بقلم: عماد الدين حسين
من أكثر المشاهد المفرحة فى الفترة الأخيرة كانت جموع المصريين الذين توافدوا على معرض القاهرة الدولى للكاب المقام حاليا فى مركز مصر للمؤتمرات الدولية فى القاهرة الجديدة.
زرت المعرض مرتين، الأولى يوم السبت قبل الماضى، للمشاركة فى ندوة عن إطلاق الطبعة الثانية من كتاب « الشيخ زايد.. محطات وصور فى الصحافة العربية»، والمرة الثانية يوم الجمعة الماضى، للمشاركة فى ندوة عنوانها «الصحافة المصرية والقوة الناعمة».
تجولت فى بعض أروقة المعرض، ورصدت الملاحظات التالية:
أولا: هناك إقبال كبير، رصدته بالعين المجردة، وليس عبر الإحصائيات. رأيت جميع الفئات من الأطفال إلى الشيوخ، ومن الرجال إلى النساء، لكن النسبة الأكبر كانت للشباب، وهو أمر مبشر. سألت أحد مسئولى المعرض: كيف تعرفون عدد الزائرين بالضبط، بعيدا عن التهويل والمبالغة التى كنا نسمعها كل عام؟!. أجاب بأن هناك أكثر من طريقة، الأولى عدد التذاكر المباعة، ثم عدد الدعوات، وعدد تصاريح السيارات. وهناك عداد على كل بوابة يرصد عدد الداخلين بالضبط، والدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة قالت إنه تم تحطيم رقم المليون زائر نهاية الاسبوع الماضى. وأحد المسئولين قال لى إن يوم الجمعة الماضى سجل عدد قياسيا بالنسبة ليوم واحد، وهيثم الحاج على رئيس الهيئة العامة للكتاب قال إن العدد وصل إلى 3.2 مليون زائر حتى امس الأول الاثنين، ويتوقع ان يصل العدد إلى 3.7 مليون بنهاية المعرض.
الملاحظة الثانية: تتعلق بالتنظيم، وللموضوعية فهو يستحق تقدير جيد جدا. أولا هناك تفتيش لمرة واحدة على بوابة الدخول الرئيسية، وليس على كل صالات العرض، كما كان يحدث من قبل وكان يؤدى إلى التكدس وارهاق الناس.
ثانيا: طريقة توزيع الأجنحة والصالات منسقة بصورة طيبة. وطريقة الدخول والخروج من الأجنحة والصالات مريحة. وباستثناء أن الممرات فى الأجنحة ضيقة، إلى حد ما، فإن بقية المشهد كان جيدا، وقد سألت مسئولى أكثر من جناح ودار نشر، فكانت إجاباتهم أن التنظيم جيد بصفة عامة وإن كانوا يحلمون بزيادة المساحة المخصصة لاجنحتهم.
الملاحظة الثالثة: التنظيم بين الأجنحة والقاعات الرئيسية واماكن الانشطة جيد جدا خصوصا الأماكن المعدة للمأكولات أو الأنشطة الميدانية.
الملاحظة الرابعة: وهى أن انتقال المعرض إلى المقر الجديد فى القاهرة الجديدة، نقلة مهمة وحضارية، ولا يمكن مقارنته بالفوضى والعشوائية التى كانت موجودة فى مدينة نصر.
صحيح أن المقر القديم كان قريبا، ويعتبر فى وسط القاهرة، لكن الشكوى من المسافة الطويلة للقاهرة الجديدة طبيعية تقل، والجمهور تعوّد على المكان ولم يعد يشكو، خصوصا فى ظل توافر وسائل نقل عام متنوعة فى مقدمتها اتوبيسات النقل العام.
الملاحظة الخامسة: كنت أتمنى أن يستمر سعر تذكرة الدخول جنيها واحدا، وليس خمسة، حتى يتمكن من جذب شريحة أوسع من الشباب، حتى لو كان سيدخل المكان للفرجة فقط، وقراءة عناوين الكتب.
الملاحظة السادسة: ليس صحيحا أننا شعب لا يقرأ، أو أن نسبة القراءة قد تراجعت، وسمعت من المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة الشروق، بأن نسب القراءة تزيد بصفة عامة، وأن كل ما يقال فى هذا الصدد كلام مرسل، وليس واقعيا.
الملاحظة السابعة: قالها لى أحد الأصدقاء، وهى أن الإقبال على كتب التراث قد تراجع إلى حد ما. ولا أعرف مدى صحة هذه الظاهرة.
الملاحظة الثامنة: أن عدد حضور غالبية الندوات ليس كثيفا، ولا أعرف سببا معينا لذلك، وإن كنت أرجح أن الجمهور انصرف لأنه يعرف أنه لن يسمع كلاما جديدا ومختلفا، أو ربما لأن غالبية المتحدثين يمثلون صوتا واحدا، ورأيت استثناء لذلك فى مناقشة لقاء الشاعر الكبير فاروق جويدة، وفى مناقشة كتاب نشات الديهي «أهل الشر» الحضور كان كثيفا والنقاش ساخنا، وتطرق للعديد من القضايا المهمة خصوصا كيفية التعامل مع أعضاء جماعة الاخوان، الذين ارتكبوا أعمال عنف أو المسالمين «واللى فى حالهم».
الملاحظة التاسعة: سمعتها من أكثر من زائر وهى ضرورة توسيع وتنظيم الأماكن المخصصة لمواقف السيارات الخاصة.
الملاحظة العاشرة والأخيرة: سمعتها من أحد كبار الناشرين، وهى أن معرض الكتاب هو أهم وأكبر معرض عربيا وإفريقيا، ولا يمكن مقارنته بمعرض آخر، يمكن أن ينافسه فى المنطقة. والمطلوب أن نبنى على هذه السمعة والمكانة، وأن نقلل الجهد فى أمور مثل بعض الندوات غير المفيدة، وأن نزيد الجهد فى استضافة ناشرين وموزعين ومؤلفين وأساتذة جامعات عرب وأفارقة وأجانب، حتى نزيد نسبة القراءة، ونفتح المزيد من الأبواب والأسواق أمام الكتاب المصرى.
تحية شكر وتقدير لكل القائمين على أمر المعرض؛ لخروجه بهذه الصورة، خصوصا للوزيرة إيناس عبدالدايم وهيثم الحاج على.