توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكورونا أكثر عدالة منكم!!

  مصر اليوم -

الكورونا أكثر عدالة منكم

بقلم: خولة مطر

تحول المشهد إلى فيلم رعب طويل أو حتى واحد من أفلام الخيال العلمى وشطح الخيال لدى الكثيرين وتسابق البعض لوضع مشاهد قديمة من أحداث لا تمت بصورة إلى هذا الفيروس الذى ساوى بين جميع الدول والمجتمعات تلك المتطورة والنامية، الديمقراطية والتى لا تزال ترزح تحت حكم الفرد الواحد، ولم يفرق أيضا بين الجنسين فتساوى الرجال والنساء ولا حتى بين الأديان والطوائف من «ميلانو» إلى «قم» ومن ولاية «واشنطن» الأمريكية إلى «مدريد» التى أغلقت على نفسها حيث أصبحت المواجهة الأكثر فعالية لمثل هذا الفيروس هى «العزلة الاجتماعية» ومنها عزل المدن وإغلاق الدول بمطاراتها ومعابرها... كل يقول للآخر «الله يحميكم» إلا أولئك الذين لازالوا يعيشوا شيئا من الحقد ونكران المواطنة وطفح كل سواد نفوسهم من عنصرية على السطح فلوثوا شواطئ ذاك البحر من التناغم والتلاحم الاجتماعى الذى ساد مجتمعاتنا مع إخفاقاته وسلبياته ولكن لم يحصل فى تاريخنا الحديث أن تفرقت المجتمعات ليس فقط عندنا ولكن حتى فى أوروبا فطفحت مجارى العنصرية فيها.
***
الأرقام تتغير بالدقائق من هنا وهناك، هى المرة الأولى التى لا تكون فيها أخبارنا مادة دسمة لنشرات الأخبار العالمية والمحلية. الكورونا ذاك الفيروس الصغير تغلب على أخبار النزاعات والحروب والموت المجانى، هو المتربع على العرش ومادة الرعب الأولى.. بعضهم فى تلك المدن «المتحضرة» لم يتحمل نقص المواد فى الأسواق حتى أفرغت من أحشائها، ربما هو درس لنا جميعا، ربما لهم ليعرفوا معنى الجوع والعوز وقلة الحيلة أو حتى أن تحاصر فى بلادك بالجيوش والسفن الحربية والطائرات المتطورة أو حتى بلقمة عيشك.
***
طبعا «اشتغلت» عقول أصحاب نظريات المؤامرة ولكن الأهم هو ما كتبه المختصون والخبراء فى الاقتصاد والسياسة ليرسموا صورة قاتمة لوضع الاقتصاد عالميا وليس فقط فى الدول «المتعثرة»!! «ستجليتس» وهو من أهم من كتب عن العولمة، قال وكمن يُذكّر الجميع بأنه قد كتب الكثير من الأبحاث عن فشل العولمة وربما النظام الاقتصادى الرأسمالى وقبل أن تكثر الاتهامات بأن مثل هذا التحليل يعيد «نوستالجيا» النظام الاشتراكى، فهذا ليس المقصود أبدا. الكثيرون كتبوا عن الحاجة إلى التفكير فى نظام اقتصادى أو هو ربما عقد اجتماعى ــ اقتصادى لا يغفل الشرائح الواسعة فى أى مجتمع ولا يزيد من العوز والفقر فيما قلة تحكم العالم اقتصاديا لتخلق طبقة جديدة ما فوق البرجوازية التى تتواحد على اختلاف عرقها ودينها ولونها وجنسها.
***
ما علاقة النظام الاقتصادى بالكورونا؟ هو التوحش الذى ساد العالم، هو الكسب على حساب البشر والطبيعة حتى انتفضت تلك الطبيعة كما ثارت الشعوب قبلها.. هنا الطبيعة بتفاصيلها تنتقم لمن أساء إليها وإلى كل المخلوقات وربما الطبيعة أكثر عدالة حيث ساوت بين الرؤساء والمشاهير وصناع القرار مع عامة الشعب أو الشعوب.. هى المرة الأولى التى يستطيع أن يقول فيها الفرد لرئيسه أو حاكم البلاد «هل ترى الآن ما معنى أن تقع فى خانة العجز حيث لا يستطيع السلطان والجاه والمال أن ينقذك من ذاك الفيروس الذى يقول العلماء الصينيون إنه وهو يفتك بالبشر بالمئات والآلاف فقد يطور نفسه إلى ما هو أكثر فتكا وقدرة على مقاومة أى لقاح.
***
وفيما وجهت أصابع الاتهام فى المراحل الأولى للصين وإيران ما لبث الفيروس وأن ظهر لهم فى عاصمة الأناقة والأزياء وكل ما تحب أن تقتنيه نفس تلك الشريحة التى ظهرت كالفيروسات هى الأخرى، فى ميلانو حتى جاءت الصور لمدينة أشباح وأوصدت المطارات فى وجه القادمين منها. ما لبثت وأن تبعتها مدن وعواصم دول أوروبية وأمريكية.. الكورونا ليس فيروس عالم ثالث إذن بل هو عابر للقارات والدول والطبقات والأجناس.. هو الأكثر عدالة فى توزيع الموت والألم وفى ذلك عدالة أيضا أليس كذلك؟، فلا ظلم فى المساواة فى الموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكورونا أكثر عدالة منكم الكورونا أكثر عدالة منكم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon