توقيت القاهرة المحلي 09:04:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خط فى رمال متحركة

  مصر اليوم -

خط فى رمال متحركة

بقلم - خولة مطر

ماذا يحدث فى الخليج؟ وماذا يحدث لأهله؟ أين رحلت تلك المشاعر القومية أو الإنسانية؟.. ما الذى حدث للتعاطف والتلاحم والمحبة؟.. 
مثل هذه الأسئلة كثير ما تتردد ليس فقط خلال اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات، بل وعلى شبكات التواصل كلها.. الأسئلة الكثيرة هى انعكاس لمجموعة من التصريحات والرسائل المختصرة والمواقف التى يرسلها بعض الخليجيين والخليجيات على مواقعهم فى التويتر أو الفيسبوك أو الانستغرام.. 
***
عند تلقى الأسئلة لا يستطيع الخليجى أيضا إلا أن يردد أن هؤلاء لا يمثلون الأغلبية العظمى بل على العكس هناك أغلبية قد لا يكون صوتها بنفس نبرة العلو ولكنها موجودة وهى لا تستطيع أن ترى نفسها سوى ضمن محيطها الأكبر والدوائر المتسعة من التلاقى مع البشر فى كل مكان.. وهذا رغما عن الجهود الكبيرة التى تقوم بها بعض الأجهزة أو الشخصيات أو الجهات أو أو! لرسم خط فى الرمال المتحركة يفصل بين أبناء الخليج وأهلهم الأقرب لهم فى المحيط العربى الواسع الذى هو كقوس القزح بتلاوين وتنوعات وأحلام وتطلعات قد تبدو متعددة ولكنها ليست مختلفة كثيرا عن أحلام الخليجى والخليجية البسطاء جدا.. أولئك الذين لم يدخلوا حلبة المنافسة لإثبات أنهم حضاريون «متمدنون» ومتماشون مع الموضة العالمية فى تقبل الآخر، والجميع يعرف دون مجهود كبير أن هذه العبارة الفضفاضة تستخدم للتعبير عن تقبل الصهاينة والإسرائيليين أكثر من تقبل المواطن الخليجى والعربى المختلف فى الطائفة أو الدين أو العقيدة أو الفكر أو حتى توجهاته وتوجهاتها الجسدية! نعم إننا متسامحون جدا فى مدن الضباب ولكننا منغلقون بنفس الحماس فى مدن «الطوز» والأبراج العالية والتسابق فيما بيننا ومنذ سنين طوال على الأكبر والأوسع والأعمق.. مثل هذا كمثل انعكاسات الغيم على زجاج ناطحات السحب الكبيرة فى صحراء الخليج والجزيرة.. أكثر هشاشة من الرسم فوق الماء.
***
بعض الخليجيين ومنهم من يطلق عليهم «مفكرين» أو أساتذة جامعات ومن حاملى الشهادات المطرزة بحرف الدال التى أصبحت أكثر انتشارا من عدد المركبات فى شوارع ضواحينا.. بعضهم يردد «لماذا يكرهوننا؟» فى محاولة لطرح نفس ذاك السؤال الذى طرحه بعض الأمريكيين بعد أحداث 11 سبتمبر أو حتى بعد التفجيرات المتكررة هنا وهناك أو الانتقادات والملاحظات على سياسة الإدارة الأمريكية.. وهنا سقط الخليجى أو يعمل بعضهم على إخضاعه لغسيل للدماغ يصور له أن أى انتقاد للسياسة الخارجية لحكومته تعنى كرها وحقدا وحسدا من العرب تجاه الخليجيين الذين ينعمون بالخير والنعمة! منطق لا يمكن وصفه إلا بالمنطق المريض والناقص وغير القادر على التمييز. ويتزامن مع هذا الخطاب محاولة من البعض لتصوير الخليجى على أنه المواطن السعيد المحظوظ أو «السوبر إنسان»! أو أنه المواطن «المدلل» وهذه نظرة فيها شيء من السطحية إن لم يكن قلة الفهم بالواقع الخليجى. 
***
ومثل هذه النظرة والفكر لا بد وأن تأتى بانعكاسات لا يمكن أن تكون إيجابية على عالم يعمل على التقارب وتقليص الفجوات بين الثقافات والشعوب وإلغاء الحدود المصطنعة أصلا وتحويلها إلى جسور للحضارة والثقافة التى تقرب لا تفرق.. توحد لا تمزق، خاصة إذا كان ما سيتم تمزيقه هو مهلهل أصلا ولم يعرف الوحدة إلا فى نفحات متقطعة من تاريخه الحديث منذ الاستقلال عن الاستعمار رغم أن كلمة استقلال لا تبدو هى الأدق فى وصف حال بعضنا أو ربما كلنا!
***
عندما يفكر أحد الحاملين للألقاب و«الأختام» بتكرار الجمل المنمقة المستقاة من كتب علم الاجتماع وعلم الإنسان، حيث يوجه خطابا للعرب بأن الخليجيين قادمون وأنكم قد سيطرتم على المنطقة بما فيه الكفاية حتى دمرتم ومزقتم هذه المنطقة أكثر. وعندما يعيد آخر أو أخرى «المعايير» بأننا دفعنا لهم هكذا مبلغا ولم تتحرر الأرض لأنهم صرفوها على بذخ قيادتهم بدلا من الشعب المحتل، وعندما تردد سيدة بأنهم جاءوا للرزق فماذا ينتظرون الآن؟ دون أن تتحلى بصفات الخليجى الأصيل الذى يذكر معروف العرب، كل العرب الذين ساهموا فى التعليم والثقافة وبناء الدولة الحديثة فى معظم إن لم يكن كل دول الخليج.. 
***
عندما تتكرر مثل هذه الخطابات التى تخلق الانشقاقات فليتأكد الجميع أنها لن تقف عند الحدود الفاصلة بين الـ «نحن» والـ «هم» بل ستصل إلى تقسيم الـ «نحن» أيضا إلى جزئيات صغيرة من الطفيليات التى قد تطفو لبعض الوقت على السطح ولكنها عاجزة عن أن تخلق وطنا. 

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خط فى رمال متحركة خط فى رمال متحركة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon