توقيت القاهرة المحلي 19:26:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكاديمية تأهيل الوزراء والمسئولين!

  مصر اليوم -

أكاديمية تأهيل الوزراء والمسئولين

بقلم - عماد الدين حسين

إذا كانت الدولة تقوم بتأهيل بعض الشباب فى البرنامج الرئاسى أو الأكاديمية الوطنية للشباب أو معهد إعداد القادة، لكى يتحولوا إلى كوادر وقادة فى المستقبل.. أليس مطلوبا أيضا أن يتم إعداد وتأهيل بعض الوزراء والمسئولين لكى يتعلموا كيف يصبحوا سياسيين، حتى يتوقفوا عن الوقوع فى أخطاء قاتلة تشبه إحراز الأهداف فى مرماهم، مما يوفر جهد المنافسين؟!

الاقتراح السابق ليس من باب النقد والسخرية ــ حاشا لله ــ أولا أعرف عددا كبيرا من الوزراء، وعلاقتى بهم جيدة جدا، وأكن لهم التقدير والاحترام. لكن أنا هنا لا أتحدث عن جوانب شخصية بالمرة، بل عن قضية فى غاية الخطورة، وهى أن الوزير يبذل فى أحيان كثيرة جهدا كبيرا ومهما، لكنه يقع فى خطأ بسيط يهدر جهده، وجهد الحكومة والدولة.

مثل هذا النوع من الأخطاء، يوفر ذخيرة حية وجاهزة للمنصات الإعلامية الإرهابية التى تبث من خارج البلاد، التى لم تعد تجد ما تقتات عليه فى مرات كثيرة، غير اصطياد الهفوات وذلات اللسان التى يقع فيها وزراء وكبار مسئولين بصورة شبه دورية.

قبل تشكيل الحكومة الأخيرة صار وقوع بعض الوزراء والمسئولين فى مثل هذا النوع من الأخطاء أمرا متكررا على الرغم من أن معظمها بحسن نية.

مثلا أتفق تماما مع جوهر ما فعله أحد الوزراء السابقين، بشأن محاولات بعض النواب الحصول على توقيعات بتعيينات خارج إطار القانون. هذا الأمر هو أحد الأسباب الأساسية للفساد المستشرى فى الوزارات والهيئات والحكم المحلى ويقضى تماما على تكافؤ الفرص. ما قاله الوزير يومها كان صحيحا تماما، لكن للأسف لا يفترض أن يقال بالمرة، لأنه يصدم غالبية النواب، ويسىء إلى العلاقة بين الحكومة والبرلمان. أتفق مع الوزيرنفسه أيضا ويتفق معه الجميع فى ضرورة إقامة مشروعات ومصانع فى الصعيد، حتى يجد الشباب فرص عمل بدلا من الهجرة ذات الاتجاه الواحد إلى القاهرة الكبرى. لكن لا يفترض أن يتم ذلك بصورة يشعر معها «الصعايدة» بأنهم تعرضوا للإهانة.

أكثر من مسئول تحدث فى الأيام الأخيرة عن أن الفقراء لا يشعرون بحجم ما تقوم به الدولة من جهود للإصلاح الاقتصادى، وذهب بعضهم إلى مهاجمة الفقراء بأنهم ينجبون أطفالا كثيرين من دون قدرة على تعليمهم وخدمتهم!

هذا أيضا كلام قد يكون صحيحا فى جوهره. لكن من الخطأ القاتل أن تلوم الفقراء بهذه الطريقة. لأن الحكومة أيضا تتحمل نسبة كبيرة من المسئولية عن الأحوال التى وصل إليها الفقراء. ولولا سوء وخطأ سياسات غالبية الحكومات المتعاقبة ما وصل عدد المصريين تحت خط الفقر إلى ٢٨٪.

لا يصح إطلاقا أن يخرج مسئول ويسخر من فئة من الشعب سواء بسبب فقرها أو جهلها أو لهجتها أو ملبسها أو سلوكها. مثل هذه الأخطاء يكون ثمنها السريع هو الاستقالة أو الإقالة الفورية!

مرة أخرى أعرف حسن نية غالبية هؤلاء الوزراء والمسئولين لكن وكما يقولون فإن «الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة». وبالتالى فالمطلوب مزيد التأهيل والتدريب والإعداد.

مطلوب مثلا تدريب المسئولين على كيفية متى يتكلمون ومتى يصمتون. ومتى لا يقولون كلاما حتى لو كان صحيحا. وطريقة التعبير واللهجة المستخدمة، وأن يفكروا مليار مرة قبل أن يطلقوا تصريحا، بحيث يتم وزنه وتقييمه من كل الجوانب.

السبب الجوهرى وراء هذه المشكلة هو غياب التربية السياسية لأن الحياة السياسية شبه مشلولة، وبالتالى فالأحزاب، التى يفترض أن تقوم بتخريج الكوادر السياسية، لا تمارس مهامها، ليس فقط لأن الحكومة تحاصرها فى مقراتها، ولكن بسبب السوس الذى ينخر داخل هذه الأحزاب. وبالتالى وبدلا من قيام الأحزاب بتخريج كوادر سياسية مؤهلة، فإنها تقدم للحياة السياسية بعض الأفاقين والنصابين والمطبلاتية.

حينما تنشط الحياة السياسية والحزبية، ويدخلها هواء نقى وشمس عفية ستقوم بالقضاء على العطن والعفن والعنكبوت الذى يعشعش داخل غالبية الأحزاب المصرية. إذا حدث ذلك، فسوف نشهد انتخابات محلية حقيقية تقوم بتقديم كوادر جاهز للانتخابات البرلمانية، ومن بين هؤلاء النواب يمكن توزير بعضهم، بل ولن نشكو من غياب مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية. أما استمرار الحالة الراهنة فيعنى أننا سنظل نعانى من الأخطاء الصعبة التى يقع فيها بعض الوزراء، وتدفع ثمنها الحكومة، ومعها الحياة السياسية بأكملها.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكاديمية تأهيل الوزراء والمسئولين أكاديمية تأهيل الوزراء والمسئولين



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon