بقلم - عماد الدين حسين
صباح أمس كانت هناك جلسة مهمة للغاية فى المنتدى الدولى للشباب بعنوان: «مواقع التواصل الاجتماعى.. تنقذ أم تستعبد مستخدميها؟».
الرئيس عبدالفتاح السيسى قال إنه «من دون هذه التكنولوكيا ما استطعنا إقامة هذا الحدث، والتواصل مع أكثر من ١٦٠ ألف شخص حول العالم، لكن الدول المتقدمة قادرة على استخدام التكنولوجيا بطريقة آمنة، عكس الدول الأقل تقدما».
التطور المهم أن رئيس الجمهورية قرر تشكيل لجنة أو مجموعة لبحث تأثير مواقع التواصل الاجتماعى وأدواتها، ووضع استراتيجية قادرة على تعظيم الاستفادة من هذه المواقع».
فى الجلسة نفسها قال العميد خالد عكاشة عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، إن وسائل التواصل الاجتماعى مهمة ويمكن الاستفادة منها، لكن هناك زوايا شديدة الخطورة فيها. والإرهاب صار يحقق استفادة كبيرة منها، هى وفرت له الانتشار الجغرافى الكبير. وعلى حد قول عكاشة فإن «شخصا من إفريقيا يمكنه التحدث مع الجميع فى قارات العالم الخمس، وهذا نشاط تم إعطاؤه للإرهابيين بشكل مجانى فقط بسبب وسائل التواصل الاجتماعى التى وفرت عيونا كبيرة للإرهابيين ليعرفوا كيف تعيش المجتمعات وتفكر ونقاط ضعفها، وهو ما يمكنهم من إجراء دراسات مسحية، تساعدهم على رسم خططهم المستقبلية».
أتفق تماما مع ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى والعميد خالد عكاشة بشأن توصيفهما لوسائل التواصل الاجتماعى، لكن أخشى أن يسعى البعض لترجمة هذا الكلام إلى قوانين وإجراءات بصورة تضيف قيودا جديدة على هامش الحرية الموجود فى هذه الوسائل.
السؤال: هل وسائل التواصل الاجتماعى قدمت خدمات للإرهابيين؟ الإجابة هى: نعم ونعم ونعم، من أول التجنيد ونشر الأفكار، انتهاء بإعطاء أوامر التنفيذ للأعمال الإرهابية. لكن فى المقابل فإن الخدمات الجليلة الخيرة والجيدة التى قدمتها وسائل التواصل الاجتماعى، لا تعد ولا تحصى، من أول تسهيل الاتصالات بين البشر، نهاية بزيادة جرعة وحجم المعلومات والمعارف والحريات باتساع العالم والحد من نزعة التعتيم والاستبداد الموجودة فى أماكن كثيرة. ولولا وسائل التواصل الاجتماعى، لأمكن التعتيم على العديد من الجرائم والمظالم، والفضائح.
وبالتالى يصبح السؤال الجوهرى هو: كيف يمكن الحفاظ على إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعى من جهة، والحد من سلبياتها من جهة أخرى؟
المسألة ببساطة هى أن يتم محاسبة أى شخص أو جهة أو تيار يروج للأكاذيب والشائعات ويحض على العنف والإرهاب والتطرف، أو يرتكب أى شىء مخالف للقانون؟!
لا أظن أن هناك من يعترض على محاسبة ومعاقبة المتطرفين والإرهابيين ومن يمولهم ويدعمهم بأى شكل من الأشكال.
إذا ما هى المشكلة؟!
هى ببساطة المسافة الوسط ما بين محاربة الإرهاب وبين التضييق على الآراء والحريات النسبية الموجودة على الشبكة العنكبوتية.
لن يعترض أحد حينما يتم حجب ومنع أى موقع أو حساب إرهابى أو يحض على دعم الإرهاب، لكن المسألة الجوهرية هو ذلك الحد الفاصل بين الكتابات والآراء والأفكار التى تختلف مع وجهة نظر الحكومة، لكنها ليس لها علاقة بالمرة مع الإرهاب، كيف سيتم التعامل معها وهل سنعتبرها محرضة على الإرهاب لمجرد أنها مختلفة؟!
لنحارب الإرهاب بكل الطرق والوسائل، لكن علينا أن نكون حريصين كامل الحرص على عدم التضييق على الآراء والأفكار مادامت تتم تحت سقف القانون والدستور، لو فعلنا العكس وخلطنا بين تحريض الإرهابيين وبين انتقاد المعارضين، فسوف نكون قد قدمنا أفضل خدمة للإرهاب والإرهابيين والمتطرفين!.
نقلا عن الشروق القاهرية