توقيت القاهرة المحلي 13:16:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موت المكتب

  مصر اليوم -

موت المكتب

بقلم: خولة مطر

ثلاثة أشهر من الاكتشافات المستمرة لبرامج تسمح بعقد الاجتماعات عن بعد. ألم يقولوا ما قبل كورونا ليس كما بعدها.. سقط مفهوم الثمانى ساعات عمل اليومية وطبعا هى ثمانى فى دول ونصف ساعة بل عشر دقائق فى دول أخرى.. كثرت النكات حول الاجتماعات عبر تطبيق زووم أو سكايب أو تيمز وكثير غيرهم. قيل إن الرجال يكونون بالسراويل القصيرة وفوقها قميص وربطة عنق وجاكيت أما النساء فكل ما عليهن هو أن يلبسن بنطلونات الجينز أو سراويل البيجامات وفوقها بلوزة رقيقة.. لم تعد هناك حاجة للتفكير كل صباح فى اختيار الفستان المناسب أو البدلة الأنيقة. لم يعد هناك حاجة لوضع المساحيق ولا حتى تصفيف الشعر، حتى إن بعض الملتقيات عبر هذه البرامج ظهرن من الدوش إلى الشاشة مباشرة بشعرهن الرطب وكأنهن على شاطئ بحر بشمس حارقة.
***
كثرت المشاهد المسلية بل المضحكة فى تلك الاجتماعات الافتراضية والتى تمتد أحيانا لساعات طويلة مخالفة المعمول به سابقا فى الاجتماعات واللقاءات الحقيقية حيث تحدد فترة محددة للاجتماع.. امتد أحد تلك الاجتماعات الذى جمع وجوها من مونتريال مرورا بدوزلدورف وباريس وبيروت واسطنبول، امتد لأكثر من ثلاث ساعات وهنا باستطاعتك أن تتثاءب أو حتى أن تنام ولن تصطادك كاميرا أحدهم كما فعلت مع تلك المجموعة من الرؤساء والزعماء فى اجتماعات جامعتنا المبجلة! الفتاة الشابة الرقيقة التى أدارت الاجتماع فضلت أن لا تمشط شعرها فهذا هو طبعها عندما تكون بالمنزل فى زمن العزل والتباعد الاجتماعى.. لما التعب.. وبعد أن قدمت ديباجة طويلة كثر فيها المديح لكل أفراد المجموعة والحضور الذى أجهد نفسه بفتح شاشة الكمبيوتر وتكبل عناء ذلك أليست هذه الديباجة التى يبدأ بها كل متحدث فى اجتماعاتنا التقليدية.. لم يفسر أى منهم ما هو المجهود الذى بذل فى النقر على الكمبيوتر وفتحه مع التأكد من إطفاء السماعات وربما الأفضل الكاميرا أيضا مرة متحججا بأن الإرسال ينقطع مع فتح الكاميرات وأخرى تواضعا وترك الشاشة للآخرين!
***
كانت المشاهد تتوالى وفى مجملها تبدو مادة دسمة لبرنامج كوميدى فى زمن التراجيديا المرضية والاقتصادية.. واحدة لم تستطع أن تمنع طفلتها الصغيرة من أن تشوش عليها وهى تتحدث عن مواضيع تبدو فى غاية الجدية وأخرى تبعد كلبها عن الشاشة وثالث نسى أن يطفئ الميكروفون فما كان إلا أن سمع كل الحضور من أقصى الشمال حتى الجنوب ومن الشرق حتى الغرب، كل الحاضرين والحاضرات سمعوا صوت زوجته وهى تردد ألن تنتهى من هذا الاجتماع السخيف وتذهب لإحضار احتياجاتنا قبل أن يقفل السوبرماركت أبوابه أو أن تزيد الأعداد بالداخل فيوقفونك لساعات عند باب المتجر وما إن يفتح لك الباب حتى تجد نفسك تنافس المتسابقين على جمع أكبر عدد من المواد الغذائية وغيرها إما خوفا من أن تختفى من الأسواق أو من أن تتضاعف أسعارها..
***
أما ذاك الاجتماع الهام جدا والذى تناول قضايا مصيرية فقد أطل أحدهم وهو يسوق سيارته وآخر وهو يجلس «عفوا» فى الحمام ومن خلفه الدوش!! أما ذاك المسئول السياسى الكبير فاضطر للنهوض سريعا ليرد على مكالمة هامة من رئيس وقد نسى أنه لا يزال بسرواله الداخلى فما كان من الحضور الافتراضيين إلا أن فرطوا ضحكا متداركين ذلك عبر إطفاء الكاميرات والميكروفونات..
***
بعضهم يقول ما أحلى العمل المنزلى بعيدا عن الأنظار والمجاملات والرسميات والصراعات الداخلية وآخرون يرددون وهم عائدون بنصف دوما «ما أحلى الرجوع إليه». كل له موقف حسب ظروفه ومطالبه.. فهل اقتربنا من الإعلان عن موت العمل المكتبى والانتقال إلى العمل من «منازلهم» متذكرين تلك المرحلة عندما كان يتخلف طالب عن الدراسة لسنة واحدة فيقال لهم طلاب المنازل ولا يراهم أحد إلا فى موعد الامتحانات.. ربما لن يكون المكتب فقط هو الذى سينقرض بل وحتى السفر لمسافات طويلة والسفر المتكرر والسفر على درجات رجال الأعمال.. تلك الدرجة التى تحولت لدرجة أطفال الأثرياء ومربياتهم.. هى حكاية أخرى لانتهاء مرحلة وبداية أخرى ربما؟؟
***
مرت ثلاث ساعات وهذه من عيوب موت المكتب والانتقال للاجتماعات الافتراضية ألا وهو أن يفترض المجتمعون أنه لا حاجة لتحديد فترة زمنية للاجتماع فما دمنا جميعا فى منازلنا وما دامت تلك السيدة تعتذر لحظة لإطعام أولادها وأخرى تظهر بروب الحمام وآخر بشعره المنكوش فقد قفز من السرير إلى شاشة كمبيوتره.. وأعود للاجتماعات والأحرى التى توقيتها فجرا فيما الآخرون على خطوط عرض وطول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موت المكتب موت المكتب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon