بقلم: عماد الدين حسين
بالأمس كتبت فى هذا المكان، وقلت إن تعامل الحكومة مع تداعيات فيروس كورونا «حتى الآن»، يعتبر معقولا، لكن السؤال المهم، هل هذه الإجابة تعنى أن الحكومة أدت ما عليها وانتهى الأمر، وأن الأداء كان كافيا؟!.
الإجابة بالنفى، لأن الأزمة ما تزال فى بداياتها والتحديات كثيرة.
وبالصدفة وبعد أن كتبت هذا المقال وصلتنى رسالة عبر صديق عزيز من أحد المهمومين بالأزمة الراهنة فضل عدم ذكر اسمه، والرسالة ربما تعبر عما يريده غالبية الناس من الحكومة، والآن إلى نص الرسالة:
هذا وقت عصيب، التأخير فيه يضر جدا، والاحتياط حتى لو زاد فهو مفيد. الشفافية تنقذ وتفيد وتقوى المجتمع بأكمله، وعدم الشفافية سيجعلنا طوال الوقت محاصرين، أمام من يوجه الاتهامات. بل للأسف سوف ننهزم مهما فعلنا من جهود، ومهما كانت النوايا سليمة. القيادة فى أوقات الأزمات والملمات والكبائر ملهمة وتقود بوضوح من الأمام، وتجعل المجتمع متوافقا معها ومساندا وشريكا لها فى المعركة ضد هذا العدو الغادر غير المرئى.
صاحب الرسالة يتمنى ظهور الرئيس فى مؤتمرات صحفية كثيرة حتى يطلع الناس على الحقائق، ويطمئنهم ويعبئهم فى المعركة ضد الفيروس.
نحن الشعب المصرى أصبنا بحزن كبير لوفاة اثنين من لواءات الجيش المصرى بالفيروس. هذه خسارة كبيرة، نظرا لقيمة وأهمية الرجلين، ولأن الشعب يحب جيشه بصورة كبيرة، فهو أن يطمئن على أن هناك اتباعا لأقصى إجراءات السلامة، خصوصا فيما يتعلق بكبار المسئولين، الذين ينبغى عليهم ترك الأشياء الصغيرة لمستويات أقل وأكثر تخصصا حتى يقللوا الاحتكاك بفرص العدوى.
العالم كله يخوض حربا عالمية حقيقية، ضد عدو غادر، وغير مرئى، والأمر لا يحتمل هزلا. العالم كله يحاول، والانتصار فى هذه المعركة بمشاركة الجميع، مشاركة حقيقية، والجميع هنا تعنى كل فئات المجتمع.
المجتمع يريد أن يعرف هل هناك لجنة إدارة أزمات. وهل يمكن أن يخرج أصحابها أو من يتم تفويضه للحديث مع الناس وطمأنتهم؟.
نريد أن نرى المزيد من الأطباء والعلماء والمتخصصين، يخرجون ويتحدثون للمواطنين، خصوصا مستشار الرئيس الجديد للشئون الصحية الدكتور عوض تاج الدين.
ونريد مؤتمرا صحفيا يوميا للمتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة، يرد فيه على كل الأسئلة المثارة والتى تهم المواطنين.
هو أيضا وقت لأهل الخبرة والكفاءة والاختصاص، الذين يحدثون الفارق، ويقصرون أمد المعركة، ويجعلون الناس واثقين من الانتصار.
ونريد أيضا خبراء ومسئولين يتحدثون للناس بشأن الاقتصاد والعمالة وكل المجالات المرتبطة بالأزمة كما تفعل الدول الكبرى.
لابد أن يتحلى المجتمع بأكبر قدر من الإنسانية، فالمعركة الحالية هى معركة الإنسانية جمعاء. وبالتالى فالإجراءات لابد أن تراعى كل الجوانب الإنسانية، هذا وقت التكاتف والتراحم والتكافل وهجر الأنانية والفردية والمظهرية.
على الحكومة أن تحرص على أن يكون الأداء الإعلامى عاقلا وراشدا وألا يبث الشائعات، وفى الوقت نفسه ألا يقوم بالتهويل والمبالغات الفجة، التى تخاصم العقل والمنطق، وتدفع ببعض المواطنين للانصراف عن الإعلام المصرى إلى قنوات مشبوهة ومضللة.
انتهت الرسالة، وبالصدفة وفى نفس اليوم قرأت على صفحة الباحث والكاتب الصحفى الدكتور طه عبدالعليم ما يلى:
«رغم ثقتى فى الرئيس السيسى.. أعلن أسفى لواقع أن المواطن لا يعرف إلى أى مستشفى يذهب للفحص إذا ظهرت عليه أعراض فيروس كورونا.. كما لا يعلم المواطن ما هو المستشفى المجهز بأجهزة التنفس الصناعى الذى سيعالج فيه، إذا أكد الفحص إصابته وأن حالته تستوجب حجزه وعلاجه فيها.. وأقول باستقامة إن المصريين بحاجة إلى مزيد من المعلومات والشفافية للتحرر من قلق مشروع».
ورد عليه أحد المتابعين بقوله:
«للأسف ورغم جهود الدولة إلا أنه فى حالة الإصابة لا سمح الله يتحول الأمر إلى ربكة كبيرة.. أهمها أن المستشفيات عامة أو خاصة تنصح المريض أن يذهب إلى مستشفى الحميات.. المشكلة الكبرى أن الحميات لا تقبل إلا الحالات المخالطة لأجانب فقط.. ولذا رأيت حوالى ١٠٠ مريض يشكون الحمى وارتفاع درجة الحرارة ولم تقبل المستشفى سوى شخص واحد كان فى العمرة مؤخرا.. أما بقية الحالات، فكانوا فى منتهى الحيرة والتخبط وغادروا المستشفى إلى المجهول».
انتهت الرسالة الثانية والرد عليها. ومرة أخرى نحيى جهود الحكومة والدولة حتى الآن، وندعوها إلى استمرار جهودها وتكثيفها، حتى لا نصل إلى السيناريو الأسود لا قدر الله، ونمر من هذه الأزمة بأقل الأضرار الممكنة.