بقلم: عماد الدين حسين
فى اللقاء الذى جمع المراسلين الأجانب وبعض الصحفيين المصريين مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء يوم الإثنين الماضى، كشف الرئيس عن غالبية المواقف المصرية من الأزمات والمشكلات والقضايا داخليا وخارجيا.
هذا اللقاء جرى فى اليوم الثانى من منتدى شباب العالم فى مركز المؤتمرات بشرم الشيخ. لم يذع على الهواء خلافا لما حدث مع كل فعاليات وجلسات وورش عمل المنتدى، لكن جرى بث معظم وقائعه فى اليوم التالى.
بشأن تركيا، واتفاقها الأمنى مع حكومة فايز السراج فى ليبيا، قال الرئيس إن البيان الذى صدر عن الخارجية المصرية بشأن هذا الموضوع يعتبر كافيا.
لكن حينما تحدث الرئيس عن الأوضاع فى ليبيا قال بحسم: «من دون إطلاق تصريحات رنانة، فإننا لن نسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا والسودان، لأنه أمر فى صميم الأمن القومى المصرى، ولن نتخلى عن الجيش الوطنى الليبى، ولا يمكن أن نرضى بقيام دولة فى ليبيا للميلشيات والجماعات المسلحة والإرهابية والمتطرفة.
اللافت أن هذه التصريحات تأتى بعد أيام قليلة من تلميح أردوغان، بأنه لا يستبعد إرسال قوات تركية إلى ليبيا.
فى اليوم التالى أكتملت الصورة، حينما قال الرئيس خلال لقائه مع مجموعة من شباب المنتدى: «أنا إنسان مسالم، ومقاتل حينما يفرض على القتال، قبل كده بادفع بالحسنة والطيب والمعروف». وأظن أن هذه الرسالة ليست موجهة فقط إلى تركيا التى تتحرش بمصر واليونان وقبرص فى شرق البحر المتوسط وفى ليبيا. ولكنها موجهة أيضا إلى كل من يهمه الأمر.
فى هذا الصدد كان هناك سؤال مهم عن تهديد رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد بأنه قادر على تجنيد مليون مواطن للقتال إذا هدد أحد سد النهضة.
إجابة الرئيس كانت من شقين الأول أن سد النهضة ما كان ليتم بناؤه دون اتفاق مع مصر، لولا ما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١ وما بعدها. ونحن نتوقع اتفاقا فى منتصف يناير المقبل، أو نلجأ إلى طرف رابع طبقا للاتفاق الإطارى عام ٢٠١٥. والشق الثانى المتعلق بتهديد إثيوبيا لمصر، قال الرئيس خلال فترة رئاستى لم نتحدث بطريقة شائكة، ولا ينبغى إنفاق مواردنا فى الحروب وإنما على التنمية والإعمار وإذا كان رئيس وزراء إثيوبيا يشيد السد من أجل التنمية، فإن تكلفة حشد مليون شخص سوف تلتهم ثمار التنمية، لأن الحشد يكلف مليارات الدولارات. ثم خاطب آبى أحمد قائلا: «أنت مش بتدور على تنمية.. هتعمل سد وتنمية، أم ستصرف على حرب؟!!».
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال الرئيس أن موقف مصر ثابت ولم يتغير وثوابتنا مع قرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين المناسب للجميع. لكن الرئيس كان متشائما بشأن إمكانيات الحل، حينما قال بوضوح: هى قضية القضايا، لكن لا يوجد فى الأفق أى احتمالات للحل. وكلام نتنياهو الأخير كان وعودا انتخابية.
عن اليمن كان السيسى أكثر تفاؤلا، وقال إنه يتوقع حلا سياسيا، خلال شهور وليس خلال أيام أو أسابيع.
سؤال الزميل سمير عمر مدير مكتب سكاى نيوز كان عن جنوب السودان، ورحب الرئيس بأى محاولات للحل هناك. كما تطرق أيضا أيضا إلى الوضع فى السودان حينما قال إن معظم المشكلات التى عانى منها السودان وغيره من دول المنطقة نابع من عدم القدرة الاقتصادية.
الزميلة صفاء فيصل مديرة مكتب «بى بى سى» بالقاهرة، سألت عن العلاقات المصرية البريطانية، خصوصا بعد فوز حزب المحافظين بقيادة بوريس جونسون بالانتخابات النيابية الأخيرة، فقال إننى هنأت جونسون، وتوقعنا فوزه ومتفائلون بمستقبل العلاقات الثنائية.
السؤال الأكثر إثارة وجهه الزميل ياسر عبدالعزيز مدير مكتب «الشروق الأوسط» بالقاهرة عن حقيقة المصالحة مع قطر. وجاءت إجابة الرئيس: «نتكلم عن الـ١٣ مطلبا بمنتهى الوضوح، والأمر لم يتغير، لكن هناك جهودا تبذل ونتمنى أن تنجح، والأهم من الحديث عن الشروط هو وجود عوامل لبناء علاقات صحية وعدم التدخل فى شئون الغير».
الرئيس طلب من الإعلاميين أن يكونوا مهنيين وهم يتحدثون ويكتبون، وأن يراعوا ظروف مصر ومشاكلها وقلة مواردها، فهى ثلث سكان أوروبا، لكنها لا تملك ثلث الناتج القومى لأوروبا، ولا تملك أيضا ثروات بعض الدول التى تهاجمنا أو تنتقدنا. هو سأل أيضا الذين يتحدثون عن إغلاق خمسة آلاف منصع بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ قائلا: ولماذا لم تسألوا: لماذا توقفت هذه المصانع؟! وأجاب ليست لدينا أى مشاكل إلا الاستقرار. نحن نحتاج مليون فرصة عمل للشباب كل عام.
الحوار كان ثريا والمنظمون كانوا موفقين وإدارة شريف عامر كانت ممتازة. وبصورة اجمالية فان تصريحات الرئيس فى هذا اللقاء ومداخلاته فى جلسات المنتدى كانت تعبيرا عن مواقف الدولة المصرية من القضايا الراهنة.