مساء الاثنين الماضى قابلت الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى فى منزل السفير السعودى بالقاهرة فى حى الزمالك، ضمن نحو ٢٥ من رؤساء التحرير وكبار الكتاب والإعلاميين بدعوة شخصية من السفير السعودى بالقاهرة أحمد القطان الذى صار وزيرا للشئون الإفريقية قبل أيام، ويستعد لمغادرة القاهرة التى قضى فيها سنوات طويلة وصار عميدا للسلك الدبلوماسى بها.
اللقاء مع الرجل القوى فى السعودية بدأ فى السادسة والربع بعد قدومه من الإسماعيلية وزيارته للكاتدرائية المرقسية فى العباسية واستمر حتى الثامنة والنصف، وبعدها غادر إلى دار الأوبرا لحضور العرض المسرحى «سلم نفسك» بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الرجل أجاب عن كل الأسئلة بجرأة ووضوح، ولم يحاول أن يكون دبلوماسيا بمعنى التحفظ أو استخدام كلمات منمقة، وتلك كانت السمة الأبرز فى ردوده على كل الاسئلة.
تحدث عن «نيوم» وحكاية الألف كيلو التى ستشارك بها مصر فى المشروع الترفيهى السياحى قائلا انه سيحول المنطقة إلى ريفيرا جديدة ويجذب ملايين السائحين ويوفر فرص عمل كثيرة للمصريين اضافة إلى ضخ المليارات فى مشروعات متعددة.
سألته عن أين وصلت الأزمة مع قطر؟ فقال انه ليس منشغلا بهذا الملف، بل إن المسئول السعودى الذى يتابعه أقل من درجة الوزير، وهو يرى أن «العقد النفسية» التى عانى منها أمير قطر السابق حمد بن خليفة منذ سنوات هى السبب فى الأزمة حيث تحالف مع كل المتطرفين العرب للانتقام من الدول العربية الكبرى، وعندما سألته مرة ثانية عن الوقت الذى ستستغرقه الأزمة، قال: «لتأخذ وقتها، هى تشبه أزمة كوبا بالنسبة لأمريكا خلال حكم كاسترو».
لكن من هى الدول التى تدعم قطر؟ ولى عهد السعودية يعتقد أن غالبية الدول الكبرى تتفهم موقف الدول الأربعة، لكن هناك مسئولين قلائل يدافعون عن وجهة نظر الدوحة، واعتقد أن محمد بن سلمان يقصد وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، لكن الداعم الأكبر لقطر طبقا لما قاله لنا ولى العهد هو جماعة الإخوان التى سيطرت على أهم مفاصل الحكم فى الدوحة، وتتعامل مع قطر باعتبارها «خزنة فلوس».
محمد بن سلمان تحدث مطولا عن التهديد الإيرانى ورأيه أن السعودية تمكنت من حصار إيران فى غالبية مواقع نفوذها.
هو يقول إن علاقات مصر والسعودية راسخة لدرجة أنه لو فكر ملك السعودية ورئيس مصر فى تخريب هذه العلاقة، فلن يتمكنا. يقول أيضا إنه كان فاقدا الأمل تماما بشأن مستقبل مصر قبل سنوات قليلة لكن ما رآه من تطورات وانجازات يجعل الأمة العربية بأكملها تثق فى المستقبل. وهو يرى أن السيسى حقق معجزة «وفك كل الصواميل الصعبة».
أما الملف الذى تحدث فيه ولى عهد السعودية بصراحة واضحة فكان ملف التطرف والمتطرفين، حيث قال إن قيام الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩ قد جعل السعودية تعتقد أن استخدام جماعة الإخوان قد يؤدى إلى التهدئة، لكن هذا كان رهانا خاطئا، أما أسامة بن لادن فكان هدفه الرئيسى إحداث شرخ بين الشرق والغرب وبين السعودية وأمريكا.
الأمير كشف عن فصل أكثر من خمسين قاضيا والتحقيق مع عشرة آخرين إضافة إلى تطهير هيئة كبار العلماء من الإخوان، وان هناك معركة كبيرة لتطهير المؤسسة التعليمية وفى تقديره أن منطق الإصلاحات ترسخ وعملية المقاومة ضده صارت ضعيفة جدا وقلنا للمتشددين: إما أن تقتنعوا أو تصمتوا.
تحدث الأمير عن البيئة الثقافية التى ترعرع فيها ودور والده فى ذلك، وتحدث عن قناعات راسخة بسماحة الإسلام وانه لن يسمح للمتطرفين ان يختطفوا هذا الدين، وحسب قوله رسالة الإسلام وصلت إلى كل العالم، ودورنا هو أن الا نسمح للمتطرفين بتكرار ما حدث عام ١٩٧٩ بعد احتلال جيهمان العتيبى للحرم وقيام الثورة الايرانية.
كان مفاجئا بالنسبة لى أيضا أن يقول ولى العهد السعودى إن أعداء مصر هم أعداء السعودية ثم يعقب ذلك بالحديث عن الاطماع العثمانية فى المنطقة ودور تركيا فى محاربة الدولة السعودية الثانية.
تحدث الأمير محمد بن سلمان عن صفقة القرن كلاما مهما لكنه ليس للنشر.. هناك العديد من الأفكار والمعلومات والرؤى فى اللقاء نأمل أن نتناولها قريبا، حتى ولو بصورة غير مباشرة!!!.
نقلًا عن الشروق القاهرية