توقيت القاهرة المحلي 22:56:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صور القمة الخليجية.. ظلال وتساؤلات

  مصر اليوم -

صور القمة الخليجية ظلال وتساؤلات

بقلم: عبد الله السناوي

ما هو غامض وملتبس أكثر مما هو صريح وظاهر فى صور القمة الخليجية، التى انعقدت فى مدينة «العلا» السعودية.
تكاد تلخص صورة واحدة الجو العام، الذى ساد وقائع المؤتمر، دون أن تعكس تعقيدات وحسابات وظلال ما يجرى فى الكواليس.
تجاوزت الحفاوة التى استقبل بها أمير دولة قطر «تميم بن حمد آل ثانى» أية أعراف وتقاليد معتادة، أو غير معتادة، فى استقبال رؤساء الدول حين وقف ولى العهد السعودى «محمد بن سلمان» عند سلالم الطائرة مرحبا بصوت عال دوى فى المكان: «نورت المملكة»، قبل أن يتعانقا كصديقين حميمين باعدت بينهما الأيام.
بدت الصورة بأجوائها ورسائلها أقرب إلى إعلان مبكر عن طى صفحة الخلافات بينهما دون أن يكون مؤكدا أن الأطراف الأخرى فى الأزمة تتبنى الموقف نفسه.
باستثناء الترحيب بفكرة المصالحة نفسها تبدت تساؤلات عن حدود الاتفاق والاختلاف بين الدول الأربعة: «السعودية» و«الإمارات» و«البحرين» و«مصر»، التى تشاركت فيما كان يطلق عليه «التحالف الرباعى» فى الأزمة مع «قطر»، التى امتدت لأكثر من ثلاث سنوات.
كان مستوى تمثيل دول التحالف تعبيرا عن أزمة مكتومة.
شاركت مصر بوزير خارجيتها «سامح شكرى»، ذهب إلى «العلا»، وقع بيانها، ثم غادر دون أن يحضر أعمال القمة.
وشاركت الإمارات بنائب رئيس دولتها لا رجلها القوى «محمد بن زايد»، الحليف الرئيسى للسعودية فى ملفات إقليمية عديدة، أخطرها الحرب فى اليمن.
كان ذلك نوعا من الاعتراض على ما جرى فى «العلا»، وانفراد السعودية بالقرار ووضع الحلفاء الآخرين أمام الأمر الواقع.
وشاركت البحرين بولى عهدها وغاب الملك «حمد بن عيسى آل خليفة»، الذى اعتاد احتذاء الموقف السعودى بكل الأزمات والمواقف.
كان ذلك لغزا مستجدا.
تبدت فى تلك الشروخ تساؤلات يصعب تجاهلها بالإنكار حول مستقبل المصالحة بالطريقة التى جرت بها.
رغم الترحيب الشعبى فى دول الخليج بالتوجه إلى المصالحة، فإنها لا تقوم على أسس صلبة ومرجعيات موثوقة.
ما حدود المصالحة التى جرت، التزاماتها وآلياتها؟
كان ذلك سؤالا ضاغطا على الأعصاب المشدودة فى الإقليم وحسابات القوى المتنازعة.
وفق ما أعلن رسميا لتفسير غياب المرجعيات والآليات فإن الإرادة السياسية سوف تتكفل بتجاوز الملفات الشائكة.
لم تكن هناك إجابة أخرى، كأن كل شىء معلق على النوايا والعبارات الإنشائية، التى أسرفت فى إسباغ أوصاف «التاريخية» على القمة.
قيل إنها «قمة المصارحة والمصالحة»، دون أن تكون هناك مراجعات جرت للأخطاء المتبادلة، أو مصالحات حدثت وفق التزامات محددة.
من حيث المبدأ العام فإن فكرة المصالحة إيجابية ولا يصح لعاقل واحد أن يرفضها شرط أن تقف على أرض صلبة.
أعلن وزير الخارجية السعودى الأمير «فيصل بن فرحان» أن الأزمة طويت والعلاقات الكاملة سوف تستأنف.
هكذا دون حيثيات تشرح وتوضح الخطوات التالية، ولا كيف تحفظ المصالحة قدرتها على المضى قدما.
بدا ممكنا للطرفين الرئيسيين فى القمة، «السعودية» و«قطر»، أن يحتفيا بنجاح المصالحة، دون أدنى تطرق إلى قدر وطبيعة التفاهمات، وما إذا كانت قطر قد التزمت بكل أو ببعض الاشتراطات الثلاثة عشر التى أعلنت عند مقاطعتها، أم أنها قد سحبت نهائيا من على طاولات التفاوض.
ما الذى حدث بالضبط؟
وكيف تمت المصالحة؟
باليقين بذلت الكويت جهدا دبلوماسيا مضنيا فى محاولة تطويق الأزمة الخليجية، لكنها لم تكن الطرف الذى قرر التوقيت وحدد المخرجات.
كان حضور «جاريد كوشنير» صهر الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته «دونالد ترامب» أعمال القمة، كراع للمصالحة مثيرا للتساؤلات، فـ«ترامب» نفسه سوف يخرج من البيت الأبيض بعد أقل من أسبوعين، مهما اشتط فى التشكيك بنتائج الانتخابات الأمريكية.
لماذا الآن؟
إحدى الإجابات شبه المتماسكة: إحكام الحصار على إيران بتخفيض العلاقات القطرية معها إلى أدنى درجة ممكنة قبل دخول الرئيس المنتخب «جو بايدن» البيت الأبيض يوم (20) يناير المقبل.
بالتكوين الفكرى والأيديولوجى فإن «كوشنير» صهيونى متعصب لعب دورا كبيرا بجوار «ترامب» فى صياغة استراتيجيته لإنهاء القضية الفلسطينية بالتوسع الاستيطانى فيما يعرف بـ«صفقة القرن»، أو «سلام القوة».
هناك خشية إسرائيلية من أن يعيد «بايدن» إحياء الاتفاق النووى، الذى انسحبت منه الولايات المتحدة كمدخل لترميم علاقاته مع الحلفاء الأوروبيين، التى تضررت بقسوة فى ولاية «ترامب».
باعتقاد «بايدن» فإن الاتفاق النووى «يفرمل» أى مشروع نووى إيرانى مفترض تخشاه إسرائيل وتحرض ضده.
بقوة الحقائق الماثلة فإن إسرائيل تفضل العمل العسكرى، لكنها غير مستعدة أن تتحمل وحدها أكلاف المواجهة مع إيران، والولايات المتحدة غير مستعدة للدخول فى أية مغامرات عسكرية فى لحظة تسليم سلطة.
هكذا تتداخل فى الحسابات الإسرائيلية قضيتان على درجة عالية من الخطورة.
أولاهما ــ حصار إيران بالخنق إلى أقصى درجة يمكن الوصول إليها حتى تنهار من الداخل وفق السيناريو الذى اتبعه «ترامب».
وثانيهما ــ إقناع مزيد من الدول العربية بالمضى قدما فى التطبيع، أو الانتقال بالعلاقات من السر إلى العلن، لمواجهة «العدو الإيرانى» المشترك.
بالحسابات القطرية فإنها حازت اختراقا يعتد به فى علاقاتها بمحيطها الخليجى، رفع الحصار عنها مقابل التنازل عن قضايا رفعتها على دول التحالف الرباعى، التى دأبت على وصفها بـ«دول الحصار والمقاطعة».
وبالحسابات السعودية فإنها اكتسبت نقاطا جديدة فى تطلعها للعب أدوار أكبر فى الإقليم، قد تساعدها فى تخفيض أية ضغوط محتملة من إدارة «بايدن».
سيناريوهات ما قد يحدث فى اليوم التالى أكثر تعقيدا مما هو ظاهر على السطح.
إيران حاضرة بقوة وتركيا تترقب النتائج لعلها تحصد انفراجا فى علاقاتها بالخليج.
هناك الآن اختباران عاجلان لـ«إعلان العلا».
الأول، قدر الالتزام بالروح العامة التى انطوى عليها دون أن تكون هناك مرجعيات وآليات تلزم على الطريقة العربية المعتادة بـ«تبويس اللحى».
الثانى، الاختبار الإعلامى وسؤاله: إلى أى حد يمكن أن تؤسس المصالحة بالطريقة التى جرت بها، والحسابات التى حكمتها، لهدنة طويلة المدى، تستبعد التحرشات السياسية ولغة التحريض والتفلت اللفظى.
هذه مسألة تحوطها صدامات قوى ومصالح واستراتيجيات تجعل فكرة المصالحة فى أفضل الأحوال أقرب إلى الهدنات الهشة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صور القمة الخليجية ظلال وتساؤلات صور القمة الخليجية ظلال وتساؤلات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon