توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل بعنا لهم الوهم؟

  مصر اليوم -

هل بعنا لهم الوهم

بقلم: خولة مطر

يحدثونك كثيرا وبعبارات وكلمات مختلفة وهى فى مجملها تشبه تدحرج الأحلام من فوق سفح جبل شاهق.. كلها تمر عبر ما كنا نتمنى أن ندرس فى تلك الجامعة وأن نتخصص فى هذا المجال أو ذاك وأن نعمل هنا وهناك بين ضفاف وصحارى بلداننا أو فى بقاع الأرض؛ حيث أنين الإنسان لا يصمته إلا أصوات رجالات تحكم بشعارات رنانة وكلمات متماشية مع القاموس الحديث للضحك على العقول!
***
هم شابات وشباب لا تعرفهم ولكنهم يبحثون عمن يستمع لهم، وهم يتحسسون طريقا تصوروا أن شهاداتهم وطموحاتهم وشغفهم بالمادة التى تخصصوا فيها ستكون كافية لتفرشه بكثير من ورد الربيع «البمبى».. يكثرون من الأسئلة مع بعض الخجل.. يخافون أن يطلقوا أحكامهم على اللحظة حتى لا تثبت تلك التهمة عليهم وهى أنهم جيل «مدلل»!! يتساءلون هل كانت مهنة الطب هكذا والمحاماة وحتى العمل الإنسانى والمنظمات الدولية «هل كانت هى كذلك عندما درسنا قيمها ومثلها؟»، وإذا كانت فما الذى حدث أم أنكم «كذبتم» علينا؟ جيل كثير الأسئلة، قالوا ونحن أوطان تكره السؤال، بل ربما تسجن من يكثر من الأسئلة الحرجة، ويناطح المقولات المكررة والمنقوشة فى الصفحات الأولى من جرائدنا الباهتة.
***
هم مجموعة من الشباب والشابات من أدنى الأرض لأقصاها، أخذوا من العلم ما استطاعوا إليه سبيلا وتصوروا أنهم جاهزون لدخول حياة قد تحقق بعضا من طموحاتهم وأحلامهم.. هم جيل لا يشبه بعضه بل يتناقض معه.. بعضهم وصل سريعا تحت شعار «تمكين الشباب» ونهاية زمن «المحنطين» فى المناصب وهؤلاء هم وهن من ربما تصوروا أن المنصب يصنع إنسانا ويجعل منه «بنى آدم».. هم تعلموا من بعض أولئك المحنطين أن الوصول هو بالتسلق والجرى فوق أجساد الآخرين والكذب والنفاق والتملق وكراهية الرأى الآخر ولم تعلمهم الجامعات الأوروبية والأمريكية العريقة فن تقبل الآخر واحترام الآراء والتواضع.
***
انقسم الشباب والشابات على أنفسهم وراح الحالمون هائمين فى بقاع الأرض يبحثون عن مساحة تشبههم أو تحقق بعضا مما حلموا به، وآخرون تربعوا سريعا على قائمة «تمكين الشباب» الشعار الرنان الذى فى كثير منه يشبه ذاك الذى انتشر فى مرحلة سابقة عن «تمكين النساء» فطعمت بعض المناصب العليا بوجوه نسائية «استكمالا» للصورة المنمقة.. والشباب والشابات اليوم، أو بعض من وصل منهم، هم أكثر خطورة من تلك الظاهرة التجميلية التى حصلت للنساء العربيات.. هم اليوم يتصورون أنهم الأكثر وعيا، فهما، معرفة، وأن كل الماضى كان مجرد هباء بتربع كبار السن الذين هم أصحاب الخبرة أيضا ولكن هذه الأخيرة لم تعد مهمة أبدا فى زمن شعار «الشباب قادمون فافتحوا الأبواب».
***
أما تلك الحالمة فهى تحفر فى الصخر ليلا ونهارا وتنبش الأوراق وتقرأ التاريخ بحذافيره وتبحث عن الأخطاء لتتفادها وتبتعد عنها، بينما تعلم أنه من المهم أن تمزج معرفتها وعلمها المتطور بالخبرة التى تراكمت على مر السنين.. هذه قليل ما تجد مساحة لها لأنها أيضا تكثر الأسئلة ولا تعمل حسب شعار «سمعا وطاعة» ولا تؤمن بأن كل ما يلمع ذهبا، فكثير منه ما هو إلا بريق يبهر العين فقط و«يزغللها»!
***
انقسم جيلهم كما لم ينقسم جيل قبله، وبقى بعضهم مستعدا لتقديم كل شيء حتى راحته الشخصية وسبل سعادته للوصول إلى حلمه فى مهنة ووظيفة أو عمل يخدم فيه مجتمعه وناسه وبلده.
***
هذه تركت عملها فى المحاماة؛ لأنها تصورت عندما درست فى تلك الجامعة العريقة والمعروفة بتميزها فى مجال الحقوق، حلمت أنها ستعود لتنصر الحق ضد الظلم أو أن تقف مع المظلومين أو فيما وجدت نفسها تدافع عن الشركات الكبرى ورجال الأعمال عابرى الحدود والقارات.. وذاك الذى درس الطب ليشفى المرضى هو الآخر قال إن أبواب المستشفيات أوصدت فى أوجه المحتاجين حتى توفى الكثيرون عندها فلم يعد هو قادر على تحمل المشهد.. أما من تخصصت فى الصحافة لتصاب بحالة من الاكتئاب نتيجة انقراض الصحافة والإعلام فى أوطاننا وتحولها إلى واجهات لجهة واحدة لا حرية للرأى ولا للتعبير ولا الرأى والرأى الآخر ولا صوت الناس الذى تزينت به تلك الجريدة العريقة يوما ما حتى أوصدت أبوابها وانتشر كتابها بحثًا عن لقمة العيش ليس إلا.
***
انقسم الشباب والشابات اليوم بين هذا وذاك وفى الحالتين تبدو الخسارة الكبرى هى للجميع وأولها الوطن الذى هو الأكثر احتياجا لتلك المعرفة وذاك الشغف الذى راح يخبو كضوء الشمعة فى آخر ليلة مظلمة.. هى فشل آخر يضاف إلى قائمة ما فشلنا فيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بعنا لهم الوهم هل بعنا لهم الوهم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon