توقيت القاهرة المحلي 23:50:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطيب والخشت.. خسرنا فرصة بداية التجديد

  مصر اليوم -

الطيب والخشت خسرنا فرصة بداية التجديد

بقلم: عماد الدين حسين

منذ سنوات وجميعنا يدعو إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى، وبدء نقاش حقيقى بشأنه، لكن المفارقة المدهشة أنه فى اللحظة التى حدث فيها نموذج عملى لذلك، انقسمنا جميعا، ونسينا ما نادينا به وراح كل منا يتخندق حول أفكاره وآرائه.
النقاش الذى جرى بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ورئيس جامعة القاهرة وأستاذ الفلسفة الإسلامية الدكتور محمد عثمان الخشت خلال المؤتمر العالمى للأزهر لتجديد الفكر الإسلامى الذى انعقد الأسبوع قبل الماضى بالقاهرة، كان فى رأيى نقاشا علميا مهما جدا ــ بغض النظر عن كل التحفظات هنا وهناك ــ لكن المفارقة أن معظم التعليقات والجدل بشأنه، ركزت على قضايا فرعية وهامشية ولم تهتم بجوهر النقاش الاصلى.
الرئيس عبدالفتاح السيسى يدعو إلى تجديد الخطاب الدينى منذ سنوات وكذلك العديد من الرؤساء والملوك العرب والمسلمين ومعهم كبار المثقفين. وهناك اتهامات كثيرة للعديد من الهيئات الدينية، المنوط بها إجراء هذا التجديد، بأنها لم تتحرك، ولم تفعل شيئا، لكن الأزهر، يقول إنه يمارس دوره، وأنه عقد العديد من المؤتمرات التى شهدت أوراقا بحثية مهمة فى هذا الصدد.
كان المنطق أن نرحب جميعا بالمؤتمر الأخير والنقاشات التى جرت فيه، لأنه مثال عملى لما ننادى به من تجديد الفكر الإسلامى. وفى اللحظة التى حدث فيها ذلك، انقسمنا جميعا حول الفروع وليس حول الأصول. واهتم الكثيرون بـ«اللقطة» العابرة، وتجاهلوا الاوراق البحثية المهمة التى تم تقديمها خلال المؤتمر.
للأسف الشديد معظمنا يتحدث عن أفكار عامة مبهمة من دون تفكير أو تمحيص.
لو نسينا للحظة واحدة الاستقطاب والتخندق والتمترس، فسوف نكتشف أن ما حدث كان تطورا مهما، ونقاشا على الهواء بين رأين مهمين فى مسألة التجديد، يعبران عما هو موجود من تباين واختلاف فى العالمين العربى والاسلامى بشأن قضية التراث والتجديد.
لو أن مجتمعاتنا صحية وعفية، لكان النقاش الحقيقى انصرف إلى ما طرحه كل من الخشت والطيب، لكن النقاش ذهب فى معظمه إلى شخصى الرجلين.
راجعوا ما كتب وقيل فى وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وسوف تجدون معظمه انحصر فى انطباع ورأى الناس فى الطيب والخشت، وليس فيما قالاه من افكار.
المؤيدون للإمام رفضوا كلام الخشت، من دون أن يطالعوه بدقة، لأنهم يرون فى الخشت شخصا مؤيدا للحكومة فقط، والعكس كان صحيحا، فالمؤيدون للخشت رفضوا كلام الإمام الأكبر، باعتباره من وجهة نظرهم ليس متحمسا بما فيه الكفاية لتجديد الخطاب الدينى.
ما حدث من نقاش او جدل او مناظرة غير مرتبة، كان فرصة طيبة جدا لبدء نقاش علمى حقيقى، والبناء عليه بشأن القضايا التى طرحت، لكن للأسف فإن «المجتمع المريض» تجاهل ذلك وانصرف إلى الحرب الشخصية المحتدمة، وانشغل بمن فاز ومن خسر. ومن سوء الحظ أن من فعلوا ذلك، لم يكونوا جمهور القطيع والكتائب الإلكترونية فقط، ولكن العديد من رموز النخبة فى الجانبين الذين يصدعون رءوسنا جميعا كل يوم بمقولات معلبة، لكن حينما حدث ذلك، تحولوا إلى «مشجعى ترسو فى الدرجة الثالثة»!.
نحن أهدرنا فرصة عظيمة لبدء حوار مجتمعى حقيقى، خصوصا أن المناظرة متاحة للجميع على اليوتيوب، وكان المفروض أن نبنى على ما حدث، وأن نستقطب آخرين ــ خصوصا الشباب ــ للاستكمال والمناقشة التفصيلية فى النقاط محل الخلاف، علنا نصل إلى حلول أو أرضية مشتركة، أو حتى نحصر نقاط الخلاف لبدء مناقشتها مرة أخرى. بحيث يستفيد المجتمع بأكمله، بدلا من تحويل الأمر إلى حرب قبلية عصيبة، وليس نقاشا علميا بين متخصصين وخبراء.
خسرنا فرصة عظيمة للتحرك للأمام، والمعنى الوحيد لما حدث بين الخشت والطيب، أن المجتمع بصفة عامة، ونخبه بصفة خاصة، ليس مهيأ حتى الآن لبدء هذا الحوار، طالما أن الغالبية تفكر بهذا المنهج الاستقطابى الحاد، وكأن ما حدث كان نقاشا بين جمهورى الزمالك والأهلى فى مدرجات الدرجة الثالثة، وليس حول موضوع شديد التخصص والتعقيد، ويتعلق بتراث دينى عمره 1441 عاما هجريا!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطيب والخشت خسرنا فرصة بداية التجديد الطيب والخشت خسرنا فرصة بداية التجديد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon