توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خارج السور

  مصر اليوم -

خارج السور

بقلم - خولة مطر

هو يعرّف نفسه بأنه خارج السور، وطقس هذا الصيف أكثر صعوبة وتوحشا من أن يحاول أحدنا، أى الأصدقاء الهاربون من حرارة قاتلة لحضن الشجر وبعض الموسيقى وما بينهما، أن يتحمل طاقة السؤال «ماذا تعنى خارج السور؟» أو «أى سور هو؟» يتربع هو القادم من هناك حيث نحن الذين منذ سنين بعيدة اعتدنا على حرارة الصيف القاتلة أو ربما تأقلمنا أو عملنا جهدنا لنتكيف معها ونحسن مساحة حيواتنا المختلفة بمكيفات هواء تحول ذاك الطقس الخارجى إلى شئ من الآدمية.
• • •
لم يساهم هو بتعريف ماذا يعنى بخارج السور.. ولكثرة ما كان الطقس ساخنا كجهنم أو ربما هو أو هى لم تتمسك بالسؤال أو بأى شئ آخر محيط بنا.. فقط كوب من أى سائل مبرد حتى يطفئ لهيب هذا الصيف الجهنمى فى كل العالم.. لم يكن هو سعيدا بحديث الأصدقاء المتذمرين من حرارة الصيف، هو القادم من الخليج كما بعضنا الذى لا بد أن ينظر ببعض الاستغراب منهم جميعا عربا وعجما، بيضا وصفرا وبعض السمر من هذا التذمر.. فقد كان هذا الجهنم نصيب أهل الخليج لسنين طويلة وكأن الآخرين ينشرون صور المرح والفرح فى حضن الموج البارد... فجأة أصبحنا جميعا سواسية فى حضن غيض صيف جهنم!
• • •
عاد هو للحديث عن السور من هم خارجه وآخرون داخله والجميع يعيش السؤال «عن أى سور يتحدث هو؟».. فهناك كثير من الأسوار أو ربما لكل امرئ سوره أو حتى جداره.. بعد بعض الضحك والمزح وكثير من الأسئلة المثلجة بدأ هو فى تفسير كيف أنه خارج السور.. قال إن سنوات مرت وهو عازل نفسه أولا خوفا من الكورونا أو تحت تلك الإجراءات التعسفية التى فرضتها حكومات الكون وبعدها فتح الكون أبوابه تدريجيا ثم على مصراعيها.. حتى الآن لم يفهم كثيرون منا ماذا يريد هذا الفيلسوف الكاتب.. قال إن الأسوار كانت هنا قبل الكورونا حتى لا نحمل الجائحة مصائب فوق ما فعلت بنا من كوارث وأكثرها ألما فقدان من نحب دون أن نملك حتى وداعهم.. رحلوا فى أكياس سوداء فيما أكفاننا بيضاء! قال إن الأسوار كانت هناك معنا وربما بداخلنا حتى كشفتها تلك اللحظة التى قيل لنا فيها إن علينا أن ننعزل عن كل الخارج وأن نبقى داخل السور.. ربما هو سور البيت أو تلك الشقة المتواضعة أو الجحر فى حى الفقراء أو حتى سور النفس الداخلى بنا.. ذاك الذى نحمله أينما رحلنا وارتحلنا.. ذاك الذى لا يراه أحد ولكنه يحمينا أو يعزلنا عن الآخرين وليسوا جميعا أعداء أو مغرضين أو فضوليين بل كثيرا ما يكونون أحبة!
• • •
كيف تخلق سورا بينك وبين من تحب؟ سألوه الحاضرون أو ربما المحاور فى تلك المحاضرة الخاصة جدا.. فكان رده بسيطا كالماء «نحن نخلق الأسوار ونحن نزيلها» وحمل رواياته ولوحا بيده مودعا الحضور وهو فى طريقه نحو باب الخروج عندما استوقفه أحدهم أو ربما إحداهن التى امتلكت الجرأة لتقول له ليس من حقك الرحيل دون أن تعطى تفسيرا أوضح لتعبير أن تكون خارج السور أو حتى أن تكون داخله.
• • •
لم يكترث هو لكل الذين استوقفوه ولكن سؤالها وطريقتها المختلفتين دفعتاه للعودة ليس فى ذلك احترام أو تودد لها إنما لكونها استفزته بجرأة لم يعهدها هو الذى كبر على صور لنساء يحبهن جدا ابتداء من أمه حتى شقيقاته وصديقاته، ولكن فى كل الظروف كنا فى رأيه أكثر ضعفا واستكانة من أن يطرحن الأسئلة الحادة أو أن يواجهن رجلا مثله بكل ما حققه من شهرة.. وقف فجأة وقال ووجه نظراته الثاقبة نحوها هى بل ربما كل جوارحه ـ«أنا خارج سور كل البشر» توقف ربما لأخذ نفس أو انتقاء الكلمات أو ربما حتى لا تفهمه بشكل خاطئ «قبل كورونا كان هناك كثيرون خارج سور مجتمعاتهم الصغيرة أو حتى الواسعة وكان آخرون ينعتونهم بكل الصفات منها انطوائى أو مغرور أو معقد وبعد كورونا أصبح الأمر المعتاد أن نكون جزرا».
• • •
هى المراهقة فى الفكر وليس فى العمر لم يعجبها أو لم تكتفِ بالرد فاستوقفته قبل أن يتسرب من اللحظة التى كانت «ولكن كثيرا من الكتاب والمفكرين هم خارج أطر بيئتهم قبل كورونا وبعدها ومنذ المعلقات».. وأنهت جملتها بنصف ابتسامة خبيثة.. رد هو الابتسامة بمثلها أو ربما بكلها وليس نصفها وأنهى الحوار «أنا خارج السور!».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خارج السور خارج السور



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon