توقيت القاهرة المحلي 19:21:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضوء من تحت الأنقاض

  مصر اليوم -

ضوء من تحت الأنقاض

بقلم: خولة مطر

هى تردد وهم يجلسون بأعين تلمع بدمعها وبعض ما تبقى من بريق حسن وجمال... كثيرون مثلها ومثلهم يلهثون فى الزحام اليومى، يبحثون عن بقعة ضوء وإن لم يجدوها اتجهوا للنكات. قديما كانوا وكنا نقول إن المصريين هم فقط أصحاب النكتة والآن كثرت النكبات على العرب فتحولوا جميعا إلى صناعة الفكاهة وبالطبع يحاولون الالتحاق بركب المصريين الأكثر خفة دم فى الكون كله رغم أوجاعهم..
***
كل يبحث عن أمل، حتى ذاك الذى راح يجهز حقائب سفره ويغلف أثاث منزله ليخزنه، حتى هو يعرف أن المدينة التى سيرحل لها قد لا تكون هى من سيعيد له ولعائلته الحياة.. كثرت صور المودعين والمغادرين وآخرين باقين ربما بإرادتهم كجزء من صمود اعتادوا أن يرافق سنين عمرهم وآخرين لانعدام الفرص.. نشرة الأخبار المسائية تحمل صور الفارين عبر البحر، أولئك الذين تصطادهم الأمواج العالية أو تفترسهم الكورونا أو ربما فقط خفر سواحل بلد جار لا يتحمل مزيدا من الباحثين عن فرص حياة فى زمن الموت المجانى إذا لم تلبس الكمامة أو تتخذ احتياطاتك أو لم تلتزم بيتك حد الكآبة..
***
كانت البهجة سيرة أيامهم وكثيرا ما كانوا يحسدون عليها «فمن أين يأتون بكل هذا الفرح»؟؟؟ الآن هم من يبحثون بين أنقاض بيوتهم عن صورة أو ذكرى يتعلقون بها أو يورثونها لأبنائهم أو ربما أحفادهم.. كان فى هذه المدينة كثير من الموسيقى والرقص وقمة الجمال.. تبقى هى بعد كل ما أصابها ربما بكمادات هنا وهناك وبتشوهات عسى أن لا تبقى كما هى حال بعض مخلفات حربها الأهلية الأخيرة!!!! تبقى مدينة الجمال المعتق فى شوارع مر بها كثيرون من أبناء المنطقة.. بعضهم كان هاربا من زنزانة مكتظة تنتظره ليس لسبب إلا لكلمة كتبها أو نطق بها قبل أن تكثر وسائل التواصل وتتحول إلى منصات لنشر الكراهية والحقد بدلا عن المعرفة.. وآخرون زحفوا لها لمعرفتهم بكونها حرة لا تستعبد، مدينة لكل الأحبة والأحرار ومحبى الشعر والثقافة والسياسة أيضا. المقاهى التى كانت تكتظ بهم وأصوات نقاشاتهم المحتدة وأكواب القهوة نهارا ومشروبات أخرى مساء وليلا.. لا يخافون العسس ولا المتنصتين الجالسين هنا وهناك لتسجيل أنفاسهم.. بيروت كانت رئة يتنفس منها كثير من شباب وشابات تلك الأيام.. لا تزال تتمسك بكونها رئة العرب رغم كل ما عمل بها..
***
هى الأخرى كما هو راحت تردد سرقوا كل شىء «كل شىء، بيوتنا، وظائفنا، استقرارنا، عيوننا، صحتنا، شوهوا وجوهنا بزجاج انفجارهم.. سرقوا حتى ضحكتنا».. كما هو هناك كثير من اللبنانيين واللبنانيات يصنعون البسمة من عمق الكآبة، يمسكون بأيدى بعضهم البعض رغم التباعد الاجتماعى ويغزلون المرح وسط سحابة من السواد غطت المدينة، يرقصون على وجعهم ويخبئون آلامهم يولعون شمعة علها تحميهم من القادم المجهول أو تنير عتمة أيامهم..
***
يتفاءلون بمكالمة ويغزلون شعر تلك الشابة القادمة من مدن الملح، التى عبرت المطارات غير مبالية بذاك الفيروس العابر للقارات، ولا تخويف البعض وتهويل الآخرين.. جاءت لتزرع ابتسامة هنا وبذرة أمل هناك وتقول لهم بأنكم لستم وحدكم كثيرون هناك ربما يبدو أنهم بعيدون ولكنهم يترقبون أن يتحول أى نفس تحت الأنقاض إلى حياة ويأملون أن يرسلوا لكم ما يستطيعون وهو أضعف الإيمان!!!
***
هى التى عاشت معهم لحظاتهم، آلامهم وأوجاعهم لم تكن تلك المرة الأولى لها، فقلبها يبقى مع أطفال بيروت والشام والقاهرة ورام الله.. ومدن عربية أخرى وحّدها الوجع على تنوعاته.. راحت تمسح الزجاج عن وجوههم، أعادت لهم بسمة كانوا قد تصوروا أنها من بقايا الماضى.. هم المنكوبون جدلوا ضفائرها وجلسوا ملتصقين بها يكررون الأسئلة والضحكات ويرسمون أحلامهم فوق الورق الأبيض كقلبها وقلوبهم..
***
ألم تقل الرائعة فيروز «إيه فى أمل» وهى الأكثر صدقا منذ أن رددت إلى فلسطين خذونى معكم وكأنها تحكى ما هو مخزون فى قلوبهم كلهم..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضوء من تحت الأنقاض ضوء من تحت الأنقاض



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon