توقيت القاهرة المحلي 04:30:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نصحح للإثيوبيين حساباتهم الخاطئة؟

  مصر اليوم -

كيف نصحح للإثيوبيين حساباتهم الخاطئة

بقلم: عماد الدين حسين

أنا أحد الذين كتبوا كثيرا فى هذا المكان، وتكلمت فى عشرات الفضائيات المصرية والعربية، أطالب بضرورة أن يكون التعاون ثم التعاون ثم التعاون هو الطريق الأساسى للتعامل مع إثيوبيا وبقية حوض النيل باعتبار أن خيار الصدام والحرب ــ لا قدر الله ــ سيكون كارثيا على الجميع. كنت أقول ذلك طوال الوقت على أساس أننا لم نتخيل أن إثيوبيا ستتصرف بالطريقة التى تصرفت بها فى الاسابيع الأخيرة.
أما وقد أسفرت عن وجهها الحقيقى، فقد بات لزاما علينا البحث فى كل الوسائل التى تحفظ حقنا فى المياه التى هى أساس وجودنا، وبدونها نتعرض للموت عطشا.
مرة أخرى لا يعنى كلامى أننى أدعو إلى الحرب فورا، لكن لابد أن تصل لإثيوبيا رسالة قاطعة بأن قواعد اللعبة تغيرت، والتهريج الذى كانت تمارسه منذ سنوات آن له أن يتوقف فورا!.
اتضح لنا الآن أن الحسابات الإثيوبية قائمة على مجموعة من الأسس أو بالأدق الأوهام، هى تعتقد أنها دولة عظمى، وأنها يحق لها أن تتصرف فى مياه النيل الأرزق باعتباره ملكا خاصا لها، من دون أن تقيم أى وزن أو اعتبار لبقية دول الحوض، خصوصا مصر أو للقوانين والأعراف الدولية.
سمعنا وزيرى الخارجية والرى الإثيوبيين يقولان «إن السد سدنا والأرض أرضنا والمياه مياهنا، والمال الذى يبنى به السد مالنا، ولا توجد قوة يمكنها منعنا من بنائه»!!.
مرة أخرى، نعم السد سدهم، لكن هناك اتفاقيات وقواعد دولية ملزمة ترتب حقوقا لبقية دول الحوض الأخرى وإلا لحكمت دول المنبع على دول المصب بالإعدام عطشا.
لفت نظرى مقال مهم كتبته الباحثة المرموقة فى الشئون السودانية والإفريقية الدكتورة أمانى الطويل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، قبل أيام قليل تقول فيه إنها التقت مع مجموعة من المسئولين الإثيوبيين خلال ورشة عمل قبل أسابيع فى فنلندا، وتناقشت معهم فى الموضوع، ووصلت إلى قناعة خلاصتها أن المسئولين الإثيوبيين يعتقدون أنه «ليس هناك مهددات حقيقية تقف أمام الرغبة الإثيوبية فى استكمال بناء السد، وأنه لا الأطراف الإقليمية أو الدولية، تملك أوراق ضغط ضدهم، وأن الإثيوبيين يرفضون الفيتو المصرى الذى قيدهم طويلا!. وحتى عندما قالت لهم إنه لا يوجد فيتو مصرى ضد حقهم فى التنمية، بل هناك محددات دولية حاكمة للدول المتشاطئة لنهر مشترك، ومحددات للاستقرار الإقليمى، بدأ المسئول الإثيوبى بعيدا عن هذا النوع من المعطيات ومزهوا بالقوة الإثيوبية كما تبدو له»!!!.
الدكتورة أمانى كانت تعتقد أن هذا هو موقف المسئول أو المسئولين الذين قابلتهم فى هلسنكى فقط، لكن من الواضح أنه وبعد الانسحاب الإثيوبى الفج من جلسة التوقيع النهائى على اتفاق سد النهضة فى واشنطن، فإن هذا هو جوهر التفكير الإثيوبى الرسمى وربما الشعبى، خصوصا أن التصريحات الرسمية والشعبية الإثيوبية فى الأيام الأخيرة، تؤكد هذا الأمر.
انسحاب إثيوبيا فى اللحظة الأخيرة يعنى أنها لا تريد أن تقيد نفسها بأى قيد قانونى، وتريد من مصر أن تقبل بالأمر الواقع، وتتعامل مع إثيوبيا من الآن فصاعدا باعتبارها القوة المسيطرة والمهمة فى الإقليم بأكمله !!!.
هذا التفكير الإثيوبى ــ إذا صح ــ وللأسف يبدو صحيحا، شديد الخطورة، ويعنى ببساطة أن أديس أبابا تريد فعلا تعطيش المصريين، أو استخدام مياه النيل باعتبارها سلعة تملكها إثيوبيا، وتريد بيعها لنا، وبالتالى تحويل سد النهضة، ليس كمصدر لتوليد الكهرباء، بل لمحبس يجعل مصر رهينة فى يد إثيوبيا، ومن يقف وراء إثيوبيا سواء كانت دول فى حوض النيل أو أطراف إقليمية ودولية.
من أجل كل ذلك، ينبغى أن تعكف مصر بهدوء وروية وتفكير عميق على أن ترسل لإثيوبيا رسالة شديدة الوضوح فحواها كالتالى: نكرر أنا نقدر حقكم فى التنمية، لكن إذا كنتم مصرين على تعطيشنا وملء السد من دون اتفاق، والتعامل باعتبار النيل الأزرق نهرا إثيوبيا فقط، فإننا لن نقبل ذلك تحت أى ظرف من الظروف، مهما كانت العواقب، وسنجعلكم تندمون أشد الندم على تهوركم وخطأ حساباتكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نصحح للإثيوبيين حساباتهم الخاطئة كيف نصحح للإثيوبيين حساباتهم الخاطئة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon