بنسبة ٤١٪، ثم إثيوبيا بنحو ٩٨٠ مليون دولار بنسبة ٢٢٫٥٪، ثم زامبيا «بلد المقر» بنحو ٨٨٥ مليون دولار بنسبة ٢٠٪، ثم ليبيا بـ٣٨٢ مليون دولار، وبورندى ١٦٠ مليونا، وكينيا ٨٨ مليونا، وإسواتينى ٦٤ مليون دولار، وأخيرا رواندا بنحو ٢٠ مليون دولار.
وفى المقابل فإن استثمارات دول الكوميسا فى مصر لا تتجاوز ١٧.٦ مليون دولار فى هذا العام.
هذه الاستثمارات المصرية تم رصدها بين عامى ٢٠٠٣ و٢٠١٨ من خلال ٣٨ مشروعا وفرت أكثر من ١١٧٥٠ فرصة عمل.
فى تقديرى أن هذا الرقم متواضع.
قد يسأل البعض: أليس مطلوبا منا أن نطبق حكمة «ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع»، وأن أحوالنا الاقتصادية الصعبة تحتم علينا أن نركز كل ما نملكه من أموال للاستثمار فى بلدنا أولا، قبل أن ننظر إلى الخارج؟!
هذا قول حق يراد به باطل كبير. والحقيقة أن الانفتاح على إفريقيا والاستثمار فيها هو أمن قومى مصرى من الدرجة الأولى. وهذا أمر يحتاج إلى توضيح لاحق.
كل التمنيات لوزارة الاستثمار ووزيرتها سحر نصر بالتوفيق والنجاح فى هذا التجمع الإفريقى المهم.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع