توقيت القاهرة المحلي 05:57:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة

  مصر اليوم -

المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة

بقلم: عماد الدين حسين

هل من الطبيعى أن يتعاطف الناس مع شهيد التذكرة الشاب محمد عيد، الذى لقى مصرعه تحت عجلات القطار، عند محطة دفرا قرب طنطا، الأسبوع الماضى؟!.
الإجابة هى نعم قاطعة، ومن لا يفعل ذلك فهناك مشكلة ضخمة فى تكوينه النفسى والعقلى والإنسانى؟!.
سؤال آخر: هل معنى هذا التعاطف أن يتوقف محصلو القطارات عن ممارسة عملهم، ويتركوا الركاب يستقلون القطارات من دون دفع تذاكر أو غرامات؟!.
الإجابة هى لا قاطعة، لأنه لو فعلنا ذلك فسوف تفلس هيئة السكة الحديد خلال شهور قليلة!.
للأسف الشديد، وعقب الحادث الأخير الذى راح ضحيته أحد الباعة الجائلين، وأصيب زميل له إصابات خطيرة، فان غالبية الناس تصر على رؤية الحقيقة من جانب واحد فقط، ولا تنظر لبقية الجوانب، وإذا حاولت لفت نظرها لهذا الأمر، فسوف يتم اتهامك فورا بالعدمية ومحاباة الحكومة أو المعارضة، وإمساك العصا من المنتصف.
هذا الفريق لا يريد منك إلا أن تدين الحكومة أو تدين القتيل فورا ومن دون نقاش.
الذى لفت نظرى للموضوع أننى وجدت كثيرا من المواطنين، يتشاركون فيديو على اليوتيوب لوزير النقل المهندس كامل الوزير عنوانه: «وزير النقل لكمسارى: لو بتسيب الناس تزوغ يبقى أمشيك وأوفر مرتبك».
وبالطبع علينا أن نتخيل حجم ونوعية التعلقيات وكلها تهاجم وتنتقد الوزير وتصوره قاسيا وبلا قلب ويحرض الكمسارية على الركاب!.
بعض الناس، وبسبب الظرف الإنسانى للحادثة تصاب أحيانا بالعمى عن رؤية كامل الحقيقة.
حينما شاهدت الفيديو، فإن كل قاله وزير النقل للكمسارية بضرورة تحصيل قيمة التذاكر من الركاب صحيح ومنطقى، وإذا لم يفعل الكمسارى ذلك يكون مقصرا فى عمله.
لكن هناك فرقا كبيرا بين ضرورة أن يحصل الكمسارى قيمة التذاكر من الركاب، وبين أن يدفعهم دفعا لقتل أنفسهم!!. فى الحالة الأولى هو يمارس عمله، ويجب أن يعاقب إذا لم يفعل ذلك. وفى الحالة الثانية هو يرتكب جريمة كبرى حينما يفتح الباب ليدفع أو يجبر الراكب على القفز من القطار أثناء سيره حتى لو كان يسير بسرعة قليلة.
بعض الناس الطيبين وهم يدافعون عن شهيد التذكرة ــ ولهم كل الحق فى ذلك ــ يرتكبون خطأ فادحا، حينما يطالبون بأن يكون ركوب القطارات مجانا أو أن يتم التسامح مع المتهربين!!. هؤلاء الناس هم أنفسهم الذين ينتقدون ليل نهار الفساد والإهمال فى هيئة السكة الحديد وكل مرافق ومؤسسات البلد.
لكى «نعدل الحال المايل» فى هيئة السكة الحديد وغيرها من المرافق، فلابد من أن يدفع الركاب قيمة تذاكرهم والغرامات المقررة، وأن يتوقف التزويغ، وألا يحصل أى شخص مهما كانت الجهة التى يعمل بها على تذاكر مجانية من دون وجه حق، وأن يكون التوظيف فى الهيئة على أسس فنية واقتصادية عادلة. من دون ذلك فسوف ينهار هذا المرفق القومى قريبا.
لا يمكن الدفاع عن أى خطأ، لكن ما قاله وزير النقل فى الفيديو للمحصلين صحيح مائة فى المائة. هو قال لأحد المحصلين: «لو لم تقوم بعملك فى تحصيل قيمة التذاكر والغرامات فما هو دورك، والأفضل فى هذه الحالة أن نستغنى عنكم، ونوفر مرتباتكم طالما أن الركاب لن يدفعوا قيمة التذاكر والغرامات»!.
هذا كلام صحيح ولا يجب أن نختلف معه، ونحن فى غمرة التعاطف الإنسانى مع شهيد التذكرة. لكن، مرة أخرى، كثيرا من الناس خلطوا بين هذا الحادث، وضرورة أن تكون الفوضى هى السائدة داخل القطارات.
المحصل وطاقم القطار أخطأوا خطأ قاتلا فى التعامل مع الحادث، والنيابة اتهمت الكمسارى بالقتل بالترويع. وظنى أن الهيئة بأكملها فشلت فى تثقيف وتأهيل العاملين والموظفين فى كيفية التعامل مع الركاب.
دور المحصل والمفتش والناظر أن يضمنوا حق الدولة فى تحصيل قيمة التذكرة أو الغرامة. لكن ليس من حقهم تهديد أو ترويع أو قتل الركاب. الراكب الممتنع عن الدفع يتم تسليمه لشرطة المواصلات، وهى تتولى التحقيق معه طبقا للقانون.
يقول البعض إن «الباعة الجائلين» غلابة وينبغى التسامح معهم أو تركهم «يلقطون رزقهم»!. هذا منطق غريب وإذا طبقناه فى القطار، فعلينا أن نطبقه فى كل مكان، خصوصا فى الشوارع والأسواق، ووقتها علينا أن نتوقف عن انتقاد الحكومة لأنها تسمح بذلك!!.
ما أريد قوله: أن نتعلم الحد الأدنى من الموضوعية، وفى الحادث الأخير، علينا أن ندين المنظومة بأكملها، وثقافة الخوف، التى سمحت للمحصل بدفع البائع لإلقاء نفسه هربا من الشرطة أو قيمة التذكرة، وبين ضرورة تحصيل حق الدولة من أى مواطن طالما كان ذلك فى إطار القانون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة المعقول واللا معقول فى حادث شهيد التذكرة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon