فى الأول من نوفمبر الحالى كتب الروائى عمرو العادلى، على صفحته على الفيسبوك ما يلى:
«من كام يوم قلت أذهب لأحجز تذكرتين فى حفلة مهرجان الموسيقى العربية بدار الأوبرا، منذ عام كنت أحجز التذكرة بـ٥٠ و١٠٠ و١٥٠ جنيها. وقلت فى نفسى أكيد أسعار التذاكر زادت لأن كل حاجة غليت، والتذكرة التى كانت بـ٥٠ جنيها سترتفع إلى ٧٥، وتذكرة بـ١٠٠ ستبقى بـ١٥٠ جنيها. وضعت يدى فى جيبى ووقفت على شباك التذاكر، ونظرت الموظفة من خلف الزجاج وسألتنى: حضرتك تريد أن تحجز تذكرتين بأى سعر، هل بـ٥٠٠ أم ٧٥٠ أم ١٠٠٠ حنيه؟. لا أعرف لماذا رقم الألف تحديدا كان أشبه بطوبة ألقيت وخبطت فى عينى!».
انتهى كلام الروائى عمرو العادلى الذى نقلت مضمونه بتصرف، وللامانة، فهو لم يكن بمفرده بل إن ما قاله ردده كثيرون فى وسائل الإعلام، خصوصا السوشيال ميديا. بل إن نفس النقاش دار بيننا فى غرفة إدارة تحرير «الشروق»، أكثر من مرة خلال الايام الماضية.
هذه الأرقام طبعا مرتفعة جدا بالنسبة لغالبية المصريين، الذين يتقاضى بعضهم فى وظيفته شهريا أقل من سعر أغلى تذكرة بالمسرح الكبير!
ولأننى أحاول تعويد نفسى على الموضوعية، فقد تواصلت مع الأستاذ محمد منير مدير عام الإعلام فى دار الأوبرا، والمتحدث الرسمى باسم وزارة الثقافة، وقال لى المعلومات التالية:
سعر الـ ١٣٠٠ جنيه كان فقط فى ثلاث حفلات هى محمد منير خلال الافتتاح، وأصالة فى الختام، وأنغام فى المنتصف. لكن فى نفس الحفلات هناك تذاكر بـ300 جنيه.
وأقصى سعر لتذاكر دار الأوبرا طوال العام هو ٥٠٠ جنيه، وهناك تذاكر بـ٣٠٠ جنيه وأخرى بـ١٥٠ جنيها ورابعة بـ١٠٠ جنيه. وبالتالى فإن أسعار ٧٥ و١٠٠ و١٥٠ جنيها ما تزال موجودة طوال العام فى أماكن متعددة تابعة لوزارة الثقافة. ثم إن مسارح الموسيقى العربية والجمهورية ودار أوبرا دمنهور تعرض غالبية حفلات المسرح الكبير فى مهرجان الموسيقى العربية، بأسعار تذاكر تبدأ من ٧٥ جنيها و١٠٠ جنيه و١٥٠ جنيها.
وزارة الثقافة ــ كما يقول منير ــ تطبق العدالة الثقافية كما ينبغى لها أن تكون. فغالبية نجوم مهرجان الموسيقى العربية قاموا بالغناء قبل أسابيع قليلة فى مهرجان محكى القلعة، وكان سعر التذكرة ١٥ و٢٠ حنيها، بمعدل ثلاث حفلات يوميا طوال أسبوعين، فهل هناك عدالة أكثر من ذلك؟
فى هذا المهرجان غنى على الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح بـ١٥ جنيها للتذكرة، وحينما عزف عمر خيرت حضر عشرين ألف شخص بنفس السعر، فى حين أن أقصى سعة للمسرح الكبير ألف شخص فقط.
يقول منير إن الدولة تدعم الثقافة بأكثر مما يتخيل كثيرون، والدليل أنها تجعل المواطن يستمع للحجار والحلو ومدحت صالح وخيرت بـ١٥ جنيها، كما أنها تدعم تذاكر المسرح الكبير، فهى فى حفلات مهرجان الموسيقى العربية تتحمل تكاليف سفر وإقامة وتنقلات الفرق القادمة من البلدان العربية، والأهم أنها تدفع للنجوم مبالغ كبرى، لكنها تظل أقل مما يحصلون عليه، حينما يغنون فى حفلات خاصة. ويضرب مثلا بذلك أن دار الأوبرا تبيع أعلى سعر لتذكرة أنغام خلال المهرجان بـ١٣٠٠ جنيه وأقل سعر 300 جنيه، علما بأن سعر تذكرتها فى الحفلات الخاصة يبلغ أربعة آلاف جنيه.
هو يضيف أن المؤشر الإيجابى أنه حينما نزلت الحفلات على «الأونلاين» فقد تم بيع بعض الحفلات خلال نصف ساعة فقط، ودخل ٥ ملايين شخص على الصفحة لمحاولة شراء التذاكر، ولم ينجح منهم إلا 15 ألف شخص. وبلغت إيرادات المهرجان ٨ ملايين جنيه، وهى تقل كثيرا عن التكلفة النهائية، وبالتالى فإن دار الأوبرا تظل تدعم المهرجان، كما ان الإقبال على حفلاتها يعكس ثقة الناس فى الأوبرا، وما تقدمه.
يعود منير ويسأل المنتقدين: نحن نوفر المنتج الثقافى الجيد وحفلات النجوم الكبار فى مسارح محكى القلعة ومعهد الموسيقى والجمهورية والاسكندرية ودمنهور وغيرها، فما الفارق حينما يستمع المواطن المصرى لهم فى هذه المسارح او فى المسرح الكبير؟!. ثم يسأل: ماذا كان سيقول المنتقدون لو لم نكن نوفر نفس الحفلات اساسا وبنفس غالبية النجوم طوال العام وفى أماكن متعددة وبأسعار زهيدة؟!
ما سبق كان وجهتى نظر الطرفين، اما موقفى فهو الاندهاش من بعض الذين يشكون ليل نهار من اخراج عدد كبير من المواطنين من بطاقات التموين، ثم يعتقدون ان الدولة ينبغى ان تدعم حفلات لكبار النجوم المصريين والعرب على المسرح الكبير، رغم انها تدعم حفلات بعضهم على مسارح اخرى؟!