إلى أن نعرف نسبة المشاركة النهائية فى الانتخابات الرئاسية التى بدأت داخل مصر صباح أمس، وتستمر حتى غد الأربعاء، فهناك بعض المشاهد التى يمكن رصدها بشكل مبدئى حتى تتضح الصورة الكاملة.
أهم ما لفت نظرى صباح أمس مشهد تليفزيونى لطابور طويل فى إحدى لجان شمال سيناء.
كنت ضيفا فى التاسعة والربع صباح أمس على قناة «on e»، وخلال حديثى عرضت القناة مشاهد لطابور من المواطنين فى إحدى هذه اللجان، إضافة إلى لجان أخرى فى مدينة القنطرة شرق، وقف فيها الناخبون طابورا أمام باب اللجنة، قبل بدء التصويت.
فى تقديرى أن هذا واحد من أهم مشاهد العملية الانتخابية.
عندما يكون لديك جماعات إرهابية تسعى بكل السبل لفرض تصوراتها الجاهلية على المجتمع، ثم يقوم أهل هذا المكان بالذهاب إلى التصويت فى الانتخابات، فتلك ضربة موجعة جدا.
الإرهابيون فى سيناء سعوا بكل الطرق الممكنة والخيالية لتعطيل الحياة نفسها، وتغيير نمط سلوكياتنا، وفشلوا. استهدفوا ضباط وجنود الجيش والشرطة، وموظفى الحكومة وشيوخ القبائل بل وسائقى شاحنات الأسمنت لمشروعات تعمير المنطقة، ولم ينجحوا.
حينما يتم فتح لجان للتصويت فى شمال سيناء وتأمينها، فهذا خبر مفرح وتطور إيجابى، وحينما يذهب البعض إلى هذه اللجان، فهو خبر أكثر من إيجابى.
والمعنى الرئيسى أن كل ــ أو معظم ــ ما فعله الإرهابيون والمتطرفون، أو حاولوا أن يفعلوه طوال سنوات، قد ذهب أدراج الرياح، خصوصا أنهم يتعاملون مع الانتخابات باعتبارها بدعة!!.
بالطبع ما كان ممكنا أن يذهب الناخبون فى شمال سيناء إلى ١١ لجنة أساسية و٦١ لجنة فرعية بها ٤٩ مركزا انتخابيا من دون الشعور بالأمن.
وما كان يمكن تحقيق هذا الأمن، لولا جهود الجيش والشرطة وأهالى سيناء منذ سنوات، خصوصا منذ بدء عملية «سيناء ٢٠١٨».
وقرأت للمستشار محمود الشريف نائب رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، والمتحدث الرسمى باسمها أن العملية الانتخابية فى شمال سيناء، سارت بشكل طبيعى ومن دون أى مشكلات فى ظل تأمين مشدد للجان من القوات المسلحة وقوات الشرطة.
كما قرأت تصريحا منسوبا لصابر غانم مدير العلاقات العامة بمجلس مدينة بئر العبد على موقع «مصراوى»، يقول فيه إن نسبة إقبال الناخبين على لجان التصويت فى بئر العبد، كانت مرتفعة للغاية حتى ظهر أمس.
لا أتحدث اليوم عن المنافسة التى تبدو منعدمة بين المرشحين عبدالفتاح السيسى وموسى مصطفى موسى، ولا أتحدث حول سخونة أو برودة المعركة. كنت أتمنى أن يكون هناك أكثر من مرشح قوى، كما قال الرئيس بنفسه فى حواره مع ساندرا نشأت يوم الثلاثاء الماضى. لكن جوهر اللقطة التى شاهدتها فى شمال سيناء، تتعلق بأهمية التركيز على دور العملية السياسية وضرورة دعمها وتطويرها فى هزيمة العنف والإرهاب والتطرف.
قولا واحدا فإن جماعة الإخوان وسائر قوى التطرف والعنف، حاولت بكل السبل عرقلة الانتخابات، من أول الرسائل الإعلامية الموجهة منذ فترة طويلة، نهاية بممارسة الإرهاب فعلا كما حدث فى محاولة الاغتيال الفاشلة لمدير أمن الإسكندرية يوم السبت الماضى.
وبالتالى فإن مشاركة أكبر قدر من المصريين فى الانتخابات مهمة للغاية، ليس بهدف أن يفوز السيسى بنسبة أكبر الأصوات، بقدر ما هى توجيه رسالة للمتطرفين، بأن رهانهم على تعطيل هذا البلد لن ينجح.
مرة أخرى لنختلف أو نتفق حول غياب المنافسة، أو تضييق الحكومة على بعض المرشحين الذين كان يمكن أن يضيفوا منافسة حقيقية للمعركة، لكن لنتفق على أن المتطرفين والإرهابيين هم أعداء ليس فقط للحكومة والرئيس والمعارضة الوطنية، بل وكل الشعب المصرى، وأعداء الإنسانية أيضا، خصوصا أن معظمهم يرى الانتخابات بدعة، وبعضهم يكفر بعضه الآخر أحيانا!!!.
أتمنى أن تلتقط الحكومة طرف الخيط من مشاركة أهالى شمال سيناء فى الانتخابات، وتبذل كل الجهود لتعمير هذه المنطقة، وكسب ود جميع سكانها، واحتضانهم، ومحاولة علاج كل أوجه القصور هناك، حتى لا يستغلها المتطرفون، أو من يقوم بتشغيلهم، سواء كان قريبا أو بعيدا، جارا أو فى المنطقة.
تعمير سيناء واحتضان أهلها، سيعجل من الانتصار على التطرف والمتطرفين.
نقلاً عن الشروق القاهرية