بقلم: عماد الدين حسين
قد يستغرب البعض عنوان هذا المقال، بل قد يرونه محاولة للهروب من التعليق على مضمون انتخابات مجلس الشيوخ، التى جرت أمس وأمس الأول، لكن الأمر ببساطة أننى سأتناول جوانب فنية أراها جديرة بالاهتمام، وفى المقال التالى، سوف أركز إن شاء الله على الجوانب والدلالات السياسية.
مجلس الشيوخ موجود فى الحياة السياسية المصرية منذ أكثر من ١٥٠ سنة، كان اسمه الشيوخ أو الأمة أو الشورى، واختفى فى فترات وعاد فى أخرى، أعاده أنور السادات تحت مسمى الشورى عام ١٩٨٠، حتى تم حله بعد قيام ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
الشيوخ أو الشورى أو الغرفة الثانية، موجودة فى بلدان كثيرة. دول تنتخبهم بصورة كاملة مثلما يحدث فى الولايات المتحدة، ودول تعينهم عبر الحكومة أو الملك أو الرئيس، ودول تأخذ خليطا من هذا وذاك بنسب مختلفة، وحتى الصلاحيات مختلفة بين كل دولة وأخرى.
صلاحيات مجلس الشيوخ فى أمريكا مثلا مهمة جدا، ويكفى أن نتذكر أنه لولا معارضة مجلس الشيوخ، لكان ترامب قد أصبح الرئيس المخلوع أو المعزول على خلفية قضايا متعددة منها التدخل الروسى فى الانتخابات وتلاها محاولة إجبار الرئيس الأوكرانى على فتح تحقيق فى المعاملات التجارية لنجل منافسه المرشح الديمقراطى جو بايدن.
عدد المصريين المقيدين فى الجداول الانتخابية الآن يصل إلى نحو ٦٣ مليون ناخب، يفترض ينتخبوا ٣٠٠ نائب بالمجلس، ثلثهم بالنظام الفردى المباشر، وثلثهم بقائمة مغلقة، والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية.
فى هذه الانتخابات كان هناك ١٤٠٩٢ لجنة فرعية و٢٧ لجنة عامة، و١٨ ألف قاضٍ رئيسى ويعاونهم ١٢٠ ألف موظف، وهناك ٢٧ لجنة لانتخاب المرشحين على المقاعد الفردية، بمعدل لجنة فى كل محافظة، إضافة إلى ٤ لجان للقوائم، دائرتان بكل واحدة ١٥ مقعدا، ودائرتان بكل واحدة ثلاثين مقعدا.
المرشحون للمقاعد الفردية بلغ عددهم ٧٨٧ مرشحا، تنازل منهم عشرة فى اللحظات الأخيرة، والعدد الأكبر منهم كان فى محافظة القاهرة «98 مرشحا على عشرة مقاعد»، ثم الجيزة «٧٣ مرشحا على ٨ مقاعد»، والقليوبية «٦٠ مرشحا على ٦ مقاعد» والإسكندرية «٦٧ مرشحا على ٧ مقاعد»، أما الأقل على الإطلاق، فكان فى محافظة الوادى الجديد؛ حيث ترشح اثنان فقط للتنافس على مقعد واحد، أى أن كل واحد منهما لديه ٥٠٪ فرصة للنجاح!.
هذه الانتخابات ستدخل التاريخ السياسى المصرى بأنها أول استحقاق سياسى فى زمن كورونا، والباحثون الذين سيعملون على تحليل مضمون ما كتب عن هذه الانتخابات، سوف يكتشفون أن الحديث عن الإجراءات الاحترازية من أجل سلامة الناخبين، طغت كثيرا على صلاحيات المجلس والمنافسات بين المرشحين.
وربما نظرا لتداعيات فيروس كورونا وأسباب أخرى، فقد زادت إلى حد كبير وسائل الدعاية على السوشيال ميديا مقارنة بوسائل الدعاية التقليدية، خصوصا اللافتات القماشية التى تراجع دورها إلى حد ما، إضافة إلى تراجع دور المؤتمرات والندوات والسرادقات الضخمة بسبب الخوف من التجمعات، حرصا على سلامة المواطنين.
المرشحون استغلوا وسائل التواصل الاجتماعى إلى حد كبير، ومنهم من أجاد استخدامها بصورة ملحوظة ومنهم من لم ينجح، لكن تظل المشكلة أن عددا كبيرا من الناخبين ليس متعودا على استخدام السوشيال ميديا، وربما لا يتعامل معها أساسا، وإذا علمها، فقد لا يكون مهتما بالسياسة أو عازفا عنها.
بجانب السوشيال ميديا، فقد زاد دور التكنولوجيا الرقمية خصوصا فيما يتعلق بتسجيل البيانات للمصريين لدى السفارات والقنصليات فى الخارج، قبل إرسال تصويتهم عبر البريد السريع.
تلك هى الملاحظات الفنية المبدئية السريعة من خلال ملاحظات اليوم الأول للانتخابات، ولاحقا إن شاء الله سأناقش الجزء الموضوعى، فى هذه الانتخابات التى وصفها المستشار لاشين إبراهيم، رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات، فى حواره مع «الوطن» بأنها نظيفة.. والسؤال هل تعبير نظيفة مفرح وإيجابى، أم سيراه البعض دليلا على غياب المنافسة تقريبا؟!.