بقلم - عماد الدين حسين
هل الإعلام المصرى مقصر فى أداء وظيفته، وإذا كان الأمر كذلك، فما هو السبب، وكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟
صباح الثلاثاء الماضى حضرت بدعوة كريمة من مؤسسة الرئاسة لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع المراسلين الأجانب ورؤساء تحرير الصحف المصرية، بقاعة سفنكس فى مركز المؤتمرات بشرم الشيخ فى اليوم الختامى لمنتدى الشباب الدولى.
الذى فجر الموضوع سؤال وجهته الزميلة صفاء فيصل مديرة مكتب «البى بى سى» فى القاهرة. مفاده الآتى: كيف يمارس الإعلام دوره فى ظل القوانين الأخيرة التى تحوى الكثير من المنع والتقييد، وكيف يروج المنتدى الشبابى لثقافة الاختلاف والتنوع فى حين أن هناك انطباعا بوجود صوت واحد فى الإعلام، رغم أن وجود انتقاد للحكومة يساهم فى تقويتها؟!.
الرئيس رد فى البداية بأسئلة مضادة مثل: هل الإعلام المؤيد للسلطة ــ كما جاء فى السؤال ــ قام بعمله على أكمل وجه فى معالجة الأزمة السكانية مثلا، والتحذير من خطورتها، وهل ناقش هذا الإعلام قضية التعليم بشكل علمى متكامل وبموضوعية وأمانة علمية؟!!!.
فى رأى الرئيس فإن ذلك لم يحدث، والاعلام لم يقم بدوره فى بلورة وضع صحيح عن ظروفنا طوال الأربعين سنة الماضية وليس فقط خلال السنوات العشر الماضية، بل ترك الساحة خالية فى وسائل التواصل الاجتماعى لإشاعات وأجهزة ودول مختلفة.
بشأن نقطة «إعلام الصوت الواحد». رد الرئيس بإجابة أضحكت الحاضرين حينما قال: يا ريت كان فيه إعلام الصوت الواحد، على الأقل كانوا هينقلوا كلامى، ويعملوا عليه حلقات نقاش، ويقدموا الصوت المخلص والشريف والواعى!!».
الرئيس دعا البى بى سى وسائر وسائل الإعلام الأجنبية إلى أن يكونوا منصفين وليس مؤيدين، بمعنى أن يناقشوا وجهة النظر المصرية بموضوعية وبصورة شاملة، وأن ينظروا إليها بعيون مصرية وليس بعيون أجنبية فقط.
الرئيس وصف البى بى سى بأنها قناة محترمة ويشاهدها كثيرا، لكنه طالبها بأن تعرض الأمور بطريقة شاملة وتقابل الخبراء والمسئولين الذين لديهم بيانات حقيقية، وأن تسأل هل السياسات الاقتصادية الحالية صحيحة أم لا، وإذا لم تنفذها الحكومة، فما هى العواقب.
السيسى قال إنه يريد الصوت المؤيد لمصر وتقدمها، وليس الصوت المؤيد له.
نقد الرئيس للإعلام والإعلاميين كان واضحا، خصوصا حينما قال إن الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل كان الوحيد الذى يدرس ويبحث ويدقق ويتعمق فى أى موضوع، قبل أن يتحدث فيه، بل كان يراجعنى أكثر من مرة إذا طلبت منه رأيا أو مشورة فى أى موضوع.
الرئيس قال إنه يقر بأن آليات التواصل مع الإعلام الأجنبى ليست جيدة ولدينا عمل كثير نقوم به، لا يصل إلى الآخرين.
ما سبق كان سؤال الزميلة صفاء ــ وهو سؤال لا يجرؤ كثيرون الآن على طرحه ــ ثم عرضنا بأمانة لإجابة الرئيس.
الموضوع من وجهة نظرى لم ينته بعد، بل ربما هو بداية لأوضاع جديدة خصوصا وأن هناك تغييرات فى أجهزة الإعلام وكذلك رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف فى الأيام القليلة المقبلة.
بعض الحاضرين لم يوجهوا أسئلة بل دخلوا فى وصلة هجوم حاد ضد كل وسائل الإعلام الأجنبية، باعتبارها ضالعة فى مؤامرة شاملة ضد مصر، رغم أن الرئيس قال إنه لا يريد أن يستخدم وصف المؤامرة، بل الرؤية الشاملة.
لكن الزميل الاعلامى نشأت الديهى تحدث بوقائع محددة عن بعض جوانب التحيز الذى تمارسه وسائل إعلام أجنبية بحق ودون حق ضد مصر وهو الامر الذى نال تصفيق غالبية الموجودين.
ليس مطلوبا أن تكون كل مهمتنا هى توجيه الانتقاد لوسائل الإعلام الأجنبية، معتمدين فقط على نظرية المؤامرة. فى حين أن العيب قد يكون سببه تقصيرنا نحن، كما أشار بوضوح الرئيس فى رده على السؤال.
وسائل الإعلام الأجنبية ليست منزهة عن الخطأ، أو التحيز، لكن لدى بعضها موضوعية غير متوفرة لدينا. وعلينا أن نحاسب أنفسنا أولا، هل قمنا بواجبنا أولا، قبل أن نلومها؟!!.
المطلوب أن يتم التواصل المستمر مع هذه الوسائل وتقديم كل المعلومات والبيانات لها أولا بأول، وبعدها يمكننا أن نلومها كما نشاء.
وحسنا فعل ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات حينما قال فى حضور الرئيس إنه سيكون هناك لقاءات أسبوعية منتظمة بين المراسلين الأجانب والمسئولين المصريين، لتقديم البيانات والمعلومات المتعلقة بالقضايا الساخنة.
نقلًا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع