توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجارة التكريمات الوهمية

  مصر اليوم -

تجارة التكريمات الوهمية

بقلم - عماد الدين حسين

الفضيحة التى حدثت قبل أيام تحت عنوان «مهرجان الإسماعيلية للمبدعات العرب»، يمكن أن نستغلها كفرصة ثمينة، لوقف تجارة وبيزنس التكريمات الوهمية المنتشرة فى مصر منذ سنوات عديدة، وتتوسع بصورة سرطانية.
هذا المهرجان ليس الوحيد، سبقه مئات المهرجانات المماثلة وربما آلاف. الجديد، أنه تم اكتشافه وفضحه لمجرد أن بعض المقدمات أو المشاركات أو المنظمات كن يلبسن ملابس يراها البعض خارجة أو غير محتشمة.
ومنطق هؤلاء غريب، لأنه بهذا القياس، لو أن الفتيات المشاركات كن منتقبات أو محجبات أو حتى محتشمات، فلن تكون هناك مشكلة. كما أن البعض اعترض، لأن البنات كن «تخينات»، وكأن المشكلة هى فى «مقياس الوسط أو الخصر» وليس النصب والاحتيال وبيع وتجارة الوهم!
أقر واعترف بأننى أحد الذين وقعوا ضحية لبعض هؤلاء النصابين فى السنوات الماضية. لكن عندما اكتشفت الخدعة توقفت فورا، ونصحت كل معارفى وأصدقائى بذلك.
اللعبة ببساطة كانت تبدأ باتصال تليفونى من جهة تقول لك: «نحن مؤسسة كذا أو كذا، وقد وافق مجلس الإدارة على تكريمك باعتبارك من رواد الإعلام أو الفن أو السياسة أو أى مجال!!!».
وقوعى فى الفخ، كان بسبب أن بعض المتصلين كانوا معروفين لى، وبعضهم شخصيات عامة. الأمر بالنسبة لهم لا يكلف شيئا، مجرد حجز قاعة فى فندق ثم مجموعة من الدروع وشهادات التقدير قد لا يكلف سعر الواحدة منها خمسين أو مائة جنيه.
أحد هؤلاء اتصل بى ذات مرة ليشكو أننى لم أنشر خبر تكريم مؤسسته لى فى «الشروق» فقلت له: «إننى لا أفضل ذلك، حتى لا يبدو الأمر وكأننى أستغل الصحيفة لتلميع نفسى». يومها أدركت أن الرجل كان يريد تلميع نفسه هو. بعدها بدأت أكون شديد الحذر، ولم أقبل تكريما إلا من أماكن معروفة ومحترمة مثل الجامعات مثلا، او المؤسسات التى لا تحتاج دعاية أو اعلانا.
الهدف من هذه التكريمات كان ببساطة مد جسور مصالح بين أصحابها والصحف ووسائل الإعلام والفنانين ونجوم الكرة والمؤسسات العامة، ليحصلوا على ما هو اثمن.
صاحب السبوبة لن يتكلف بضعة آلاف من الجنيهات، فى حين أنه سيضمن نشر أخباره وصوره فى وسائل الاعلام التقليدية، ووسائل التواصل الاجتماعى. هذا الامر سيكلفه الملايين لو نشره على صورة إعلانات. إضافة إلى أنها وسيلة مضمونة للشهرة والأهم للتجارة واستغلال النفوذ عبر هذه الطريقة السهلة جدا.
أحد هؤلاء الذين احترفوا تنظيم مهرجانات التكريم تقدم لخطبة فنانة عربية قبل نحو عام، وكان جواز سفره هو الصور المشتركة مع نجوم المجتمع خلال تكريمه.
وفى اللحظة الأخيرة، تم اكتشاف أنه متهم بانتحال صفة مستشار، وعليه أحكام قضائية!
كان يفترض أن تكون هناك وقفة جادة مع أمثال هؤلاء، عقب فضيحة ما سمى بـ«المهرجان الأفروآسيوى» فى شرم الشيخ فى شهر سبتمبر من العام الماضى، حينما تكشف الأمر عن تجارة وبزنسة، وتم الإساءة لفنانين كبار لم يجدوا حتى حجز الفندق أو تذكرة العودة للقاهرة!
فى «نصباية» الإسماعيلية الأخيرة، اكتشفنا أنه تم السطو على أسماء صحف قومية باعتبارها راعية وشريكة فى المهرجان، وهذه الصحف هددت برفع دعاوى قضائية على المنظمين، ثم سمعنا إدانات وشجب وانتقادات من العديد من الجهات الرسمية والشعبية.
تجار الوهم كثيرون ويملأون الساحة هذ الأيام، والحل لا يكون فقط بالملاحقة الأمنية أو القضائية أو الفضح والتجريس، رغم أهمية كل ذلك، بل ضرورة وجود مناخ وبيئة ومجتمع مدنى يقظ يكشف أمثال هؤلاء. وبالمناسبة فالأكثر خطورة من تجار المهرجانات الفنية والصحفية، هم أولئك الذين يتاجرون الآن فى بيزنس الحملات والجمعيات والمبادرات العامة، وهؤلاء يفترض أن تبدأ الدولة وأجهزتها فى الانتباه لهم، بعد أن صاروا يشكلون خطورة حقيقية.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجارة التكريمات الوهمية تجارة التكريمات الوهمية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon