بقلم: عماد الدين حسين
هل من الصحيح أن يقوم الإعلام المصرى ليل نهار بانتقاد الشعب المصرى واتهامه بأنه لا يتمتع بأدنى درجة من الوعى فى مواجهة كورونا، وأن الرهان عليه كان خاسرا؟!.
السؤال السابق طرحه على صديق عزيز يتابع الإعلام المصرى والأجنبى بدقة ودأب فيما يخص طريقة التعامل مع الفيروس.
الصديق وهو شخصية عامة مرموقة يشرح وجهة نظره بقوله:
لا يعقل أن يقوم الإعلام وأحيانا الحكومة بانتقاد المواطنين طوال الوقت وإلقاء المسئولية عليهم، باعتبارهم المسئولين عن كل السلبيات، بل يصل الأمر إلى تصوير المصريين بأنهم حالة خاصة بين الأمم فى عدم الوعى بالإجراءات الصحية.
الصديق أرسل لى أخبارا ومشاهد فيديو للمواطنين البريطانيين وهم يتدافعون إلى الشواطئ العامة متزاحمين، ومتلاصقين وغير متبعين لأى إجراءات تباعد اجتماعى أو حتى مجرد ارتداء الكمامة.
هم نزحوا إلى السواحل والشواطئ لأن درجة الحرارة كانت شديدة ووصلت إلى ٢٨ درجة الشهر الماضى، خصوصا فى مدينة برايتون.
هذه المشاهد استفزت وزير الصحة البريطانى مات هانكوك الذى حذر من أن الحكومة قد تضطر إلى إغلاق الشواطئ خصوصا فى جنوب إنجلترا، إذا استمر تجاهل مرتاديها للقواعد الاحترازية، وهذا التجاهل من وجهة نظر الوزير سيحول البريطانيين إلى وليمة جماعية للفيروس، وينسف مخططات الحكومة لإعادة فتح الاقتصاد الذى بدأ بالفعل فى ٤ يوليو الجارى. هذا التدافع البريطانى دفع رئيس الوزراء بوريس جونسون لمخاطبة مواطنيه قائلا: «طلبنا منكم الاهتمام واتباع القواعد، فلم نلق منكم إلا الدعابة والسخرية.. تذكروا أن الخطر لم ينته بعد».
يقول الصديق إنه إذا كان ذلك هو حال المواطنين البريطانيين الذين يضرب بهم المثل فى الانضباط والوعى، فهل نلوم المصريين، ثم إن غالبية المواطنين الأمريكيين اندفعوا أيضا للشواطئ فى كاليفورنيا وفلوريدا ونيويورك فى الفترة الأخيرة من دون أى التزام بقواعد التباعد الاجتماعى، رغم أن عدد الإصابات فى الولايات المتحدة يسجل أرقاما قياسية كل يوم تقريبا ووصل إلى ٦٠ ألف إصابة يوميا.
الصديق يقول إنه لا يقصد بكلماته أن نترك الناس تفعل ما تشاء، بالمخالفة لكل القواعد الصحية، ولكن يقصد ألا تتحول وسائل الإعلام وبعض المسئولين إلى جلد المواطنين وإلقاء المسئولية عليهم فقط.
يشرح كلامه بقوله: «يفترض أن كل طرف عليه دور وواجب ومسئولية، وعندما يؤديها، يمكن بعدها أن يتحدث وينتقد الآخرين»!!.
الحكومة دورها أن تضع سياسة صحية سليمة توفر من خلالها المستشفيات والمستلزمات والأدوية والأجهزة والكفاءات الإدارية، وأن تلبى المطالب الأساسية للأطقم الطبية، ثم تضع الإجراءات الإدارية التى يفترض أن يتبعها الشعب الذى بدوره يفترض أن يلتزم بكل القواعد الصحية التى تضعها الحكومة، وبالتالى فالعملية ليست ذات اتجاه واحد، بل مشتركة.
أيضا لا يمكن لنا لوم المواطنين حينما ينزلون للشوارع بحثا عن الرزق.. إذا أردنا أن يجلسوا فى البيت فعلينا أن نوفر لهم المقابل المادى.
يضيف الصديق: «إذا افترضنا جدلا أن غالبية الشعب غير واع بما يحدث ويتجاهل التعليمات، فهل نلومه، أم نلوم من لم يستطع أن يعلمه أو يثقفه جيدا؟!».
الشعب هو انعكاس للحالة العامة فى البلد، من أول التعليم والصحة مرورا بأحواله المعيشية والسياسية والاجتماعية ونهاية بالقيم السائدة وحال الإعلام والقيم والتوافق المجتمعى.
وإذا كانت شعوب مثل بريطانيا وأمريكا وغيرها من الأمم المتقدمة قد اندفعت إلى الشواطئ فعلينا أن نسأل لماذا؟.
ربما يكون السبب هو الإحساس العام بالخنقة والرغبة فى الانطلاق وهو شعور يساور سكان العالم أجمع. ومن هنا علينا أن نتوقف عن جلد المواطنين، وأن نحاول فهم تجاهلهم أحيانا للتعليمات.
خلاصة كلام الصديق أن على أجهزة الإعلام أن تتحلى بالتواضع قليلا، وتتوقف عن جلد الناس وأن ترى الصورة كاملة من كل الزوايا.