بقلم: خولة مطر
عبر تغريدته أعلن أنه لن يقضى ليلته تلك لمعرفة نتائج الانتخابات الأمريكية.. تبعه كثيرون بالتعليق وإضافة ماذا سيفعلون ليلتها، أحدهم كتب أنه سيشاهد برنامجا وثائقيا وأخرى سجلت هناك فيلما على نتفلكس لم أشاهده، وثالثة فضلت فيلما عربيا قديما أبيض وأسود وردت عليها صديقتها أفضل أفلام إسماعيل ياسين أو فؤاد المهندس أو عبدالمنعم إبراهيم وآخرين كثر رحلوا وكانوا ولا يزالون سببا للحظات من الضحك تسرق بين تنهيدة وأخرى...
***
تنوعت ردود فعل الجالسين هنا فى منطقتنا حول الانتخابات، من ذاك الذى تجرأ وكتب أنه لن يتعب عينيه بسهرة لمعرفة من كسب أو ربما من خسر، إلى من حاول أن يثبت أنه على دراية ومعرفة بتفاصيل الانتخابات وكيف تجرى فى الولايات المتحدة وحتى راح يحلل كيفية التصويت عبر البريد وكيفية فرز الأصوات فى الدوائر الانتخابية وما أهمية ولاية مثل نيفادا إلخ إلخ.. وهؤلاء كثر حتى أن شاشات التلفزة العربية فاضت بهم، كل تحت مسمى خبير ولم تستطع أى من تلك المحطات ولا وسائل الإعلام المختلفة فى أى بلد عربى أن تبتعد بنقلها للحدث عن موقفها السياسى الممجوج وربط الفوز بانعكاسات على هذا البلد وذاك أو هذا الحاكم والآخر!!!
***
وللإنصاف فالإعلام الأمريكى لم يكن محايدا فقد سقطت كذبة الحياد التى روجوا هم لها ولم يعد يرددها إلا كثير من إعلاميينا الذين جمعتهم السماجة والبلادة المتناهية حتى هرب منهم العارفون وحافظوا على مشاهدين إما تائهين فى ظلمات المرحلة أو الباحثين عن بصيص أمل أو آخرين فقط للتسلية والترفيه.. أليسوا جميعا أقرب للمهرجين من الإعلاميين..؟؟؟
***
تفضح نهارات انتخاباتهم ليالى خيبتنا نحن وقلة معرفتنا أو ادعاءنا بمعرفة ما لا نعرفه ونشرنا لثقافة الجهل والتسطيح والبلاهة المتناهية فى العتمة.. لذلك فأكثرنا ذكاء ومحافظة على صحته/ صحتها العقلية والنفسية هم من قرروا أن مشاهدة «ناشونال جيوجرافيك» أفضل من متابعة عدد الأصوات وقرأت تغريدات ترامب المتتالية إلى جانب تهديداته..
***
بعض «المحليين العرب» أحب أن يتحفنا باستعراض مفهوم الديمقراطية العريقة رغم أن عمر الولايات المتحدة لا يصل إلى ربع تاريخ وطنه العريق. وآخرون، عرب هم بعضهم مقيم هناك وآخرون هنا، أخذوا مواقف حادة وتمادوا فى الدفاع عنها حتى تصورنا أنهم على استعداد أن ينظموا لتلك الفرق من المواطنين الأمريكيين البيض الذين حملوا كمية من الأسلحة ونزلوا إلى الشوارع مهددين ومستعرضين قوتهم فى مشهد لا يشبه إلا مشاهد الميليشيات المنتشرة بيننا وحولنا... مرعب أن تكون مبيعات الأسلحة الأكبر خلال أشهر الانتخابات أو التحضير لها والأكثر إثارة هو أن كثيرين من الساهرين فى ذاك المساء لم يجدوا فى تصريحات تلك الفئة ما يثير الفحص والبحث بل مروا عليه مرور الكرام ربما لأنهم اعتادوا المشهد هنا حتى تخيلوا أنه طبيعى جدا أو كما يردد بعضنا «عادى، عادى»..!!!
***
تلاصق مصيرنا هناك بـ «أم العواصم» حتى أصبحنا حائرين بين متابعة تنبؤات العرافين هنا أو نتائج التصويت هناك فالاثنان قادرون على تحديد مستقبلنا، بل مستقبل كل هذه المنطقة من محيطها إلى خليجها.. وهنا كثر المنجمون من محللين سياسيين إلى قارئى الفناجين وضاربى الودع..
***
هو اليأس أو سواد اللحظة التى تجعل الملايين هنا متعلقين بهناك بحثا عن شباك أمل قادم أقل قسوة. فالحاكم هناك أقدر على منحهم ذلك من من يقرر مصيرهم هنا، أو لأن كل محاولاتهم فى المشاركة فى القرار هنا رحلت كما شباب المنطقة إلى مدن بفضاءات أوسع بين ليلة ونهار أيضا.. فى العتمة تباع الأوهام كالعلكة وهذا ما يحدث الآن هنا، حيث الوهم تغلفه مذيعة متفزلكة لا تفقه فى دوائر صنع القرار هناك وتكابر فى الادعاء وقارئ ومطلع على السياسة الأمريكية فقط لكونه يسكن بالقرب من البيت الأبيض فى «أم العواصم»!!!
***
الأكيد حتما أن ليلنا كان وسيبقى أطول من نهاراتهم وحينما أدركهم الصباح عادوا للاستكانة فى بيوتهم فيما بقى كثيرون هنا فى خيامهم حتى لو كانت على شكل منزل!!!