توقيت القاهرة المحلي 20:17:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كثرت المحرمات حتى تعبنا

  مصر اليوم -

كثرت المحرمات حتى تعبنا

بقلم - خولة مطر

طالت قائمة الممنوعات العربية لتصل إلى درجات تجعل الرقيب يستقر فى قعر أدمغتنا، فتبدأ الكاتبة أو الكاتب حتى ذاك المشخبط بكتابة سطر ومحى عشرة أسطر حتى يتحول كلامه إلى شىء من الألغاز، أو ربما تفقد كلماته بريقها ومعانيها كبقعة الماء بعد عاصفة ممطرة.
• • •
زمان كان الرقيب هو الحاكم أى النظام بكل أجهزته الأمنية. وكانت الرقابة على كلمات تمس نفس ذاك النظام فقط، أما كل الأمور الأخرى فقل ما تشاء وامضِ! الآن أصبح الرقيب هو كل النظام وليس جهازا واحدا فيه، وكل المجتمع وكثير من العاملين فى الحقل العام المدافعين عن حرية التعبير والمعتقد والجنس وغيرها من الحريات. ذاك فى العلن طبعا وفى خطاباتهم اليومية واجتماعاتهم المكوكية المطولة وخاصة مع المانحين والقادمين من مدن الحريات. هنا يتحول الخطاب إلى ما يشبه الأغانى الممجوجة أو ترديد ما يحب أن يسمعه القادم المحمل بحقائب من مال وعسل!
• • •
كثرت الممنوعات حتى لامست الحديث عن منظمات المجتمع المدنى أو عن تعيين الشباب فى المراكز القيادية والريادية حتى أصبح نقدهم شيئا من المحرمات والممنوعات، وخاف الجمع فاندثر إما ليدافع عنهم أو ركن فى جنب الحائط! يقوم صديقى اليونانى المحاضر فى إحدى الجامعات العريقة بالبحث المعمق فى عمل منظمات المجتمع المدنى الأوروبية وخاصة منها تلك العابرة للحدود والقارات والثقافات وكل الحواجز الأخرى. ويردد فى دراساته أن ما تطالب به تلك المنظمات من شفافية من قبل النظام وتوثيقا ونشرا لكل تفاصيل خططه... إلخ، لا تقوم هى بنفس الشىء ولا تطبقه على نفسها. هو الباحث المتعمق غير الخائف استطاع أن يستقطب كثيرا من الأكاديميين فى جامعات أوروبية للقيام بأبحاث مماثلة والبحث عن كيفية تأثير هذه الجمعيات على التوجهات العامة، ليس فى بلد المنشأ فقط بل فى كل بلدان العالم أو البلاد الجنوبية الواقفة عند كل باب تتلقى الدعم المالى السخى من أجل ما يعرف بالقضايا التنموية السامية!
• • •
أما الشباب فهم أيضا أصابهم ما أصاب منظمات المجتمع المدنى من عطب وتقوم الدنيا ولا تقعد لو قلت عن أحدهم أنه لا يملك المعرفة أو الخبرة أو كيف تم اختياره؟ كما كان حال المرأة فى دولنا «العتيدة» عندما كثر انتقادهم من قبل الدول «الكبرى» والمانحة والمنظمات الدولية بأنهم لا يشاركون النساء فى صناعة القرار. فما كان من حكوماتنا إلا وأن أكثرت من الوجوه النسائية حتى بهتت الصور فتحولت إلى ما يشبه الكريما على وجه الكعكة! بمعنى مزينات ومطيبات للوجبة الحكومية.. انتقل نفس الاتجاه إلى الشباب حتى يفرح بعضهم ويطبل ويكاد يرقص «العرضة» لكثرة الوجوه النسائية والشبابية فى حكومات تبدو جديدة وهى كالزيت القديم فى أوانٍ وقوارير جديدة!
• • •
ألا يبدو مثل هكذا تمجيد لكل امرأة مسئولة أو كل شاب فقط نسبة لجنسها أو عدد سنين عمره/عمرها؟ كلما جاءت حكومة جديدة طبل المطبلون وحملة الأختام الإعلامية لها وهم يرددون بفرح سمج «انظروا عدد النساء» أو «حكومة جديدة شابة» فيكفى أن تكون امرأة أو شابا أو شابة لتصبح قادرا على صنع المعجزات فى نظر «بعضهم» أو ربما هكذا يرش الرماد فى العيون الغارقة فى البحث عن حل ليس «بندولى» مسكنا فقط بعيدا عن الحلول الجذرية الحقيقية لمشاكل تراكمت على مر العصور من حكومات جامدة لم يكن عيبها الوحيد أنها ليست شابة بل كونها بعيدة عن معايير الكفاءة وباقية على معيار الولاء لا غير أو ربما فقط الخنوع وقلة الحيلة!
• • •
أصبح أى شاب قادم بشهادة من جامعة عليا ــ يجب أن تكون أوروبية أو أمريكية طبعا طبعا ــ هو الشاب «السوبرمان» القادر على فعل أى شىء وكل شىء فلا يضر أن يجلس وزيرا للبيئة وهو متخصص فى هندسة البترول أو وزيرا للتجارة وهو صاحب مؤسسات وشركات كبرى أو أو. فلا سؤال عن الكفاءة ولا حتى عن تضارب المصالح!
• • •
أحيانا نتمنى أن يخف الشباب من غرورهم حتى يصبح المتنبى أو أينشتاين مجرد لاعبين صغار بالنسبة لهم وأن تتوقف منظمات المجتمع المدنى عن التصور أنها معصومة من أمراض الأنظمة أو الحكومات أو الشركات الخاصة الكبرى. المجتمعات المريضة لا تخلق بشرا أصحاء وكذلك المنظمات فبعض من التواضع وكثير من المحاسبة والرقابة وتقبل النقد والرحمة للبشر الذين أتقنوا الصمت أو ربما تصوروا أن حديثهم على السوشيال ميديا هو صرخة مدوية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثرت المحرمات حتى تعبنا كثرت المحرمات حتى تعبنا



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon