توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا تراجع ماكرون؟

  مصر اليوم -

لماذا تراجع ماكرون

بقلم - عماد الدين حسين

فى بداية الاحتجاجات على رفع نسبة الضريبة على بعض أنواع الوقود فى فرنسا، قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون: «لن نقدم أى تنازلات لمثيرى الفوضى، لأن ذلك سيضع المخربين والفوضويين على قدم المساواة مع المواطنين، الذين يعبرون عن رأيهم بطريقة سلمية».
وبعدها بأيام قليلة قال وزير داخليته مساء السبت الماضى: «ندرس جميع الإجراءات التى تسمح لنا بضمان نشر الأمن فى البلاد، لا محرمات عندى ونحن مستعدون لاتخاذ الإجراءات جميعا ضد مثيرى الشغب والانقسام. وهناك نحو تسعين ألف شرطى، بينهم ٤٦٠٠ عنصر منتشرين فى العاصمة باريس للسيطرة على أعمال العنف.
هذا ما كان فى البداية، لكن ما حدث فى النهاية، خصوصا مساء الأربعاء الماضى، أن الحكومة والرئيس رضخوا لمطالب الفوضويين والمخربين غير السلميين» حسب وصفهم، وقرروا ليس فقط تعليق الضريبة لمدة ستة شهور، ولكن إلغاءها تماما والتفكير فى بدائل أخرى.
هل أخطأ ماكرون وحكومته حينما استجابوا لمطالب، اعتبروها فى البداية غير منطقية؟!
فى عالم السياسة، خصوصا فى الديمقراطيات القوية، لا توجد مباريات صفرية، بمعنى فائز كامل، ومهزوم كامل، بل هناك دائما الحلول الوسط، أو الفوز والهزيمة النسبية، وقد يفوز طرف أو حزب أو نقابة اليوم وينهزمون غدا، طالما أن هناك قواعد لعبة ديمقراطية يحتكم إليها الجميع. 
على سبيل المثال نفذ موظفو السكة الحديد فى فرنسا إضرابا كبيرا، عن العمل فى شهر يونية الماضى، اعتراضا على تعديل وتقليل الحكومة بعض المزايا، التى كانوا يحصلون عليها، ومنها على سبيل المثال ضمان استمرارهم فى الوظيفة مدى الحياة، من دون قدرة الحكومة على إنهاء التعاقد معهم. يومها رفضت الحكومة تماما، الاستماع إلى مطالبهم، مدعومة بأن غالبية الفرنسيين أيضا، رفضوا هذه المطالب واعتبروها غير منطقية. وقتها أيضا فإن أكثر من ثلثى الفرنسيين كانوا يؤيدون الإصلاحات الاقتصادية التى طرحها ماكرون منذ فوزه الكاسح بمنصب الرئيس، قبل ١٨ شهرا. 
المفارقة أن نفس النسبة بل وأكثر منها وهى أن ٧٢٪ من الفرنسيين صاروا يؤيدون المطالب التى رفعتها مظاهرات حركة «السترات الصفراء» التى بدأت بمطلب واحد فقط وهو إلغاء الضريبة على بعض أنواع الوقود وانتهت بأكثر من ٤٠ مطلبا تشمل الاستفتاء على سياسات ماكرون وإجراء انتخابات مبكرة لكى يقول الشعب رأيه فى سياسات الرئيس الاجتماعية والاقتصادية.
ما حدث هو أسوأ كابوس فكر فيه ماكرون، الرجل كان يحلم باستعادة النفوذ السياسى والاقتصادى والثقافى لفرنسا بل وقيادة الاتحاد الأوروبى، أو على الأقل التأثير فيه بنفس الدرجة الألمانية.
وتابعنا فى الأسابيع الأخيرة، الدعوات التى خرجت من باريس على لسان ماكرون لتشكيل جيش أوروبى موحد بديلا عن الابتزاز الذى يمارسه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ليل نهار ضد الجميع، ومنهم الاتحاد الأوروبى، لكى يتحمل تمويل الوجود الأمريكى فى القارة العجوز، ضد أى تهديدات خارجية محتملة، خصوصا من روسيا.
هل ما حدث هو مؤامرة خارجية جاءت من ترامب وأمريكا ردا على الجيش الموحد؟!
بالطبع لا يوجد مستحيل فى عالم السياسة، لكن يصعب إلى حد ما تصديق الدور الأمريكى السريع فى إشعال الأزمة.
كما يصعب أيضا تصور أن يقود أى تيار إسلامى مهما كانت قوته هذه المظاهرات، لأن هذا التيار صار أضعف من أن يؤثر فى محيطه التقليدى، حتى يكون قادرا على قلب الطاولة بالكامل فى بلد بحجم فرنسا !!!.
الاقرب إلى الصواب أن هناك ظروفا موضوعية كثيرة دفعت الفرنسيين للنزول والاحتجاج بمثل هذه الصورة العنيفة. قد يكون هناك دور خارجى، لكنه سيظل عاملا مساعدا أو مستفيدا، لكن الزعم بأنه الدور الوحيد يحتاج إلى أدلة حاسمة.
والأفضل من الجدل حول هذه الأسئلة، هو الانشغال بالقراءة الهادئة والموضوعية لهذه الاحتجاجات غير المتوقعة، لأن احتمالات انتقالها لمحيطها تبدو ممكنة، كما أن وسائل التواصل الاجتماعى جعلتها منتشرة عالميا.. وهنا يأتى الحديث عن احتمالات العدوى!!!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تراجع ماكرون لماذا تراجع ماكرون



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon