توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مراجعات (25) يناير: كيف هوى نظام مبارك؟

  مصر اليوم -

مراجعات 25 يناير كيف هوى نظام مبارك

بقلم: عبد الله السناوي

بعد عشر سنوات كاملة على الحوادث العاصفة، التى جرت فى (25) يناير (2011)، تحتاج مصر إلى مراجعة حقيقية موثقة بقدر ما هو ممكن لأسباب ودواعى سقوط نظام «حسنى مبارك».
كانت النهايات محتمة، لكنها طالت واستغرقت وقتا طويلا.
بأية قراءة موضوعية مات النظام إكلينيكيا عام (2005)، وهو العام الذى أجريت فيه انتخابات رئاسية قيل إنها تعددية، وبرلمانية شهدت صفقات انتخابية مع جماعة «الإخوان المسلمين».
بقوة الصور ورسائلها بدا الرئيس الأسبق غير قادر على ممارسة صلاحياته، ولا كان خطابه السياسى متماسكا، أو مقنعا، لكنه تمكن من البقاء فى السلطة لخمس سنوات أخرى بفضل اتساع هامش الحريات الصحفية والإعلامية.
سألت آخر وزير إعلام فى عهده «أنس الفقى»: من المستفيد الأول من هامش الحريات الصحفية والإعلامية؟
قال بلا تردد: «النظام طبعا».
كانت تلك حقيقة، فالحريات الصحفية والإعلامية رفعت سقف الآمال المعلقة على إصلاح النظام من الداخل، عندما تبددت تلك الآمال بالتزوير الفاحش للانتخابات النيابية فى خريف (2010) اقتلع النظام يعد أسابيع قليلة.
هناك من توقع «ثورة جياع»، بالنظر إلى تزايد الاحتجاجات أمام المخابز ومستودعات أنابيب الغاز، أو «انتفاضة خبز جديدة» كما فى يناير (١٩٧٧)، أو «حريق قاهرة آخر» على النحو الذى جرى فى يناير (١٩٥٢).
لم يخطر ببال أحد إطاحته بثورة شعبية تتصدرها الأجيال الجديدة وتدعو إلى نظام ينسخ الماضى ويلتحق بعصره.
جاء التغيير فى «يناير» من خارج السياق السياسى، الذى همشت منابره.
كانت تلك نقطة قوة من حيث اتساع الحشد والتعبئة ونقطة ضعف من حيث ما بدا أنه فراغ قيادى سهل اختطاف الثورة على يد الجماعة.
كانت الجماعة آخر من دخل ميدان التحرير وأول من خرج منها.
لخّص «مشروع توريث الجمهورية» من «الأب» إلى «نجله الأصغر» أزمات النظام كلها ووضعه مباشرة أمام النهايات المحتمة.
كان ذلك المشروع تعبيرا عن سطوة رجال الأعمال المتنفذين فى صلب القرارين الاقتصادى والسياسى بزواج بين السلطة والثروة.
لم يكن ممكنا بأى حساب توريث الحكم بغير أثمانٍ باهظة واضطرابات لا قبل لأحد بها.
كان طبيعيا فى بلد محورى مثل مصر أن تتدخل أجهزة استخبارات دولية لتوظيف الأحداث الكبرى وفق مصالحها الاستراتيجية، أو على الأقل خفض فاتورة المخاطر على تلك المصالح.
غير أن ذلك لا يعنى أن الفعل الثورى نفسه مؤامرة وأسبابه «نكسة».
قيمة «يناير» فى التاريخ أنها عكست الإرادة العامة التى لا سبيل لتحديها بقدر ما طمحت إلى الانتقال لعصر جديد أكثر عدلا وحرية وكرامة إنسانية.
قبل يناير تبدت حالة غضب بين الأجيال الجديدة وجماعات المثقفين وكل ما له قيمة فى البلد، استقطبت المشاعر العامة حتى بدا النظام كله فى العراء السياسى.
رغم الاحتقانات السياسية والاقتصادية التى دعت الطبقة الوسطى والفئات الأكثر احتياجا إلى إعلان تذمرها فقد كان «مشروع التوريث» هو نقطة التفجير التى استدعت كل الغضب إلى كل الميادين.
لم يكن الجيش فى وارد الصدام مع الإرادة الشعبية لتمرير التوريث، أو الدفاع عن نظام فقد شرعيته.
ولم يكن هناك ظهير سياسى يؤيد «مبارك» فى لحظاته الأخيرة، فقد انهار حزب السلطة مع أول هتاف فى ميدان «التحرير».
ما هو مصطنع يسقط فى كل اختبار.
سقط «مبارك» لأن نظامه تقوّض من الداخل دون حاجة إلى مؤامرة.
أحد أسباب ذلك السقوط التعويل على قوة الأمن وحده لضمان استقرار النظام وأن فيه الكفاية لمنع أى خطر على وجوده دون حاجة إلى أية ركائز أخرى تثبته.
لمدة خمس سنوات قضاها نائبا للرئيس فى ظل «أنور السادات» تولى الملف الأمنى، وهو رجل أمن يفهم فيه ويبالغ فى اعتباراته على حساب أى شيء آخر.
بعد محاولة اغتياله فى «أديس أبابا» منتصف تسعينيات القرن الماضى مال إلى تركيز إضافى على الأمن غير أن نقطة التحول الجوهرية رافقت الانتخابات الرئاسية عام (٢٠٠٥).
أدار الانتخابات نجله الأصغر والمشهد أوحى أننا أمام بروفة مبكرة لـ«توريث الحكم».
فى اجتماع احتفالى بحى مصر الجديدة تصدرته قيادات «أمانة السياسات» سأل اللواء «حبيب العادلى» واحدا من المجموعة القريبة من نجل الرئيس: «ماذا تخططون؟!».
لم يكن فى حاجة إلى إجابة فقد حزم أمره على أن يكون «وزير داخلية التوريث».
كان ذلك إقحاما للأمن فى ملف ملغم.
لم يكن «الحزب الوطنى الديمقراطى» حزبا حقيقيا بقدر ما كان تجمعا لأصحاب المصالح يلتصق بالسلطة، أى سلطة.
فى لحظة الثورة بدا الانكشاف كاملا للبنية السياسية المصطنعة.
بقدر ما تكون الحياة السياسية صحية وقابلة لاكتساب الثقة العامة فإن قواعد النظم تتأسس على أرض صلبة.
كما لم يعصم النظام من السقوط ارتفاع معدلات النمو، فهو لا يغنى عن التنمية الحقيقية.
بالأرقام تجاوزت نسبة النمو حاجز الـ(٧٪)، وهى نسبة لا مثيل لها فى التاريخ المصرى المعاصر، غير أنها لم تمنع الانفجار الاجتماعى الذى أطاح النظام كله.
ذهبت عوائد النمو إلى طبقة رأسمالية متوحشة توغلت فى الفساد وجنت أموالها من زواج السلطة بالثروة.
فى الغنى الفاحش بغير إنتاج حقيقى والفقر المدقع بغير أمل بالحياة تعمقت التناقضات إلى حدود استدعت قلقا داخل قطاع الأعمال الخاص نفسه.
بحكم خبرته المباشرة لم يكن الرئيس الأسبق «مبارك» يجهل حقائق القوة، غير أنه لم يكن حازما فى وقف مشروع التوريث وترك التفاعلات تمضى إلى نهاياتها المحتمة.
فى اللحظة التى استهترت بعض أطراف «أمانة السياسات» بحقائق القوة دفعت الثمن فادحا فى «يناير» (2011) على ذات القدر الذى دفعته الجماعة فى «يونيو» (2013).
أسوأ مقاربة ممكنة لما جرى ادعاء الحكمة بأثر رجعى وقراءة التاريخ بالهوى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مراجعات 25 يناير كيف هوى نظام مبارك مراجعات 25 يناير كيف هوى نظام مبارك



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon