توقيت القاهرة المحلي 05:23:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كثرت المحرمات حتى تعبنا

  مصر اليوم -

كثرت المحرمات حتى تعبنا

بقلم - خولة مطر

طالت قائمة الممنوعات العربية لتصل إلى درجات تجعل الرقيب يستقر فى قعر أدمغتنا، فتبدأ الكاتبة أو الكاتب حتى ذاك المشخبط بكتابة سطر ومحى عشرة أسطر حتى يتحول كلامه إلى شىء من الألغاز، أو ربما تفقد كلماته بريقها ومعانيها كبقعة الماء بعد عاصفة ممطرة.
• • •
زمان كان الرقيب هو الحاكم أى النظام بكل أجهزته الأمنية. وكانت الرقابة على كلمات تمس نفس ذاك النظام فقط، أما كل الأمور الأخرى فقل ما تشاء وامضِ! الآن أصبح الرقيب هو كل النظام وليس جهازا واحدا فيه، وكل المجتمع وكثير من العاملين فى الحقل العام المدافعين عن حرية التعبير والمعتقد والجنس وغيرها من الحريات. ذاك فى العلن طبعا وفى خطاباتهم اليومية واجتماعاتهم المكوكية المطولة وخاصة مع المانحين والقادمين من مدن الحريات. هنا يتحول الخطاب إلى ما يشبه الأغانى الممجوجة أو ترديد ما يحب أن يسمعه القادم المحمل بحقائب من مال وعسل!
• • •
كثرت الممنوعات حتى لامست الحديث عن منظمات المجتمع المدنى أو عن تعيين الشباب فى المراكز القيادية والريادية حتى أصبح نقدهم شيئا من المحرمات والممنوعات، وخاف الجمع فاندثر إما ليدافع عنهم أو ركن فى جنب الحائط! يقوم صديقى اليونانى المحاضر فى إحدى الجامعات العريقة بالبحث المعمق فى عمل منظمات المجتمع المدنى الأوروبية وخاصة منها تلك العابرة للحدود والقارات والثقافات وكل الحواجز الأخرى. ويردد فى دراساته أن ما تطالب به تلك المنظمات من شفافية من قبل النظام وتوثيقا ونشرا لكل تفاصيل خططه... إلخ، لا تقوم هى بنفس الشىء ولا تطبقه على نفسها. هو الباحث المتعمق غير الخائف استطاع أن يستقطب كثيرا من الأكاديميين فى جامعات أوروبية للقيام بأبحاث مماثلة والبحث عن كيفية تأثير هذه الجمعيات على التوجهات العامة، ليس فى بلد المنشأ فقط بل فى كل بلدان العالم أو البلاد الجنوبية الواقفة عند كل باب تتلقى الدعم المالى السخى من أجل ما يعرف بالقضايا التنموية السامية!
• • •
أما الشباب فهم أيضا أصابهم ما أصاب منظمات المجتمع المدنى من عطب وتقوم الدنيا ولا تقعد لو قلت عن أحدهم أنه لا يملك المعرفة أو الخبرة أو كيف تم اختياره؟ كما كان حال المرأة فى دولنا «العتيدة» عندما كثر انتقادهم من قبل الدول «الكبرى» والمانحة والمنظمات الدولية بأنهم لا يشاركون النساء فى صناعة القرار. فما كان من حكوماتنا إلا وأن أكثرت من الوجوه النسائية حتى بهتت الصور فتحولت إلى ما يشبه الكريما على وجه الكعكة! بمعنى مزينات ومطيبات للوجبة الحكومية.. انتقل نفس الاتجاه إلى الشباب حتى يفرح بعضهم ويطبل ويكاد يرقص «العرضة» لكثرة الوجوه النسائية والشبابية فى حكومات تبدو جديدة وهى كالزيت القديم فى أوانٍ وقوارير جديدة!
• • •
ألا يبدو مثل هكذا تمجيد لكل امرأة مسئولة أو كل شاب فقط نسبة لجنسها أو عدد سنين عمره/عمرها؟ كلما جاءت حكومة جديدة طبل المطبلون وحملة الأختام الإعلامية لها وهم يرددون بفرح سمج «انظروا عدد النساء» أو «حكومة جديدة شابة» فيكفى أن تكون امرأة أو شابا أو شابة لتصبح قادرا على صنع المعجزات فى نظر «بعضهم» أو ربما هكذا يرش الرماد فى العيون الغارقة فى البحث عن حل ليس «بندولى» مسكنا فقط بعيدا عن الحلول الجذرية الحقيقية لمشاكل تراكمت على مر العصور من حكومات جامدة لم يكن عيبها الوحيد أنها ليست شابة بل كونها بعيدة عن معايير الكفاءة وباقية على معيار الولاء لا غير أو ربما فقط الخنوع وقلة الحيلة!
• • •
أصبح أى شاب قادم بشهادة من جامعة عليا ــ يجب أن تكون أوروبية أو أمريكية طبعا طبعا ــ هو الشاب «السوبرمان» القادر على فعل أى شىء وكل شىء فلا يضر أن يجلس وزيرا للبيئة وهو متخصص فى هندسة البترول أو وزيرا للتجارة وهو صاحب مؤسسات وشركات كبرى أو أو. فلا سؤال عن الكفاءة ولا حتى عن تضارب المصالح!
• • •
أحيانا نتمنى أن يخف الشباب من غرورهم حتى يصبح المتنبى أو أينشتاين مجرد لاعبين صغار بالنسبة لهم وأن تتوقف منظمات المجتمع المدنى عن التصور أنها معصومة من أمراض الأنظمة أو الحكومات أو الشركات الخاصة الكبرى. المجتمعات المريضة لا تخلق بشرا أصحاء وكذلك المنظمات فبعض من التواضع وكثير من المحاسبة والرقابة وتقبل النقد والرحمة للبشر الذين أتقنوا الصمت أو ربما تصوروا أن حديثهم على السوشيال ميديا هو صرخة مدوية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كثرت المحرمات حتى تعبنا كثرت المحرمات حتى تعبنا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon