بقلم: عماد الدين حسين
ونحن وسط المعركة الصعبة لمواجهة كورونا فلا يوجد وقت للنقد، ولكن لإصلاح بعض الثغرات حتى يتم تقصير زمن المواجهة.
هناك ما يشبه الإجماع على الدور الكبير الذى يلعبه الجيش الأبيض أو المنظومة الطبية بالكامل من أطباء وممرضين وعمال وعاملين.والمجتمع بأكمله يشيد بهم ليل نهار ووجه لهم الشكر مرارا وتكرارا وهم يستحقونه بالفعل، ووزارة الصحة والدكتورة هالة زايد ومساعديها يبذلون مجهودا كبيرا منذ بداية انتشار الفيروس وحتى هذه اللحظة.
ويوم الثلاثاء الماضى وفي خطوة غير مسبوقة التقى رئيس الجمهورية عبر الفيديو كونفراس ببعض مديري مستشفيات ومراكز العزل منها العجوزة والشيخ زايد ال نهيان و15 ماية واسنا التخصصي وعين شمس التخصصي بالعبور ،ووجه الرئيس بتطبيق اعلي معايير مكافحة انتشار كورونا وتطثيف حملات توعية المواطنين.
الثغرة التي اتحدث عنها هي ما قبل وصول المرضي للمستشفيات ومراكز العزل ،وضرورة تدريب المنظومة الإدارية المسئولة عن التعامل مع المصابين أو المشتبه فى إصابتهم خصوصا حينما يتوجهون للمستشفيات، قبل تشخيص إصابتهم.
الذى لفت نظرى لهذا الموضوع حكاوي وقصص متفرقة اخرها تفاصيل وفاة زميلنا بجريدة الخميس محمود رياض يوم الإثنين الماضى بالفيروس.
الزميل كتب على صفحته قبل وفاته بخمسة أيام ،قائلا انه تواصل مع موظفي الخط الساخن من دون فائدة ،ثم ذهب إلى مستشفى الحميات، لكن الوضع هناك لم يختلف كثيرًا، بل جاء ليكمل رحلة «المرض والعذاب»،وإنه قضى يومًا بالكامل في «التحايل من أجل إجراء المسح»، ويومين آخرين في انتظار النتيجة. وبعدها علم أن خطأ ما حدث أثناء سحب المسحة، ليضطر إلى سحب مسحة جديدة وإعادة التحليل ولكن بعد 3 أيام، فضلًا عن الانتظار 48 ساعة أخرى لحين ظهور النتيجة، وعندما تبين إيجابية التحليل كان عليه الانتظار أيضًا 48 ساعة لحين وصول الإسعاف، ويقول عن تلك المعاناة: «7 أيام! أليسوا كافيين لموت أي أحد ؟!».
ما كتبه الزميل على صفحته، وما ذكره بعض أعضاء مجلس النقابة يكشف عن بعض الثغرات، وهى أن البعض يذهب لبعض المستشفيات، ويكون مصابا، لكن لا يتم التعامل معه بسرعة، أو تركه يعود لمنزله قبل التأكد من إصابته، حتى تظهر نتيجة العينة، وبالتالي يخالط عددا كبيرا من الناس وينقل الإصابة إليهم.
الزميل عاد لمنزله وخالط أسرته فى المرةالأولى التى قالوا له أن العينة سلبية. ثم شعر بآلام حادة، وأخذت منه عينة أخرى. التى قالوا له فيها أنها فسدت ،وعاد مرة أخرى لمنزله. وبالتالى نقل الإصابة لإثنين من أولاده، وربما آخرين.
نقيب الصحفيين ضياء رشوان وبعض أعضاء المجلس ،تواصلوا مع مدير مستشفى الحميات، حتى يمكن إجراء الكشف عليه أو توفير سرير له، واستجابت المستشفى مشكورة.
النقطة الجوهرية هنا كيف نضمن أن يكون النظام أو السيستم مرنا ومستعدا وجاهزا للتعامل مع أى حالة تصل إليه قبل ان يتم حجزه في العزل؟.
علما ان كبار مسؤلي المنظومة الصحية يشكون طوال الوقت من حضور الحالات الحرجة في وقت متأخر،او وفاتها قبل ان تصل للمستشفي ،والتقدير انها تمثل حوالي 30% من نسبة حالات الوفاة التي وصلت الي 359 حالة و5042 اصابة . عدد الوفيات لدينا مرتفع مقارنة بالاصابات بنسبة 7.12 %.
أدرك أن هناك ضغطا على المستشفيات، وأدرك أنه كان هناك فرزا فى البداية، بمعنى قبول الحالات التى يحتمل إصابتها بنسبة كبيرة، وأدرك الكثير من الأشياء، لكن ما أتحدث عنه، هو مزيد من الضبط والنظام، حتى نقضى على الثغرة المتمثلة فى ذهاب حالات مصابة للمستشفيات، ويتم أخذ العينة منها، ثم تعود لمنزلها فتنقل المرض لآخرين قبل أن يتم حجزها.
هل هناك إمكانية لذلك؟ أتمنى أن تكون هناك إجابة واضحة لدى المسئولين عن المنظومة الإدارية. وليست الصحية، فالأطباء والممرضون يقومون بجهد فائق، وبعضهم دفع الثمن حياته.
سيقول البعض ولكن كل ما ذكرته حدث فى دول كبرى ومتقدمة مثل أمريكا وإيطاليا وبريطانيا وغيرها، التى كاد نظامها الصحى ينهار بفعل الضغط الهائل عليه. نعم حدث ذلك، ولا أحمل المنظومة الصحية فى مصر أكثر من طاقتها، ونعلم جميعا حالتها والمشاكل المتراكمة ،التى تعانى منها منذ عقود طويلة، وهى ليست وليدة اليوم، وبالتالى فإن ما أطرحه ليس مجالا للنقد والمزايدة ،بل البحث عن أفضل الطرق للتغلب على هذه الثغرات ،حتى نمر من هذه الفترة الصعبة ،خصوصا أننا لا نعرف يقينا حتى الآن هل نحن فى مرحلة ذروة الفيوس أم مررنا منها أم لم نصل إليها؟!.