توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام؟!

  مصر اليوم -

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام

بقلم - عماد الدين حسين

ينبغى أن نحيى من اختار عنوان المؤتمر الدولى رقم ٢٩ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية وهو: «بناء الشخصية الوطنية، وأثره فى تقدم الدول والحفاظ على هويتها». المؤتمر انعقد يومى السبت والأحد الماضيين، بحضور ١٥٠ مشاركا من ٤٠ دولة منهم ١٣ وزيرا للأوقاف، والأهم هو مناقشة ٥٠ بحثا حول ٧ محاور تدور حول عدم التعارض بين الدين والوطن، وضرورة ترسيخ فكرة دولة المواطنة.
حضرت الجلسة الافتتاحية واستمعت إلى كلمات كثيرة. لفت نظرى فيها قول وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أن الدفاع عن الوطن مقصد من مقاصد الشريعة، وأن التقديس للذات الإلهية فقط. استمعت ايضا لتحذير وزير الشئون الدينية والدعوة السعودى عبداللطيف آل الشيخ، من الخطر الداهم المتمثل فى إذابة الهوية الوطنية والثقافة وطمس المعالم. ولفت نظرى أكثر مطالبة صالح عباس وكيل الأزهر بتعليم الأبناء فقه المواطنة، الذى يعد أول منهج دستورى وضعه الرسول، حينما ساوى بين المسلم وغير المسلم.
كل ما سبق جيد، لكن وبمناسبة هذه الكلمات الوردية، وبمناسبة ما قاله وكيل الأزهر، فإن السؤال الجوهرى هو: كيف يمكن أولا ضمان أن غالبية الأئمة والدعاة والخطباء مؤمنون حقا بدولة المواطنة؟!. وقد يسأل البعض ولماذا تطرح أصلا هذا السؤال؟!.
الإجابة لأننا لا يمكننا الحديث عن بناء المواطنة فى الإسلام، فى حين أن غالبية الدعاة لا يعرفوها، أو يؤمنون بها.
وقد يسأل آخر: وهل هناك فعلا من بين الأئمة والخطباء ورجال الدين، من لا يؤمن أصلا بالمواطنة؟!.
الإجابة للأسف هى نعم.
جزء كبير من هؤلاء، لا يختلف تفكيرهم كثيرا عن داعش والقاعدة.
هذا الكلام لا أقصد به أنهم لا سمح الله إرهابيون أو متطرفون، ولكن أقصد أنهم درسوا وقرأوا وطالعوا نفس الكتابات والمناهج التى تفتح الباب أحيانا للدعشنة.
نوايا بعضهم سليمة، ويريدون خدمة الإسلام وإعلاء شأنه، لكن المشكلة الحقيقية أنهم غير محصنين كفاية ليواجهوا الدواعش.
لو أن داعشيا أو أى متطرف داخل معهم فى أى جدال دينى، فسوف يكبسهم بالضربة القاضية من أول جولة.
ثم علينا الا ننسى انه حينما قال مرشد الإخوان الراحل «مهدى عاكف» قولته الشهيرة «طظ فى مصر» فى حواره الشهير مع زميلنا سعيد شعيب، لم يكن يعبر فقط عن فكره، أو فكر الجماعة، بل كان يعبر عن تيار واسع تغلغلت فيه أفكار ترى أن المسلم الذى لا أعرفه فى أقصى قرى ماليزيا أو اندونيسيا والصين، أقرب لى من جارى المسيحى. هو فكر خاطئ يخلط بين حق كل شخص أن يؤمن بما يشاء من أفكار ومعتقدات، وبين حقوق الجيرة والمواطنة، وهؤلاء قال عنهم الرسول «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» فى اول وثيقة دستورية مكتوبة بالاسلام. الرسول لم يجبر اليهودى أو المسيحى على تغيير دينهم وسمح لهم بالعبادة ولم يحارب اليهود الا بعد ان نقضوا كل العهود.
لكى نقنع الناس العاديين بدولة المواطنة، التى يتساوى فيها الناس جميعا، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، فلابد أن يكون قادة الرأى مقتنعون بذلك، وفى مقدمة هؤلاء رجال الدين والإعلاميون والمثقفون الذين يؤثرون فى المجتمع. 
وتقديرى ــ الذى أرجو أن يكون خاطئا ــ هو أن عددا لا بأس به من الدعاة، لا يؤمنون بفكرة المواطنة الكاملة. هذه المشكلة لا يتحمل وزرها الأزهر، أو الأوقاف فقط، هى مسئولية الجميع، وتعود لعقود طويلة، حينما اتخذت دولتنا قرارا كارثيا، بمداهنة المذهب الوهابى السلفى فى بدايات السبعينيات من القرن الماضى. من يومها بدأنا نتخلى عن الإسلام الوسطى الجميل فعلا، الذى يركز على الجوهر، لا المظهر. واستيقظنا عامى ٢٠١٢ و٢٠١٣ على أن التيار الدينى بوجوهه المختلفة، سيطر على غالبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى ورئاسة الجمهورية والحكومة، ولولا ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، فربما كنا وصلنا إلى الحالة الإيرانية أو الأفغانية، التى يقرر فيها المرشد الأعلى أو أمير طالبان مصير الدولة بأكملها.
نتمنى أن نرى قريبا ترجمة عملية لتوصيات هذا المؤتمر المهم الذى نظمته وزارة الأوقاف، حتى لا يتم ركنها بجانب ملايين التوصيات الاخرى فى الأدراج المتربة. لانه إذا كان الجميع يؤمن فعلا بالمواطنة فى الإسلام، فمن الذى يمنع تطبيق ذلك على أرض الواقع؟!

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام من الذى يعرقل «المواطنة» فى الإسلام



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon