توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصورة والحقيقة فى السباق الأمريكى!

  مصر اليوم -

الصورة والحقيقة فى السباق الأمريكى

بقلم: عبد الله السناوي

لم يحسم السباق المحتدم إلى البيت الأبيض بعد، لكنه دخل أخطر منعطفاته بعد المناظرة الرئاسية التى جمعت المرشحين الديمقراطية «كامالا هاريس» والجمهورى «دونالد ترامب».

يقال ــ عادة ــ إن الصورة أقوى من الحقيقة، أو أن ما يستقر من انطباعات فى الرأى العام أهم من البرامج فى تقرير التداعيات ومسارها.

بقوة الانطباع العام، الذى عكسته الأغلبية الساحقة من استطلاعات الرأى العام وتعليقات كبريات الصحف والمواقع الأمريكية، حدث ما لم يكن متوقعا.

خسر «ترامب» المناظرة رغم ما يقال عن خبرته الطويلة فى هذا المجال وكسبتها «هاريس» التى يفترض أنها بلا خبرة.

نجحت «هاريس» أن تقدم نفسها للرأى العام الأمريكى كمرشحة جدية قادرة على الوفاء بمهام المنصب الرئاسى.

بالوقت نفسه نسخت صورة «مرشحة ملء الفراغ»، إثر الخروج الاضطرارى لـ«جو بايدن» على خلفية أوضاعه الصحية والذهنية الكارثية، التى بدا عليها فى المناظرة السابقة مع «ترامب».

اختلفت الأجواء والنتائج فى المناظرة الجديدة، التى عقدت فى بنسلفانيا، إحدى أهم الولايات المتأرجحة فى تقرير لمن الفوز فى النهاية.

احتشدت أثناء المناظرة أعداد كبيرة خارج القاعة ترفع الأعلام الفلسطينية وتدعو إلى وقف فورى للحرب على غزة.

كانت تلك رسالة مباشرة إلى «هاريس» بالذات تحمل نقدا عنيفا لسياسات الرئيس الحالى «بايدن».

كما كانت رسالة مباشرة أخرى إلى العالم العربى أن يقرأ بجدية التفاعلات الأمريكية وما قد يحدث بعدها من تداعيات تمس وجودنا نفسه.

وفق استخلاص عام، سائد وصحيح، فإن المناظرة لا تحسم الانتخابات، لكنها تعزز الروح المعنوية عند طرف وتربك الطرف الآخر.

حسب تقدير قيادات جمهورية عديدة: «أداء ترامب لم يكن جيدا، لكنه ليس مدمرا».

بصيغة أكثر وضوحا قال السيناتور الجمهورى «ليندسى جراهام» أوثق حلفاء «ترامب» و"بنيامين نتانياهو» معا: «كان كارثيا، لكن لم تفت بعد فرصة المراجعة».

إلى إى حد تمكن تلك المراجعة والتصحيح فى صورة «ترامب»، التى تضررت بصورة بالغة على غير ما كان متوقعا.

أخطر عائق «ترامب» نفسه.

بعد المناظرة أعلن انتصاره فيها، على عكس الحقيقة الماثلة فى استطلاعات الرأى العام.

عندما دعته حملة «هاريس» إلى مناظرة ثانية رفض أن يدخل التجربة من جديد خشية أن تلحق به قبيل الانتخابات الرئاسية مباشرة هزيمة أخرى، تكون قاتلة هذه المرة.

قال كمن يدارى هزيمته، لقد كسبت الأولى ولا داعى للثانية!

كان ذلك تعبيرا عن تقوض ثقته فى نفسه.

بدا منعزلا عن الواقع، كما اتهمته «هاريس» أثناء المناظرة.

بصورة أخرى بدا كمن ينكر الحقائق وفق أهوائه، كخسارته الانتخابات الرئاسية السابقة وتورطه فى حصار مبنى «الكابيتول» لمنع اعتماد نتائجها!

اهتزت صورة «ترامب» بعمق بالتورط فى ادعاءات غير صحيحة ومفرطة فى عنصريتها دون أن يكون لها ظل من حقيقة، أو شبه ظل.

فيما قاله وجرى تكذيبه على الهواء مباشرة من منظمى المناظرة ومن السلطات فى ولاية أوهايو إن المهاجرين يأكلون الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب!

كان ذلك سحبا على المكشوف من أى رصيد صدقية، أو فيما يطلقه من تصريحات وأحكام.

فى تفسيره للصورة التى كان عليها فى المناظرة اتهم منظميها بالتحيز ضده.. «كانوا ثلاثة ضد واحد».

كان ذلك شرخا عميقا آخر بالإمعان فى نظرية المؤامرة.

ارتكبت «هاريس» بدورها أخطاء معلوماتية عن أعداد القوات الأمريكية فى مسارح القتال بالخارج، أو عن أعداد العاطلين عن العمل.

كل ما جرى فى المناظرة أخضع للبحث والتقصى وقراءة لغة الجسد وقدرة كل مرشح على تحمل الاستفزازات من الطرف الآخر.

تعمدت «هاريس» استفزازه بإهانات مقصودة كالقول إن تجمعاته الانتخابية يغادرها الناس سريعا تخلصا من الملل.

شرخت صورة «ترامب» كأنها بلا حد أو نهاية عند مناقشة القضايا الدولية، التى طرحت نفسها بإلحاح غير مسبوق فى الانتخابات الرئاسية الحالية.

لم يكن لديه ما يقوله عن حربى أوكرانيا وغزة غير كلام عام أقرب إلى التهويمات دون أن تكون لديه خطة، أو تصور واضح لما سوف يتبعه من سياسات.

«لو كنت رئيسا لما جرت الحرب الأوكرانية»، «باتصال هاتفى واحد مع بوتين سوف أنهى الحرب بالوساطة قبل أن أدخل البيت الأبيض».

أفلتت منه بالمبالغات فى غير موضعها فرصة توجيه ضربات قاتلة لنائبة «بايدن» بشأن الانسحاب العشوائى من أفغانستان والحرب المكلفة اقتصاديا واستراتيجيا فى أوكرانيا.

لم يبد الكرملين ارتياحا للطريقة التى جرى بها الحديث عن الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» ولا التصورات الساذجة التى رددها «ترامب».

حسب تصريح رسمى روسى فإن هذا الكلام «لن يغير شيئا»، فموسكو الآن تدافع عن أمنها القومى الذى تهدده سياسات وتحالفات على الأرض وامدادات سلاح لا تتوقف من حلف «الناتو».

كان «بايدن» الغائب الحاضر فى المناظرة.

بنى «ترامب» استراتيجيته على الهجوم المتصل عليه بمناسبة، أو دون مناسبة.

اضطرت «هاريس» أن تذكره أنها هى التى تنافسه.

بنفس الوقت حاولت التخفف من عبء «بايدن» دون إساءة إليه.

اتسمت إدارته، التى كانت شريكا رئيسيا فيها، بالعسكرة الزائدة فى حرب أوكرانيا وغزة.

مع ذلك اتهمها «ترامب» بكراهية إسرائيل، والعرب أيضا!

قال من باب المبالغة المفرطة: «إنها إذا أصبحت رئيسة فإن إسرائيل سوف تختفى بغضون عامين» متماهيا مع «نتنياهو» واليمين الإسرائيلى المتطرف.

بدت «هاريس» كمن وقع بين فكى كماشة، بتوصيف «توماس فريدمان» فى الـ«نيويورك تايمز».

إذ تماهت مع إسرائيل على طريقته فسوف تخسر أصوات الجاليات العربية والإسلامية ويسار الحزب الديمقراطى القريبة منه.

وإذا أدانت العدوانية الإسرائيلية وجرائم الحرب، التى ترتكبها فسوف تخسر أصوات اللوبيات اليهودية النافذة فى بنية ذلك الحزب.

كلاهما «هاريس» و«ترامب» أعلن التزاما كاملا بالأمن الإسرائيلى، لكن وطأتها بدت أقل بما لا يقاس مع المرشح الآخر.

حاولت أن توازن ما بين تبنى الرواية الإسرائيلية، التى ثبت عدم صحتها، عن أحداث السابع من أكتوبر وحقها فى الدفاع عن نفسها.. «لكن ليس بالأسلوب الذى اتبعته وأفضى إلى سقوط الكثير من الضحايا الأبرياء».

ثم أخذ خطابها يرتفع بصورة محدودة لكن ملموسة عن حق الفلسطينيين فى تقرير المصير وأن تكون لهم دولة وضرورة وقف الحرب فى غزة وإجراء صفقة تبادل أسرى ورهائن فورا.

فى النهاية الحقائق سوف تعلن عن نفسها أيا ما كانت حدة حروب الصور.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصورة والحقيقة فى السباق الأمريكى الصورة والحقيقة فى السباق الأمريكى



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon