بقلم: عماد الدين حسين
خلال الأيام الماضية، تناقشت مع أكثر من خبير ومراقب وأصحاب شركات عن كيفية مساعدة الفئات الأكثر تضررا من تأثيرات فيروس كورونا، وكنت قد كتبت عن هذه الفئة بتوسع فى مقالى بالشروق أمس.
هم يجمعون على أن الحكومة تصرفت بصورة طيبة جدا منذ اندلاع الأزمة، لكن نحتاج إلى المزيد وبسرعة.
فى تقدير هؤلاء، أن إحدى الطرق الناجعة، للحفاظ على مصدر رزق العمالة الأكثر تضررا من الفيروس، هى دعم الشركات الصغيرة التى يعملون فيها.
هؤلاء يجمعون على ضرورة التوقف الآن عن المقارنة والمفاضلة بين الفقراء والأغنياء، فالجميع متضررون فى هذه الأزمة، والذى سيدفع الثمن فى النهاية هو الاقتصاد القومى والمجتمع بأكمله إذا استمرت الأزمة، وبالتالى علينا أن ندعم المحتاجين بالطريقة الصحيحة.
خبير وصاحب شركات ومتابع جيد لما يحدث فى الخارج، يقول إنه واجب علينا أن ندرس ما يفعله العالم المتقدم والنامى والمشابه لنا. هو يضيف أنه استمع إلى كاتب بارز فى الإيكومنست يتحدث إلى الـ«سى إن إن» يوم السبت الماضى، يطالب الحكومات فى العالم أجمع بالمسارعة بتقديم الدعم لكل القطاعات الإنتاجية المتضررة والعمالة فيها، وعدم التعلل أو التحجج بأى عوائق بيروقراطية، حتى تستطيع هذه الشركات والعمالة أن تقف على قدميها. يضيف أن أداء محافظ البنك المركزى طارق عامر كان الأفضل فى إدارة الأزمة، خصوصا قراره الجرىء بخفض أسعار الفائدة بنسبة 3% مرة واحدة.
خبير اقتصادى بارز آخر، يرى أن أسوأ ما يمكن أن ينتج عن هذه الأزمة أن تختفى مئات أو آلاف الشركات الصغيرة جدا والمتوسطة، التى تقوم بتوظيف ملايين الناس، ومنهم هذه الفئة من العمالة اليومية، وهى شركات لديها التزامات ثابتة مثل أجور العاملين، إضافة إلى القروض وفوائدها وأقساطها، إذا أفلست هذه الشركات، فسوف يجد كل العاملين فيها أنفسهم عاطلين بلا عمل.
لو تمكنت الدولة من مساعدة هذه الشركات على أن تستمر واقفة على قدميها، فإنها ستظل موجودة، حينما تتنتهى الأزمة، وبالتالى ستكون الخسائر قليلة جدا.
والسؤال كيف يكون الدعم لهذه الشركات؟!.
من وجهة نظره، فإن الحل يكون بإعطاء حقنة سيولة لهذه الشركات، والسؤال كيف؟.
الإجابة أن تفتح لهم الحكومة خط ائتمان وتقول لهم: سوف أساعدكم وأعطى لكل شركة قرضا بنسبة ٢٪ أو ٣٪ من رأسمالها شرط أن تحافظ على العمالة، وإذا خالفت تعهدها وتخلصت من العمالة، سيتم سحب القروض فورا واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
دعم هذه الشركات من وجهة نظر هذا الخبير الاقتصادى هو دعم للعمالة ذات الدخل الأقل، وبالتالى هو دعم للاقتصاد الوطنى، بل وللأمن القومى، لأنه كلما عملنا على الحفاظ على مصدر رزق هذه العمالة ضَمِنّا الاستقرار الاجتماعى لجزء كبير من المجتمع قد يصل إلى خمس أو سدس إجمالى العمالة فى مصر.
يضيف هذا الخبير أن هناك جانبا مهما من دعم الاقتصاد الوطنى يتمثل فى ضرورة سداد مستحقات دعم الصادرات للشركات المختلفة.
أولا: هذه المستحقات هى حق للشركات، وحينما تدفعها الحكومة فهى تسدد مستحقات عليها، وثانيا: فإن سدادها الآن هو أفضل إجراء تتخذه الحكومة لكى تضمن استمرار النشاط الاقتصادى.
الخبير الاقتصادى يقترح أن تقوم الحكومة بسداد ٢٥٪ من مستحقات الشركات ولو قامت الشركة بزيادة التصدير ٢٠٪ مثلا تقوم الحكومة بسداد كامل المستحقات عليها، لو تم ذلك سنحافظ على استقرار الشركات خصوصا الكبرى، وثانيا ستتمكن الحكومة من سداد المستحقات المتأخرة عليها، والتى تسببت فى العديد من المشكلات وفقدان الثقة بين الحكومة والمصدرين.
لو تحقق هذان الهدفان من وجهة نظر الخبير الاقتصادى، فإن الاقتصاد الوطنى سوف يضمن تحقق هدفين جوهريين، الأول هو تقليل نسبة البطالة وعدم زيادتها، وثانيا أنه عندما تتحسن الأحوال وتعود إلى طبيعتها نضمن وجود هذه الشركات، لأن اختفاء أى شركة سيقلل من قدرة الاقتصاد القومى، والأهم أننا سنضمن عدم تأثر الاقتصاد بصورة حادة وخطيرة.
صاحب شركة ثالث يقترح أن تقوم وزارة المالية بتأجيل سداد الضرائب لثلاثة أو ستة شهور حتى تنتهى الأزمة.
مرة أخرى فإن ما يجمع عليه الخبراء الثلاثة هو أن الحكومة المصرية اتخذت العديد من القرارات الشجاعة منذ بداية الأزمة، خصوصا فى دعم الصناعة والسياحة وتخفيض سعر الفائدة، لكن نحتاج إلى مزيد من القرارات المشابهة والسريعة، ليس فقط فيما يتعلق بالاقتصاد، ولكن بمجمل إدارة الأزمة.
وهم يعتقدون انطلاقا من ذلك أن الحكومة سوف تتحرك فى بنود أخرى خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى نرجو تحققه حتى نقلل من الآثار السلبية قدر الإمكان.