توقيت القاهرة المحلي 00:05:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

بقلم: عماد الدين حسين

فى إحدى المجموعات «الجروبات» العربية على الواتساب، وضع أحد الأعضاء فيديو لفتاة لبنانية جميلة جدا، ترتدى ملابس جريئة، وهى تحض المتظاهرين على النزول والمشاركة، وأتبع ذلك بتعليق ساخر، العضو وضع الفيديو ليس لعرض آخر أخبار الاحتجاجات، أو للمناقشة الموضوعية بشأن ما يحدث هناك، لكنه، اختزل هذه المظاهرات المهمة جدا فى صورة هذه الفتاة المتحررة طبقا لمفهومه هو عن التحرر، والنتيجة هى انقسام بين أعضاء المجموعة حول مدى أخلاقية وضع هذا الفيديو بما يوحى بتسفيه نضال الشعب اللبنانى الباحث عن مواجهة الفقر والفساد.
ما حدث فى هذا الجروب الذى يضم نخبة متميزة من كتاب وصحفيين وباحثين ورجال أعمال، ليس ظاهرة فردية، بل أمر يتكرر تقريبا فى الوطن العربى، فى كل مظاهرات يشهدها لبنان منذ الانقسام الشهير فى مظاهرات ٨ و١٤ مارس عام ٢٠٠٥ عقب اغتيال رفيق الحريرى.
تكرار هذا الأمر يكشف عن مرض عربى مزمن، يتلخص فى أن فئات وقطاعات عربية كثيرة تختزل لبنان كله فى صورة بضع فتيات جميلات متحررات فقط.
خطورة هذه النظرة النمطية، أنها تلغى كل ثقافة وحضارة لبنان، لصالح هذه الصورة النمطية!!.
شخصيا كدت أصدق هذه الصورة عن لبنان واللبنانيين، حتى بدأ الأمر ينجلى رويدا رويدا.
أول زيارة لى خارج مصر كانت فى 25 يوليو ١٩٩٠ إلى لبنان عبر الدخول والخروج برا من نقطة حدود المصنع مع سوريا، وذلك للمشاركة فى معسكر الشباب القومى العربى الذى كان يضم شبابا من العديد من الدول العربية، وأقيم وقتها فى مجمع عمر المختار فى بعلبك.
قضيت قرابة أسبوعين، وزرت معظم المدن اللبنانية، واطلعت على التركيبة الطائفية، ليس عبر القراءات فقط، ولكن من الواقع، واكتشفت وقتها مبكرا أن الوجود السورى فى لبنان كان أقرب فعلا إلى الاحتلال منه إلى مساعدة القوى الوطنية، وهو ما لم يجعلنى استغرب ما حدث هناك عقب اغتيال رفيق الحريرى.
فى هذه الزيارة زرت بيوت زملاء لبنانيين، واكتشفت أنهم يعيشون حياة عادية مثل كل شعوب العالم، لا يعيشون جميعا فى قصور أو يملكون طائرات هليكوبتر، أو لديهم حسابات بنكية فى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
تعزز هذا الانطباع أكثر حينما سافرت إلى الإمارات العربية للعمل فى صحيفة البيان لمدة عشر سنوات «١٩٩٨ ــ ٢٠٠٨». هذه التجربة كانت ثرية جدا فى مجالات كثيرة منها اكتشاف تميز وعبقرية الشعب اللبنانى.
فى هذه الفترة عملت مع زملاء لبنانيين كثيرين، مما جعلنى أتأكد أن أحفاد الفينيقيين مظلومون كثيرا بهذه النظرة الضيقة التى تعامل بالمرأة اللبنانية، وكأنهن جميعا مطربات أو عارضات أزياء أو إعلاميات، لا هم لديهن سوى ارتداء الملابس المميزة، وتنظر إلى الرجال باعتبارهم منفتحين ومتحررين أكثر مما ينبغى!.
فى هذه الفترة اكتسبت صداقات عديدة مع إعلاميين لبنانيين منهم أمين قمورية وعلى بردى وعلى حجيح ومحمد الشرايدة وجنا نصر الله، وكان جيرانى فى المسكن فى دبى والشارقة من اللبنانيين. وفى الإمارات أيضا أدركت أن اللبنانى يتميز عن سائر الشعوب العربية بحب المغامرة والإقدام والتجارب المستمرة، وإجادة أكثر من لغة أجنبية مع تميز فى إجادة العربية، مقارنة بغالبية العرب والمصريين مثلا الذين يفضلون الاستقرار والرضا بالقليل.
الشخصية اللبنانية تحب الشياكة والتأنق، ولا أعرف لماذا يتم السخرية من ذلك باعتباره عيبا، أو لماذا يتم التهكم على جمال اللبنانيات، وكأنه نقيصة أو «حاجة عيب»!.
لبنان بالنسبة لى هو فيروز والرحبانية ومارسيل خليفة وماجدة الرومى وجبران خليل جبران وإيليا أبوماضى، وأمين معلوف وآل تكلا مؤسسى الأهرام وآل زيدان مؤسسى دار الهلال
وقسطنطين زريق وصحف النهار والسفير، وجيش طويل عريض من المبدعين فى كل مجالات الحياة من الفن للأدب إلى الثقافة والسياحة نهاية بالمقاومة التى دحرت العدو الإسرائيلى قبل أن يتحول جزء منها ليصبح طائفيا.
نعم هناك طائفية مقيتة وطبقة سياسية فاسدة، ويمكن تفهم حب المصريين والعرب للفكاهة والنكات، لكن اختزال صورة نضال الشعب اللبنانى ورغبته فى التحرر من القهر والفساد، يصعب اختزالها فى صورة متظاهرة متأنقة أو متحررة، أو لافتة أو هتاف غريب لمتظاهر.
تحية رعزاز وتقدير للشعب اللبنانى المحب للحياة، والمغامرة، والذى أثبت فى الأيام الأخيرة أنه شعب واحد رغم كل فساد النظام الطائفى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 05:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
  مصر اليوم - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 12:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
  مصر اليوم - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
  مصر اليوم - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 00:26 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

موعد نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والزمالك

GMT 07:19 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الخميس 8 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير مكرونة باردة بالجمبري

GMT 05:32 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير عصير الليمون باللبن

GMT 23:50 2020 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

انخفاض سعر نفط خام القياس العالمي

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 19:23 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

منال سلامة تكشف كواليس تعرضها لحادث مميت

GMT 23:49 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020

GMT 16:49 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين في تحطم طائرة قرب مطار لوس أنجلوس

GMT 04:59 2020 الأحد ,07 حزيران / يونيو

أحمد وفيق يحدد الجيل الذي احتفل بـ"النهاية"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon