توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الحياة».. حينما تتوقف

  مصر اليوم -

«الحياة» حينما تتوقف

بقلم-عماد الدين حسين

انقبض قلبى، حينما قرأت أن جريدة الحياة اللندنية سوف تتوقف عن الصدور فى نسختها الورقية ابتداء من أول يونيو الحالى فى لندن وباريس والقاهرة. الغريب أننى أعرف منذ شهور طويلة جدا مثل كثيرين أن هذا التوقف سيتم.

أحد طقوسى اليومية منذ سنوات طويلة أن اقرأ جريدة الحياة الورقية، ولم أكن من هواة موقعها الإلكترونى، رغم أن المادة واحدة تقريبا. كل يوم أحمل رزمة من الصحف معى إلى البيت، الاساس فى هذه الرزمة هما «الحياة» و«الشرق الأوسط»، والباقى متغير حسب أهمية الأخبار والموضوعات.. «الحياة» كانت الحب الأول.

فى بعض الأيام لم أكن أملك الوقت الكافى لقراءتها بالكامل، كنت أحملها فى يدى أو فى الحقيبة إلى البيت، وأقنع نفسى، أننى سأقرأها ليلا، خاصة بعض المقالات المهمة، ومع كثرة المشاغل تتكوم الأوراق وترتفع الأرفف ويزيد منسوب التراب، وتشكو زوجتى من هذا الإدمان، لكن لم أتوقف عنه حتى اللحظة.

«الحياة» فى إصدارها الثانى من لندن منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضى، كانت أول تجربة على حد علمى تصدر بتمويل سعودى، من دون أن يطغى على محتواها أثر هذا التمويل بالصور السافرة التى نراها فى الصحافة الخليجية الرسمية.

«الغترة والعقال» و«سموه» و«طال عمره» و«حفظه الله»، لم تكن موجودة فى الصفحات الأولى للحياة بفجاجة، بالطبع هى تقوم بالتخديم على التوجهات السعودية بشكل عام، ولكن كان ذلك يتم بصورة مهنية إلى حد كبير.

يحسب لصناع محتواها ومطبخ تحريرها ــ ومعظمهم من الأخوة اللبنانيين ــ أنهم حافظوا على الحد الأدنى الممكن من المهنية، فى أخبار الصفحة الأولى كان الترتيب يتم على أساس الأهم فالمهم. حتى فى أخبار تغطية قضايا تكون السعودية الطرف الأساسى فيها، كانت المعالجة مهنية إلى حد ما، بمعنى عدم إغفال وجهة النظر الأخرى، بل أنه فى معالجة الملف الفلسطينى. كنت تستطيع أن تقرأ وجهة النظر الإسرائيلية.

إضافة إلى جانبها الخبرى المهم، فإن مقالات الرأى فى الحياة كانت إضافة كبيرة. صحيح أن معظمها كان محكوما بسقف لا يمكن تجاوزه، شأن ما هو موجود فى كل الصحف العربية بلا استثناء، لكن هامش الحركة لدى الكتاب كان كبيرا، ويقدم تصورات ورؤى وتحليلات معقولة للأوضاع العربية المأزومة دوما.

كنت أنتظر بشغف مقالات غسان شربل قبل انتقاله للشرق الأوسط، وأتابع «عيون وآذان» جهاد الخازن، خصوصا الفكاهية منها والاثنان التقيهما باستمرار فى المنتديات الصحفية العربية. ولا يمكننى أن أترك مقالا لحازم صاغية رغم دأبه على انتقاد جمال عبدالناصر «فى الرايحة والجاية» وكثيرون غيرهم، خصوصا فى مقالات الفكر والتراث، وبعضهم أصدقلاء أعزاء من مصر والبلدان العربية، ومنهم محمد صلاح مدير مكتب الجريدة فى القاهرة.

غروب الحياة أو توقفها الورقى يأتى فى ظرف بالغ الدقة للصحافة العربية، وهو نذير شؤم، إلا إذا حدثت معجزة. فإذا كانت الصحيفة التى يملكها الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع السعودى السابق تعانى أزمة مالية، فكيف يكون الحال فى مؤسسات صحفية تصدر فى «بلدان الجنوب غير النفطية»؟!

هل التوقف ناتج فعلا عن أزمة مالية أم له صلة بتطورات الأوضاع داخل السعودية التى تعيد ترتيب أوراقها فى غالبية المجالات؟!

طبقا لما سمعته من زملاء كثيرين، فإن الأوضاع المالية كانت العامل الأساسى حيث تم الاتفاق على إعادة الهيكلة وضغط النفقات ليكون مكتب الدار فى دبى هو الأساس ويوحد كل الجهد فى غرفة أخبار موحدة من خلال دمج كل الامكانيات لمنتجات الدار المختلفة بسبب تراجع الدخل من الإعلانات، والمفترض انها سوف تستمر فى الصدور إلكترونيا عبر نسخة «البى دى إف».

توقف الحياة خبر مزعج ومحزن لكل محب للصحافة وحريات التعبير، لكنه يطرح مجددا العديد من الأسئلة المهمة عن مستقبل الصحافة الورقية، وأنه لا يمكن الاطمئنان للدعم السياسى بديلا للاستقلال المهنى القائم على نموذج اقتصادى ناجح يلبى احتياجات الجمهور فى مناخ يتمتع بحد أدنى من الحريات.

نأمل أن تعود «الحياة» للحياة قريبا، ونتمنى أن تكون النموذج الأخير الذى يتوقف ورقيا، وربنا يستر!!.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحياة» حينما تتوقف «الحياة» حينما تتوقف



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon