بقلم: عماد الدين حسين
هل ما زلنا نراهن على وعى المواطن، فيما يتعلق بمواجهة كورونا؟!
أعتقد أن الإجابة ينبغى أن تكون بالنفى، خصوصا بعد ما رأيناه بأعيننا، وبعد تزايد حالات الإصابة.
أعرف أن التعميم خطأ، وأن عددا كبيرا من المصريين قد التزموا بالإجراءات الاحترازية، والتباعد الاجتماعى، لكن للأسف فإنه يكفى ألا يلتزم ٥٪ فقط من الشعب بالقواعد، وبالتالى ينشروا الفيروس وينسفوا كل جهود الدولة والمجتمع.
تقول البيانات إننا استغرقنا ٥١ يوما من أول انتشار الفيروس حتى وصلنا إلى الألف إصابة الأولى يوم ٤ إبريل الماضى، ثم استغرقنا ٨ أيام فقط حتى وصلنا إلى الرقم ألفين فى ١٢ إبريل، وستة أيام للوصول إلى ثلاثة آلاف يوم ١٨ إبريل الماضى، وستة أيام للوصول إلى ٤ آلاف يوم ٢٤ إبريل، وأربعة أيام للوصول إلى خمسة آلاف إصابة يوم ٢٨ إبريل، ومثلها أيضا للوصول إلى ستة آلاف إصابة يوم ٢ مايو الجارى، وثلاثة أيام فقط للوصول إلى سبعة آلاف إصابة، يوم ٥ مايو الجارى أيضا.
وإذا استمرت أعداد الإصابات فى القفز بهذه الزيادة الهندسية، فلا نقول إلا «ربنا يستر»، خصوصا أننا لا نعرف تحديدا هل دخلنا مرحلة الذروة أم لا، علما أن البعض يؤكد صعوبة ذلك فى ظل قلة عدد الفحوصات.
الحكومة تتحمل جزءا من المسئولية، وقد تحدثت عن ذلك أكثر من مرة هنا، وآخرها حينما كتبت بعنوان «ثغرة ينبغى إصلاحها» والمتعلقة بصعوبات وصول المصابين أو المشتبه فى إصابتهم للمستشفيات ومراكز العزل إضافة للصعوبات التى يعمل فى ظلها الطاقم الطبى. واليوم أتحدث عن المسئولية التى يفترض أن يتحملها الناس.
ما دعانى لذلك، أننى شاهدت أكثر من فيديو يعكس عدم اكتراث قطاعات واسعة من الناس بخطورة الفيروس. أحد الفيديوهات فى منطقة شعبية ببنها، يوضح تجمع مئات الشباب حول سيارة للطب الوقائى جاءت لتعقيم الشارع. الوقت كان فى العاشرة إلا ثلث ليلا، أى بعد بداية فرض حظر التجول. المشهد محزن ومؤلم ويؤكد أن الناس فى هذا المكان يتعاملون مع الأمر وكأننا فى حفلة وليس فى مواجهة فيروس خطير!!.
الفيديو الثانى مائدة رحمن فى أحد شوارع بولاق الدكرور. حيث يجلس الناس متلاصقين، كنت أعتقد أن الفيديو مفبرك، لولا أن أحد الحاضرين يعلق بقوله إن نشر هذا الفيديو يمكن أن يعرضهم للمساءلة القانونية، وسمعت أنه تم القبض على منظميه وأتمنى أن يكون العقاب رادعا حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
مشهد ثالث لمجموعة من العاملين فى إحدى الشركات تصر على الصلاة جماعة، فى مكان ضيق، بل ويتبادلون سجادات الصلاة، غير مكترثين بإمكانية انتقال العدوى لديهم. منطقهم يقول :«يعنى هى جاءت على الصلاة. طالما هناك زحام فى أكثر من مكان فلماذا تحرمونا من الصلاة؟!». وحينما تقول لهم إن الحرم المكى مقفول وغالبية بلدان العالم الإسلامى أغلقت المساجد، لأن الحفاظ على النفس البشرية مقدم على إقامة الشعائر الجماعية وأن كل الأديان السماوية والوضعية فعلت ذلك، يصمتون!.
كتبت قبل ذلك، مشيدا بالتزام غالبية المصريين بالحظر، وكتبت أيضا مدافعا عن العمالة غير المنتظمة التى تضطر للنزول للشارع سعيا وراء رزقها، لكن اليوم أتحدث عن الفئة الثالثة المستهترة، التى تنزل الشوارع نهارا، وتخرق الحظر ليلا، رغم عدم حاجتهم لذلك.
ومن الواضح أن النسبة الكبيرة من هؤلاء لا تدرك خطورة الأوضاع، وبعضهم وصلتهم رسالة بالخطأ من الحكومة، هى أن الفيروس انتهى وغادر مصر، ولن يعود إليها مرة أخرى!
الحكومة حينما قررت تقليص الحظر بحيث يبدأ من التاسعة مساء وليس السابعة، كانت تريد إتاحة الفرصة لمنع التكدس فى المواصلات، وكانت تريد أيضا عدم إغلاق الاقتصاد لأن حال البلد لا يتحمل ذلك، لكن للأسف البعض فهم الأمر بصورة خاطئة ومعكوسة.
والأسوأ أن بعضا ممن يفعلون ذلك متعلمون ومثقفون لكنهم يهيمون فى واد آخر تماما.
ومن أجل كل ما سبق فإننى أناشد الحكومة، خصوصا وزارة الداخلية أن تظهر «العين الحمرا» لكل المهملين والمتقاعسين، وبالأخص المستهترون، وأن تعود سيارات الشرطة للمرور ليلا فى الشوارع خصوصا الشعبية، وأن تلزم الناس بالبقاء فى بيوتهم، خصوصا أثناء الحظر، وأن تمنع أى تجمع غير ضرورى نهارا، حتى تصل رسالة للجميع، بأن الاستهتار فى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، يمكن أن يؤخر تعافى المجتمع من كورونا، ويكبد الجميع خسائر فادحة، فى ظل ظروفنا الصعبة.
حان الوقت للضرب بيد من حديد على كل المنفلتين، حتى يدركوا خطورة الأوضاع و«يكنوا فى بيوتهم»!.