توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موت المكتب

  مصر اليوم -

موت المكتب

بقلم: خولة مطر

ثلاثة أشهر من الاكتشافات المستمرة لبرامج تسمح بعقد الاجتماعات عن بعد. ألم يقولوا ما قبل كورونا ليس كما بعدها.. سقط مفهوم الثمانى ساعات عمل اليومية وطبعا هى ثمانى فى دول ونصف ساعة بل عشر دقائق فى دول أخرى.. كثرت النكات حول الاجتماعات عبر تطبيق زووم أو سكايب أو تيمز وكثير غيرهم. قيل إن الرجال يكونون بالسراويل القصيرة وفوقها قميص وربطة عنق وجاكيت أما النساء فكل ما عليهن هو أن يلبسن بنطلونات الجينز أو سراويل البيجامات وفوقها بلوزة رقيقة.. لم تعد هناك حاجة للتفكير كل صباح فى اختيار الفستان المناسب أو البدلة الأنيقة. لم يعد هناك حاجة لوضع المساحيق ولا حتى تصفيف الشعر، حتى إن بعض الملتقيات عبر هذه البرامج ظهرن من الدوش إلى الشاشة مباشرة بشعرهن الرطب وكأنهن على شاطئ بحر بشمس حارقة.
***
كثرت المشاهد المسلية بل المضحكة فى تلك الاجتماعات الافتراضية والتى تمتد أحيانا لساعات طويلة مخالفة المعمول به سابقا فى الاجتماعات واللقاءات الحقيقية حيث تحدد فترة محددة للاجتماع.. امتد أحد تلك الاجتماعات الذى جمع وجوها من مونتريال مرورا بدوزلدورف وباريس وبيروت واسطنبول، امتد لأكثر من ثلاث ساعات وهنا باستطاعتك أن تتثاءب أو حتى أن تنام ولن تصطادك كاميرا أحدهم كما فعلت مع تلك المجموعة من الرؤساء والزعماء فى اجتماعات جامعتنا المبجلة! الفتاة الشابة الرقيقة التى أدارت الاجتماع فضلت أن لا تمشط شعرها فهذا هو طبعها عندما تكون بالمنزل فى زمن العزل والتباعد الاجتماعى.. لما التعب.. وبعد أن قدمت ديباجة طويلة كثر فيها المديح لكل أفراد المجموعة والحضور الذى أجهد نفسه بفتح شاشة الكمبيوتر وتكبل عناء ذلك أليست هذه الديباجة التى يبدأ بها كل متحدث فى اجتماعاتنا التقليدية.. لم يفسر أى منهم ما هو المجهود الذى بذل فى النقر على الكمبيوتر وفتحه مع التأكد من إطفاء السماعات وربما الأفضل الكاميرا أيضا مرة متحججا بأن الإرسال ينقطع مع فتح الكاميرات وأخرى تواضعا وترك الشاشة للآخرين!
***
كانت المشاهد تتوالى وفى مجملها تبدو مادة دسمة لبرنامج كوميدى فى زمن التراجيديا المرضية والاقتصادية.. واحدة لم تستطع أن تمنع طفلتها الصغيرة من أن تشوش عليها وهى تتحدث عن مواضيع تبدو فى غاية الجدية وأخرى تبعد كلبها عن الشاشة وثالث نسى أن يطفئ الميكروفون فما كان إلا أن سمع كل الحضور من أقصى الشمال حتى الجنوب ومن الشرق حتى الغرب، كل الحاضرين والحاضرات سمعوا صوت زوجته وهى تردد ألن تنتهى من هذا الاجتماع السخيف وتذهب لإحضار احتياجاتنا قبل أن يقفل السوبرماركت أبوابه أو أن تزيد الأعداد بالداخل فيوقفونك لساعات عند باب المتجر وما إن يفتح لك الباب حتى تجد نفسك تنافس المتسابقين على جمع أكبر عدد من المواد الغذائية وغيرها إما خوفا من أن تختفى من الأسواق أو من أن تتضاعف أسعارها..
***
أما ذاك الاجتماع الهام جدا والذى تناول قضايا مصيرية فقد أطل أحدهم وهو يسوق سيارته وآخر وهو يجلس «عفوا» فى الحمام ومن خلفه الدوش!! أما ذاك المسئول السياسى الكبير فاضطر للنهوض سريعا ليرد على مكالمة هامة من رئيس وقد نسى أنه لا يزال بسرواله الداخلى فما كان من الحضور الافتراضيين إلا أن فرطوا ضحكا متداركين ذلك عبر إطفاء الكاميرات والميكروفونات..
***
بعضهم يقول ما أحلى العمل المنزلى بعيدا عن الأنظار والمجاملات والرسميات والصراعات الداخلية وآخرون يرددون وهم عائدون بنصف دوما «ما أحلى الرجوع إليه». كل له موقف حسب ظروفه ومطالبه.. فهل اقتربنا من الإعلان عن موت العمل المكتبى والانتقال إلى العمل من «منازلهم» متذكرين تلك المرحلة عندما كان يتخلف طالب عن الدراسة لسنة واحدة فيقال لهم طلاب المنازل ولا يراهم أحد إلا فى موعد الامتحانات.. ربما لن يكون المكتب فقط هو الذى سينقرض بل وحتى السفر لمسافات طويلة والسفر المتكرر والسفر على درجات رجال الأعمال.. تلك الدرجة التى تحولت لدرجة أطفال الأثرياء ومربياتهم.. هى حكاية أخرى لانتهاء مرحلة وبداية أخرى ربما؟؟
***
مرت ثلاث ساعات وهذه من عيوب موت المكتب والانتقال للاجتماعات الافتراضية ألا وهو أن يفترض المجتمعون أنه لا حاجة لتحديد فترة زمنية للاجتماع فما دمنا جميعا فى منازلنا وما دامت تلك السيدة تعتذر لحظة لإطعام أولادها وأخرى تظهر بروب الحمام وآخر بشعره المنكوش فقد قفز من السرير إلى شاشة كمبيوتره.. وأعود للاجتماعات والأحرى التى توقيتها فجرا فيما الآخرون على خطوط عرض وطول.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موت المكتب موت المكتب



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon