بقلم: عماد الدين حسين
السؤال الأزلى: ما الذى يريده معظم الناس من أى تعديل أو تغيير وزارى؟!
الإجابة ببساطة هى أنهم يريدون تغييرا أو تعديلا فى حياتهم إلى الأفضل قدر الإمكان.
نطرح السؤال السابق بمناسبة أن هناك احتمالا كبيرا بتعديل أو تغيير وزارى خلال الأيام القليلة المقبلة.
بصفة عامة فإن غالبية المواطنين، لا يفرق معهم كثيرا أسماء الوزراء وشخصياتهم. هم يركزون أكثر على سياساتهم وكيفية أداء عملهم وقدرتهم على تغيير الأوضاع الصعبة إلى الأفضل.
النظام السياسى المصرى يجعل رئيس الجمهورية، الشخصية الأكثر محورية فى السياسة المصرية منذ ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، بعد أن صارت مصر جمهورية، بعد أن كان نظامها السياسى برلمانيا، البطل فيه هو رئيس الوزراء منذ عام ١٩٢٣، وربما يفسر لنا هذا أن عددا كبيرا من المصريين لا يعرفون أسماء بعض الوزراء، بسبب ضعف أدائهم أو قلة صلاحياتهم. وبالتالى، وحينما يفكر غالبية المصريين خصوصا البسطاء فى الوزراء، فإنهم ينتظرون أفعالهم.
تخيلوا مثلا كيف يفكر المصريون أو غالبيتهم فى وزير التموين؟! ما يشغلهم ليس شخصه مع كل التقدير للوزير د. على مصيلحى. الذى يشغلهم أن تتوافر السلع التموينية الأساسية، فى أول كل شهر، وأن تكون بأسعار فى متناولهم، خصوصا السلع الأساسية مثل الأرز والزيت والسكر والدقيق. ويشغلهم ألا يخرجوا من «بطاقة التموين»، حتى لا يخسروا السلع المدعمة، بعد أن صار ثلثهم تحت خط الفقر «٣٢٪» وثلثهم الآخر يكاد يقترب منه، وثلثهم الأخير يجاهد للصعود إلى الطبقة الوسطى العليا!!
يشغلهم أيضا أن يحصلوا على الرغيف المدعم الرخيص جدا بخمسة قروش.
ينشغل المصريون أيضا بوزير الكهرباء، ومع تقديرى واحترامى للدكتور محمد شاكر. ينشغل المصريون كثيرا، بفاتورة الكهرباء كل شهر. هم يتمنون أن تكون خفيفة و«حنينة» على جيوبهم، ولا «تكهرب» حياتهم وتقلبها رأسا على عقب، كما يحدث الآن.
وحينما يأتى ذكر وزارة الداخلية فأول ما يخطر على بال المصريين هو حجم الأمن والاستقرار فى المجتمع، وكيفية المعاملة التى يتلقاها المواطنون فى أقسام الشرطة وكل المؤسسات الشرطية، وكذلك فى الشوارع خصوصا المرور.
ما يشغل بعض المصريين خصوصا المحتاجين منهم، ليس شخص وزير التضامن الجديد الذى سيحل محل الوزيرة القديرة غالى والى ــ التى أثبتت كفاءة حقيقية، ونالت احترام الجميع ــ بل أن يحصلوا على معاش تكافل وكرامة أو الضمان الاجتماعى، بعد أن تحولت حياة كثيرين منهم إلى جحيم.
كل التقدير للوزيرة هالة زايد لكن ما يشغل المصريين، أن تكون المستشفيات الحكومية متاحة ونظيفة وجاهزة للتعامل مع أمراضهم المتعددة، وأن يجدوا سريرا لائقا أو غرفة عناية مركزة فى حالة الاحتياج. وأن يستيقظوا ليجدوا تطبيقا فعليا وشاملا وعادلا ومعقولا لقانون التأمين الصحى، الذى بدأت خطواته الفعلية أمس فى بورسعيد.
لا ينشغل المصريون أيضا بشخص وزير التعليم مع التقدير الكبير للدكتور طارق شوقى، بل بسياساته، وربما يكون هذا الوزير الأكثر تأثيرا والأهم فى حياتهم أيضا، لأن سياساته وأداءه، لن يؤثر فقط فى حياة أولادهم فى المدارس، بل فى مستقبلهم وفى الأجيال القادمة. يشغلهم ويحلمون بأن تتوافر مدارس لائقة ومناهج متقدمة ومعلمون مؤهلون.
يهتم المصريون بسياسة وزير النقل، وهل تصل القطارات فى مواعيدها أم لا، ومدى نظافتها وسلامتها وطريقة معاملة الركاب، ونسبة الحوادث.
وحينما يفكر المصريون الآن فى وزارة الرى فإن أول ما يشغلهم هو أن تتمكن الوزارة مع المؤسسات الأخرى، من ضمان حصة مصر فى مياه النيل، عقب اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبى، بما يضمن توافر المياه للشرب والزراعة وبقية الاستخدامات الأخرى.
وحينما يفكر المصريون فى وزراء التجارة والصناعة والاقتصاد والاستثمار والتخطيط فإن ما يشغلهم ليس أسماء الوزراء، بل أسئلة من عينة: هل هناك فرص عمل لائقة وكافية لهم أم لا، وهل إقامة المشروعات سهل أم معقد ومدى توافر السلع.
بالطبع أى وزير لا يعمل فى برج عاجى، وهناك عوامل أساسية تكون سببا فى نجاحه أو فشله، وأهمها الإمكانيات والموارد المتاحة، والظروف التى يعمل فيها، والصلاحيات التى يتمتع بها. ولا يمكن لعاقل أن يغفل أهمية المهارات والسمات الشخصية لكل شخص خصوصا الوزراء وكبار المسئولين.. لكن تظل السياسات والأفعال هى الأساس.
كل التوفيق للوزراء الحاليين منهم والسابقين!!