لدينا فى مصر أفضل وأمهر الأطباء، لكن للأسف ينقصنا وجود منظومة متكاملة تروج وتسوق لهم.
هذه الخلاصة سمعتها قبل يومين من صديق عربى يعمل فى دولة خليجية، وجاء إلى مصر لإجراء جراحة حساسة لابنه.
قال لى إن الطب فى معظم بلدان الخليج «منظرة وديكور» وأجهزة متقدمة جدا، لكن الكفاءات قليلة، وإذا وجدت، فهى لا تعمل بكامل طاقتها وكفاءتها، والدليل أن العديد من أبناء المنطقة، حينما يحتاجون لعلاج حقيقى يذهبون للخارج.
الصديق يتردد منذ حوالى العامين على الأطباء المصريين، هو يجزم بأن أطباء مصر، الأفضل على الإطلاق، على المستوى الفردى، لكن ليس فى إطار المنظومة العامة.
شخص ما فى الخارج رشح له طبيبا مصريا يدعى رضا ك..... متخصص فى الأنف والأذن والحنجرة، وحينما بدأ يسأل عنه اكتشف أنه معروف عالميا على نطاق واسع، وربما يكون الأفضل فى تخصصه. هذا الطبيب ألقى محاضرات خلال شهر واحد فى الجزائر والمجر وألمانيا.
وحينما حاول استكمال العلاج فى تركيا، قال له المتخصصون هناك إن هذا الطبيب المصرى هو الأفضل عالميا.
عاد مرة أخرى وانتظم عند هذا الطبيب، وحينما تفاقم المرض، وتحور إلى شىء آخر، رشح له طبيبا آخر متخصصا فى الجراحات الميكروسكوبية وجراحات أورام الوجه، يدعى أيمن. ع. وتكرر نفس الأمر، حيث اكتشف أنه الأفضل عالميا فى تخصصه.
الصديق العربى يقول إن هناك بلدانا عربية تقدمت جدا فى الخدمة الطبية، بسبب جوهرى هو التسويق والترويج فى حين أن المصريين يتقدمون بمراحل عمن سواهم فى المنطقة بفضل الخبرة والنوعية. ما يجريه الطبيب المصرى المتخصص من عمليات نوعية يعطى له خبرة كبيرة جدا ربما لا تتوفر لنظيره فى العديد من البلدان الأوروبية.
لم أكتب أسماء الأطباء كاملة أو اسم الصديق أو حتى بلده أوالبلد الذى يعمل فيه الآن. الهدف ليس للدعاية لاسم معين ــ رغم أنهم يستحقون ذلك ــ ولكن الاشادة بهذه القامات الموجودة فى معظم التخصصات الطبية.
الصديق العربى ــ الذى يعمل فى مجال الإعلام ــ يقول إنه، ومن واقع تردده على بعض الأطباء والمستشفيات فى مصر، خلال العامين الماضيين، فقد اكتشف غياب النظام أو السيستم الذى يستطيع أن يستفيد من الخبرة المصرية الهائلة لدى العديد من الأطباء.
هو يقول إن مصر تحتاج إلى مجموعة من الإجراءات المتكاملة، لكى تصبح رقم واحد فى السياحة العلاجية للمنطقة بأكملها. أولا تحتاج إلى تسهيلات فى السفارات والقنصليات المصرية. فلا يعقل استمرار هذا الروتين القاتل فى استخراج التأشيرات والتوسع فى الموافقات الأمنية، خصوصا أن من يريد العلاج لا يفكر إلا فى الشفاء.
ثانيا: تحتاج مصر إلى رؤية شاملة فى تجهيز طابور طويل من الممرضات المحترفات على أعلى مستوى.
وفى هذا الشأن عليها دراسة التجربة الفلبينية التى تقدم للعالم نوعيات متميزة شكلا ومضمونا. هى ممرضة أقرب إلى مساعد للطبيب ماهرة ومتفوقة فى عملها، ومتميزة فى شكلها وملبسها.
الممرضة المحترفة صارت مثل الطبيب تماما لأنه يقع على عاتقها مهام كثيرة، خصوصا فى مرحلة ما بعد العملية أو الجراحة. هناك أطباء يجرون أخطر وأعقد وأدق أنواع العمليات، لكن غياب المتابعة أو «الصيانة» يفسد كل شىء!!.
المطلوب أيضا أن تكون هناك أسعار واضحة ومحددة بدلا من وجود اختلافات جذرية ما بين هذا الطبيب أوذاك، وبحيث لا يجد المريض نفسه خاضعا للابتزاز. هناك حاجة أيضا لتطوير الجهاز الإدارى داخل المستشفيات حتى لا يجد المريض نفسه فى دوامة لا تنتهى من الإجراءات، علما أن الساعة الواحدة، وليس اليوم قد تفرق كثيرا، ليس فقط فى حساب التكلفة، ولكن وهذا هو الأهم فى حياة المريض.
يقول هذا الصديق العربى ــ المحب جدا لمصر ــ لديكم كنز هائل من الخبرة والمعرفة والكفاءات، لكن ينقصكم تسويق كل ذلك للعالم، ولو حدث فربما تكتشفون أن هذه الاكتشافات أهم كثيرا من كل آبار الغاز والبترول.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع