توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية الـ90٪ تقدم فى المفاوضات!!

  مصر اليوم -

حكاية الـ90٪ تقدم فى المفاوضات

بقلم: عماد الدين حسين

فى الأيام والأسابيع الأخيرة نسمع العديد من المسئولين السودانيين والإثيوبيين والأفارقة يقولون: لقد تم حل ٩٠٪ أو ٩٥٪ من المشاكل والخلافات بشأن سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، ولم يبق إلا القليل.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يتحدث الجميع عن وجود عقدة وتأزم وانسداد وفشل وتعثر، فى المفاوضات المستمرة تقريبا منذ بدء الحديث عن إنشاء سد النهضة أو الألفية فى إبريل ٢٠١١؟!
التفسير الأساسى فى نظرى، هو أن كل المسئولين الذين يتحدثون عن حكاية الـ٩٠٪ أو ٩٩.٩٪ من نجاح للمفاوضات، لا يريدون الاعتراف بالفشل، وأن الـ١٪ أو حتى الـ١٠٪ المتبقية هى لب الموضوع، ولا قيمة لـ٩٩٪ من دون هذا الـ١٪.
هذا الأسلوب فى الهروب من حقيقة الاعتراف بفشل المفاوضات ليس جديدا.
الذين تابعوا قصة المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل منذ عام 1995 بشأن التوصل إلى اتفاق جديد اتخذ لاحقا اسم عنتيبى عاصمة أوغندا، سوف يتذكرون أن عددا كبيرا من المسئولين المصريين أنفسهم ظلوا يرددون، القول بأن المفاوضات بشأن هذا الاتفاق قد حققت نسبة نجاح لا تقل عن ٩٩٪، ولم يبق إلا الخلاف على ١٪ فقط.
ثم كانت المفاجأة المأساوية أن المفاوضات كانت شديدة التعثر واستمرت 15 عاما، ثم صدقت أربعة من دول حوض النيل هى إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا على الاتفاقية فى مايو 2010 فى عنتيبى، ولم توقع عليها مصر حتى الآن.
هل تعرفون ما هى نسبة الـ١٪ التى كان مختلفا عليها؟!. هى باختصار أن دول حوض النيل ألغت أهم بندين فى الاتفاقات السابقة التى كانت تحكم العلاقات فيما يخص مياه النهر، وهما ضرورة أن تقوم هذه الدول بالإخطار المسبق لمصر قبل الشروع فى إنشاء أى سدود وتحصل على موافقة مصر والسودان، والبند الثانى أن تحافظ على حصة مصر التاريخية من مياه النيل وقدرها 55 مليار متر مكعب فى حين أن ما تم الاتفاق عليه بالفعل هو الجوانب الفنية وآليات التنسيق والآثار الاجتماعية والبيئية».
غالبية دول حوض النيل أقرت الاتفاقية ومصر عارضتها، وعلقت حضور الاجتماعات، وبعض المسئولين السابقين كانوا يخدرون الشعب المصرى ويقولون له قد حققنا تقدما بنسبة ٩٩٪ ولم يقولوا له ما هى نسبة الـ١٪ المتبقية!.
المسئولون وقتها كانوا يريدون ألا يعترفوا بأنهم فشلوا فى الحصول على اتفاق جيد، لأنهم لو فعلوا ذلك سيقول لهم الشعب ولماذا أنتم مستمرون فى مناصبكم.
والمسئولون السودانيون فى حيرة من أمرهم لأنهم لا يريدون خسارة إثيوبيا ولا مصر، ولذلك يلجأون إلى الكلام الدبلوماسى والـ٩٠٪ من التقدم، رغم أنهم يدركون أن الخلافات المتبقية جوهرية جدا، وأهمها أن أديس أبابا تريد التعامل مع النيل الأزرق باعتباره سدا إثيوبيا خالصا وليس نهرا دوليا، يخضع للاتفاقيات الأممية، ولا تريد أن تعترف بحصة مصر من المياه ولا تريد أى اتفاق مكتوب وملزم قانونا خصوصا فيما يخص آلية فض المنازعات فيما بعد. وربما يكون المسئولون السودانيون يقصدون أن 90% من المشاكل التى تخصهم هى التى تم حلها، وليس ما يتعلق بمطالبنا!!.
نعم حققنا تقدما فى بعض التعريفات الفنية والقضايا البيئية، لكنها ورغم أهميتها لا قيمة لها بجانب البنود الجوهرية التى تهمنا. من أجل كل ذلك علينا أن ننتبه كثيرا، بل ونرتاب ونتشكك، حينما يخرج أى مسئول محلى أو أجنبى ويقول لنا: «لقد حققنا تقدما بنسبة ٩٠٪ أو ٩٩٪». لو قال ذلك علينا أن نسأله فورا: وما هى نسبة الـ١٪ المتبقية، لأن هذا الأمر ينطبق عليه المثل الشهير: «الشيطان يكمن فى التفاصيل»!!.
والحمد لله أن المفاوض المصرى الحالى بدأ يدرك كل ذلك فى الفترة الأخيرة، وصار يسمى الأشياء بمسمياته الحقيقية، ويقول إن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، حتى نرى اتفاقا مكتوبا وملزما وعادلا كما بشرتنا القمة الإفريقية الأخيرة المصغرة، ثم جاءت كلمة مندوب إثيوبيا أمام مجلس الأمن مساء الإثنين الماضى، لتؤكد لنا مجددا أننا لا نضمن أى شى حتى لو كان بنسبة 1% !!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية الـ90٪ تقدم فى المفاوضات حكاية الـ90٪ تقدم فى المفاوضات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon