مساء السبت قبل الماضى كنت ضيف الإعلامية ريهام السهلى فى قناة سى بى سى إكسترا، من شرم الشيخ. وسألتنى: ماذا تقترح لمنتدى الشباب فى دوراته المقبلة؟!
قلت لها أتمنى أن يتم تخصيص دورة عن شباب إفريقيا وأخرى عن المحليات والشباب الذين يفكرون فى خوض الانتخابات المحلية المتوقفة فى العام المقبل.
المنتدى عقد العديد من الدورات العامة وكذلك دورتان لشباب العالم آخرها تلك التى جرت قبل أيام فى شرم الشيخ.
بالأمس كتبت عن ضرورة التقارب مع شباب إفريقيا، واليوم أتمنى أن يتم دراسة اقتراح عقد مؤتمر لكوادر المحليات، باعتبار أن قانون المحليات يفترض أن يصدر بين لحظة وأخرى من مجلس النواب، والمفترض أن تجرى بعده الانتخابات المحلية، المعطلة منذ عام ٢٠١٠، ونسمع أنها ستتم منذ نحو ثلاث سنوات تقريبا.
جيد أن يركز المنتدى على موضوعات عامة تخص الشباب، أو مشاكل منطقة معينة مثل جنوب الصعيد أو الإسكندرية أو وسط الدلتا، وجيد أيضا أن يخاطب شباب العالم، لكن أتصور أن التركيز بقوة على مسألة قانون وانتخابات المحليات يستحق تخصيص دورة كاملة للمحليات.
لنفترض أن البرلمان تمكن من إصدار قانون المحليات، وهو مشروع متعثر بشكل لافت للنظر منذ فترة طويلة ولا نعرف بالضبط ما الذى يعيق صدوره؟!
إذا صدر القانون، يمكن للقائمين على المؤتمر أن يفكروا فى صيغة تجمع كل شباب المحافظات المهمومين فعلا بالمحليات أو الذين يفكرون فى خوض غمارها.
سيقول البعض ولكن هذا موضوع يخص الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية ولا يخص الدولة أو الحكومة التى ينبغى أن تكون محايدة بين الجميع، وبعيدة عن التجاذبات السياسية بمعناها الضيق.
لا أقصد بالفكرة حشد المرشحين لهذا الحزب والتيار أو ذاك، بل أقصد محاولة الاستماع لأكبر عدد ممكن من الشباب المهتمين بالانتخابات المحلية. الهدف من هذا المؤتمر ــ إذا كتب له النجاح ــ هو محاولة تهيئة البيئة والتربة والمناخ الملائم لخلق كوادر سياسية حقيقية.
نعلم جميعا أننا نعانى من مشكلة حقيقية هى غياب الكوادر المؤهلة لممارسة السياسة بمعناها الحقيقى والعملى. سياسة تخدم مجتمعها بصورة إيجابية ولا تهتم فقط بصراعات الديكة السياسية التى نعانى منها منذ سنوات طويلة.
سيقول البعض ولكن هذا الاقتراح يفترض أن يكون مسئولية الأحزاب والقوى السياسية وليس مسئولية الدولة؟!.
مرة أخرى لا أقصد الترويج لحزب أو جبهة أو تيار بعينه، ولكن الهدف الأساسى من هذا الاقتراح أن نبدأ جهدا حقيقيا وجادا لتكوين وتربية كوادر شبابية حقيقية، يمكنها أن تترشح للانتخابات المحلية المقبلة.
الأحزاب المصرية ــ ولأسباب يطول شرحها ــ غير موجودة وغير مؤثرة، ليس فقط فى المحليات، ولكن حتى فى انتخابات البرلمان، ورأينا كيف أن غالبية الأحزاب بما فيها، التى تقول إنها قديمة ومؤثرة ــ تلجأ إلى استئجار مرشحين لا يؤمنون بأفكارها!.
نحتاج لتدريب وتثقيف وتأهيل عشرات الآلاف من الشباب، لخوض الانتخابات المحلية المقبلة.
لو أننا تمكنا من إنجاز هذه المهمة، فإننى أتصور أنه سيكون لدينا خلال ما بين سبع إلى عشر سنوات جيش كامل من الكوادر السياسية القادرة على إدارة هيئات وشركات ومؤسسات وقرى ومدن ومراكز وبنادر ومحافظات. وحينها لن يكون صعبا العثور على محافظ أو وزير بدأ حياته من القاعدة، وتمكن من الوصول إلى القمة أو حتى ما قبلها بقليل.
ربما تكون هناك برامج أخرى تعمل بالفعل الآن على هذا الأمر، لكن أتمنى أن يتم الاهتمام بصورة جادة بموضوع كوادر المحليات، حتى نشعر أن هناك ضوءا فى آخر نفق غياب الكوادر الذى تسبب فى العديد من المشكلات فى السنوات الماضية، بل يكاد يكون السبب الأساسى فى تآخرنا.
نقلا عن الشروق
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع