توقيت القاهرة المحلي 22:14:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

بقلم: عماد الدين حسين

فى إحدى المجموعات «الجروبات» العربية على الواتساب، وضع أحد الأعضاء فيديو لفتاة لبنانية جميلة جدا، ترتدى ملابس جريئة، وهى تحض المتظاهرين على النزول والمشاركة، وأتبع ذلك بتعليق ساخر، العضو وضع الفيديو ليس لعرض آخر أخبار الاحتجاجات، أو للمناقشة الموضوعية بشأن ما يحدث هناك، لكنه، اختزل هذه المظاهرات المهمة جدا فى صورة هذه الفتاة المتحررة طبقا لمفهومه هو عن التحرر، والنتيجة هى انقسام بين أعضاء المجموعة حول مدى أخلاقية وضع هذا الفيديو بما يوحى بتسفيه نضال الشعب اللبنانى الباحث عن مواجهة الفقر والفساد.
ما حدث فى هذا الجروب الذى يضم نخبة متميزة من كتاب وصحفيين وباحثين ورجال أعمال، ليس ظاهرة فردية، بل أمر يتكرر تقريبا فى الوطن العربى، فى كل مظاهرات يشهدها لبنان منذ الانقسام الشهير فى مظاهرات ٨ و١٤ مارس عام ٢٠٠٥ عقب اغتيال رفيق الحريرى.
تكرار هذا الأمر يكشف عن مرض عربى مزمن، يتلخص فى أن فئات وقطاعات عربية كثيرة تختزل لبنان كله فى صورة بضع فتيات جميلات متحررات فقط.
خطورة هذه النظرة النمطية، أنها تلغى كل ثقافة وحضارة لبنان، لصالح هذه الصورة النمطية!!.
شخصيا كدت أصدق هذه الصورة عن لبنان واللبنانيين، حتى بدأ الأمر ينجلى رويدا رويدا.
أول زيارة لى خارج مصر كانت فى 25 يوليو ١٩٩٠ إلى لبنان عبر الدخول والخروج برا من نقطة حدود المصنع مع سوريا، وذلك للمشاركة فى معسكر الشباب القومى العربى الذى كان يضم شبابا من العديد من الدول العربية، وأقيم وقتها فى مجمع عمر المختار فى بعلبك.
قضيت قرابة أسبوعين، وزرت معظم المدن اللبنانية، واطلعت على التركيبة الطائفية، ليس عبر القراءات فقط، ولكن من الواقع، واكتشفت وقتها مبكرا أن الوجود السورى فى لبنان كان أقرب فعلا إلى الاحتلال منه إلى مساعدة القوى الوطنية، وهو ما لم يجعلنى استغرب ما حدث هناك عقب اغتيال رفيق الحريرى.
فى هذه الزيارة زرت بيوت زملاء لبنانيين، واكتشفت أنهم يعيشون حياة عادية مثل كل شعوب العالم، لا يعيشون جميعا فى قصور أو يملكون طائرات هليكوبتر، أو لديهم حسابات بنكية فى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
تعزز هذا الانطباع أكثر حينما سافرت إلى الإمارات العربية للعمل فى صحيفة البيان لمدة عشر سنوات «١٩٩٨ ــ ٢٠٠٨». هذه التجربة كانت ثرية جدا فى مجالات كثيرة منها اكتشاف تميز وعبقرية الشعب اللبنانى.
فى هذه الفترة عملت مع زملاء لبنانيين كثيرين، مما جعلنى أتأكد أن أحفاد الفينيقيين مظلومون كثيرا بهذه النظرة الضيقة التى تعامل بالمرأة اللبنانية، وكأنهن جميعا مطربات أو عارضات أزياء أو إعلاميات، لا هم لديهن سوى ارتداء الملابس المميزة، وتنظر إلى الرجال باعتبارهم منفتحين ومتحررين أكثر مما ينبغى!.
فى هذه الفترة اكتسبت صداقات عديدة مع إعلاميين لبنانيين منهم أمين قمورية وعلى بردى وعلى حجيح ومحمد الشرايدة وجنا نصر الله، وكان جيرانى فى المسكن فى دبى والشارقة من اللبنانيين. وفى الإمارات أيضا أدركت أن اللبنانى يتميز عن سائر الشعوب العربية بحب المغامرة والإقدام والتجارب المستمرة، وإجادة أكثر من لغة أجنبية مع تميز فى إجادة العربية، مقارنة بغالبية العرب والمصريين مثلا الذين يفضلون الاستقرار والرضا بالقليل.
الشخصية اللبنانية تحب الشياكة والتأنق، ولا أعرف لماذا يتم السخرية من ذلك باعتباره عيبا، أو لماذا يتم التهكم على جمال اللبنانيات، وكأنه نقيصة أو «حاجة عيب»!.
لبنان بالنسبة لى هو فيروز والرحبانية ومارسيل خليفة وماجدة الرومى وجبران خليل جبران وإيليا أبوماضى، وأمين معلوف وآل تكلا مؤسسى الأهرام وآل زيدان مؤسسى دار الهلال
وقسطنطين زريق وصحف النهار والسفير، وجيش طويل عريض من المبدعين فى كل مجالات الحياة من الفن للأدب إلى الثقافة والسياحة نهاية بالمقاومة التى دحرت العدو الإسرائيلى قبل أن يتحول جزء منها ليصبح طائفيا.
نعم هناك طائفية مقيتة وطبقة سياسية فاسدة، ويمكن تفهم حب المصريين والعرب للفكاهة والنكات، لكن اختزال صورة نضال الشعب اللبنانى ورغبته فى التحرر من القهر والفساد، يصعب اختزالها فى صورة متظاهرة متأنقة أو متحررة، أو لافتة أو هتاف غريب لمتظاهر.
تحية رعزاز وتقدير للشعب اللبنانى المحب للحياة، والمغامرة، والذى أثبت فى الأيام الأخيرة أنه شعب واحد رغم كل فساد النظام الطائفى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
  مصر اليوم - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 13:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
  مصر اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
  مصر اليوم - الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

GMT 17:01 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
  مصر اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 22:02 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب
  مصر اليوم - إحالة عمرو دياب إلى المحاكمة في واقعة صفع شاب

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:54 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 09:00 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon